من هو النبي الذي طلب منه قومه أن ينزل مائدة من السماء وما هي قصة سورة المائدة، قد أيد الله سبحانه وتعالى الانبياء والرسل بالعديد من البينات والمعجزات كي تكون لهم دليل وبينة في رسالتهم وهي دعوة وإرشاد الناس إلى التوحيد وعبادة الله الواحد الأحد، وسوف نتعرف من خلال هذا المقال على النبي الذي طلب منه قومه مائدة من السماء وما هي صفات المائدة وعقوبة من كفر منهم.
من هو النبي الذي طلب منه قومه أن ينزل مائدة من السماء
النبي الذي طلب منه قومه أن ينزل مائدة من السماء هو نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام، ونستدل من ذلك ما جاء في القرآن الكريم في سورة المائدة: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّـهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. وقد جاء طلب قوم سيدنا عيسى إنزال مائدة من السماء بعد ما أيده الله بالعديد من المعجزات التي عجزت عقولهم عن استيعابها ومنها إبراء المرضى من الأمراض المستعصية مثل الأكمة والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله سبحانه وتعالى.
قد آمن به من قومه البعض وكفر البعض الأخر وقد قالوا أنه ليس بني بل هو ساحر والشاهد على ذلك مت جاء في سورة المائدة وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ}
من هم القوم الذين طلبوا من نبي الله عيسى عليه السلام أن ينزل مائدة من السماء
قوم سيدنا عيسي هو الحواريون وهو ينتمون إلى بني إسرائيل الذين آمنوا به وقد جاء ذلك في القرآن الكريم في سوره آل عمران: {وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[3]، ثم في سورة المائدة الآية (111) {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ}[4]، وقوله تبارك وتعالى في سورة آل عمران الآية (52) {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّـهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّـهِ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.
ما هو سبب تسمية سورة المائدة بهذا الاسم
قد اختلف الفقهاء حول السبب في تسمية سورة المائدة بهذا الاسم وتباينت الآراء حول أسباب تسمية سور القرآن الكريم بهذا الاسم المعروفة به، فقد قال البعض منهم أن أسماء السور هي أسماء توفيقية وذلك حسب ما ثبت في دراسة السنة النبوية الشريفة، لكن البعض الآخر قد قال أنها اجتهاد من قبل الصحابة والسلف الصالح وقد استدلوا على ذلك أن هناك بعض السور تحمل أكثر من اسم مثل الفاتحة والتي يطلق عليها أم الكتاب، الشافية، الكافية، السبع المثاني وأم القرآن.
أما عن سبب سورة المائدة فقد صرح الكثيرين أن السبب هو قصة الحواريين مع سيدنا عيسى عليه السلام وطلبهم منه أن ينزل الله عليهم مائدة من السماء وقد ذكرت هذه القصة في آخر سورة المائدة.
ما هي قصة المائدة التي طلب قوم نبي الله عيسى أن ينزلها من السماء
قد أرسل الله نبيه عيسى عليه السلام إلى بني اسرائيل وذلك من أجل أن يرشدهم إلى عبادة الله الواحد الآحد ويعلمهم طرق التوحيد والعبادة الصحيحة وذلك بعد أن ضلوا وعاثوا في الأرض فسادًا.
قد أيد الله سيدنا عيسي بالكثير من المعجزات لم يجعلها في يد غيره من الآنبياء حتى تكون له حجة وبرهان قوي في الدعوة، فآمن من بين اسرائيل نفر به وهم الحواريون وكفر به آخرون كما جاء في صورة الصف الآية الرابعة عشر قوله تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّـهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّـهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّـهِ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ}
انطلق الحواريون من عيسى من أجل أن يتعلمون منه ما علمه الله لهم حتى تكون العبادة صحيحة وقد كانوا يجادلون، ثم سؤاله هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء، وقد أجابهم سيدنا عيسي بأن يرجعوا إلى رشدهم وينتهوا عما هم فيه ولا ينبغي أن يشككوا في قدرة الله عز وجل، لكنه قد دعا ربه أن ينزل عليهم مائدة من السماء حتى تؤيد دعوته وتمت المعجزة.
هل انزل الله مائدة من السماء على قوم عيسى
نعم أنزل الله مائدة من السماء على قوم سيدنا عيسي بعد أن دعا ربه بقلب سليم أن ينزل الله عليه مائدة وقد جاء ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}.
وقد استجاب الله سبحانه وتعالى لدعوة النبي حتى تكون شاهد وحجج قوية تثبت قدرة الله ونبوة سيدنا عيسي.
لماذا طلب الحواريون من عيسى أن ينزل مائدة من السماء
قد وضح القرآن الكريم سبب طلب الحواريون قوم سيدنا عيسي عليه السلام نزول مائدة من السماء عليهم وقد جاء ذلك في الآية 113 من سورة المائدة بقوله تعالى: {قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ}
وقد تم تفسير هذه الآية أن الحواريون قد أرادوا أن يأكلوا من هذه المائدة من أجل أن تطمئن قلوبهم وتسكن لرؤيتها ومن أجل أن يتأكدوا من صدق نبوة عيسى عليه السلام، حتى يكونوا شاهدين على هذه المعجزة التي أنزلها الله سبحانه وتعالى حجة وبرهان قوي عليهم من أجل أن يؤمنوا و يوحدوا الله القادر الواحد الأحد، وقد كانت دليل دامغ على صدق نبوة نبي الله عيسى بن مريم.
ما هي صفات المائدة التي نزلت من السماء على الحواريين
قد جاء وصف المائدة التي نزلت على الحواريون فيما ورد من أحاديث عن الرسول صل الله عليه وسلم وأنها قد احتوت على اللحم والخبز، وفي الحديث الشريف الذي روي من قبل جرير وابن حاتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {نزلتِ المائدةُ منَ السَّماءِ خبزٌ ولحمٌ وأمِروا ألا يدّخِروا لغدٍ ولا يخونوا فخانوا وادّخروا فمسِخوا قردةً وخنازيرًا}
وقد أمروا بأن يأكلوا كل المائدة دون أن يقوموا بتخبئة شيء منها حتى لا يعاقبوا، لكنهم خانوا وقد كان عقاب الله لهم شديد.
ما هي عقوبة من كفر من الحواريين بعد نزول المائدة من السماء
بالرغم من كثرة المعجزات والحجج والبراهين التي أيد الله بها نبي الله عيسي بن مريم أمام قومه حتى يؤمنوا برسالته، إلا أنهم قد استمروا في طلب المعجزات وقد طلب منه أن ينزل الله مائدة من السماء وهو طلب لم يطلبه أي قوم من قبل، وبالفعل دعا عيسى ربه وأنزل عليهم مائدة من السماء وقد حذر كل من كفر بأن له عذاب شديد وفي الآية الكريمة {قَالَ اللَّـهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ}
قد فسرت الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى سوف ينزل مائدة من السماء، لكن إذا جحد القوم وأنكروا النبوة عيسي فأن الله سوف ينزل عليه عذاب شديد لم يسبق أن عذبه لأي من العالمين.
قد قيل أن المائدة كانت تنزل كل يوم ويأكل منها الناس وقيل أنه أكل منها سبعة الآف شخص، ثم أمر الله أن تقتصر المائدة على الفقراء دون الأغنياء لكن الأمر شق عليهم وقد تكلم المنافقين في هذا الأمر لهذا رفعت المائدة، وقد مسخ الله المنافقين لخنازير وجعلهم في الدرك الأسفل من النار.