ما المراد بيوم الفصل ؟ جاءت جملة يوم الفصل في أكثر من موضع بأكثر من سورة في القرآن الكريم، ولعل أبرز السور القرآنية التي من خلالها يتم طرح تساؤلات عن يوم الفصل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث الإلكترونية هي الآية رقم 17 من سورة النبأ، حيث يقول الله تبارك وتعالى: “إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا”، ولعلنا نتناول من خلال الموسوعة الإجابة على السؤال الذي قمنا بطرحه في بداية هذه المقدمة، بالإضافة إلى الوصول للآيات القرآنية التي ورد من خلالها جملة يوم الفصل.
ما المراد بيوم الفصل
كما ذكرنا في المقدمة السابقة من هذا المحتوى أن عبارة يوم الفصل ظهرت في أكثر من موضع في القرآن الكريم، فما هو إذن المراد بيوم الفصل.
- إن يَوْمَ الفَصْلِ في سورة الدخان المراد به: يوم القيامة والحساب، والمراد بيَوْمَ الفَصْل في سورة النبأ: يوم القيامة للفصل بين الخلائق.
- المتعارف عليه في معاجم وقواميس اللغة العربية وفي علم تفسير القرآن الكريم أن يوم الفصل هو يوم القيامة.
- ولكن يوم الفصل جاء في القرآن الكريم بأكثر من موضع وكل موضع له دلالات مختلفة على حسب سياق الآية القرآنية والمعنى المراد منها.
- فيوم الفصل جاء في الآية رقم 17 من سورة النبأ، في قوله تعالى: “إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا”، وكما ذكرنا أن المراد منه يوم القيامة للفصل بين الخلائق.
- وجاء يوم الفصل في الآية رقم 40 من سورة الدخان، في قوله تعالى: “إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ”، وهنا كان المراد منه يوم القيامة والحساب.
تفسير آية إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا من سورة النبأ
جاءت في الآية رقم 17 من سورة النبأ، في قوله تعالى: “إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا”، ولعلنا نتناول تفسير تلك الآية من خلال النقاط التالية.
- جاء يوم الفصل في آية السابقة بمعنى يوم القيامة للفصل بين الخلائق، فيذكر الله جل جلاله يوم الفصل بإنه مؤقت بأجل معدود، لا يزاد عليه ولا ينقص منه، ولا يَعلم وقتَه على التعيين إلا الله، وهذا ما نستدل عليه من قوله تعالى في الآية رقم 104 : 108 من سورة هود:
- “وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلا لأجَلٍ مَعْدُودٍ * يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ”.
- والجدير بالذكر أن يوم الفصل سمي بهذا الاسم في موضع هذه الآية وغيرها من الآيات دلالة على أن هذا اليوم يُفصل فيه بين الخلائق، ومن خلاله يفصل الله بينهم من حيث اختلافاتهم في درجات العبادة.
- أما عن قوله تبارك وتعالى “كان ميقاتا”، فذهب ابن كثير ليقول أنه: (مؤقت بأجل معدود لا يزاد عليه ولا ينقص منه، ولا يَعلم وقته على التعيين إلا الله).
- أما ابن جرير ذهب إلى أنع ميقاتاً لحساب الكافرين والمكذبين بوجود الله وبرسله وجزائهم وعذابهم في يوم الفصل.
- كما ذهبت مجموعة أخرى من أهل العلم إلى أن كا ميقاتا تشير إلى التوقيت، أي آخر الدنيا وبداية الآخرة السرمدية.
- وذهب آخرون إلى أن إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا دلالة على توقيت نهاية الخلائق.
- والجدير بالذكر أن يوم الفصل مؤقتا لا يتغير معاده، ولا يعلم هذا الموعد إلا الله تبارك وتعالى، ولكن على أية حال فهو توقيت آخر الدنيا.
ما هي نتيجة يوم الفصل
نجد نتيجة يوم الفصل في الآيات ما بعده الآية السابقة، فيقول الله تبارك وتعالى في الآية رقم 17 : 30 من سورة النبأ:
- “إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً * يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً * وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً * إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً * لِلطَّاغِينَ مَآباً * لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً * لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً * إِلا حَمِيماً وَغَسَّاقاً * جَزَاءً وِفَاقاً * إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَاباً * وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً * وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً * فَذُوقُوا فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلا عَذَاباً”.
- نستدل على نتيجة يوم الفصل من بعد الآية الأولى، وتحديدا من الآية 18 : 30، وأول نتيجة ليوم الفصل هي يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً.
- حيث قال عنها ابن جرير: يعني تأتي كل أمة مع رسولها، كما جاء في قوله تعالى بالآية 31 من سورة الإسراء: “يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ”.
- وهذا ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما بين النفختين أربعون) قالوا: أربعون يوماً؟ قال: “أبَيْتُ”، قالوا: أربعون شهراً؟ قال: “أبيتُ”، قالوا: أربعون سنة؟ قال: “أبيتُ”، قال: (ثم يُنزلُ الله من السماء ماء فينبتُونَ كما ينبتُ البقلُ، ليس من الإنسان شيءٌ إلا يَبلَى، إلا عظماً واحداً، وهو عَجْبُ الذنَب، ومنه يُرَكَّبُ الخَلْقُ يومَ القيامة).
- وذهب البعض إلى أن هذه النفخة يموت فيها جميع الخلائق إلا من شاء الله، وهناك أيضا نفخة ثانية، ومن خلالها هي يبعثون.
- والنتيجة الثانية هي (وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً): ومعناها أن السماء فتحت مسالك لنزول الملائكة.
- والنتيجة الثالثة هي (وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً) ومعناها أن الجبال تكون للرائي لا شيء، وتزول تماما، فلا عين ولا أثر.
- أما النتيجة الرابعة وهي (إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً) حيث تكون جهنم في الميقات مُرصَدة مُعَدّة للكافرين والمكذبين، و (لِلطَّاغِينَ مَآباً) أي أن جهنم تكون لكل من خالف وكذب الرسل مصيرا.
- (لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً) فكل من دخل جهنم سيمكث فيها مدة طويلة من الزمن، وهي الحقب.
- ويذوقون في جهنم كل ما هو بمعنى العذاب، ولا يجدون فيها ما يشربونه ليكون بردا على قلوبها، ولا يستطيعون النوم فيها، وكل ما يجدونه هو ما يخرج من أهل النار ويسيل منهم نتن.
- وهذا هو جزاء كفرهم وتكذيبهم للرسل الذين كانوا لا يعتقدونه حقيقة، والآيات والعلامات ومعجزات الرسل التي كذبونها.
- فكل ما قاموا بيه من إثم يعلمه الله وكتبه الملائكة لهم وعليهم، وآخر نتيجة لميقات يوم الفصل على الكافرين والمكذبين أنهم لا يذوقون إلا العذاب الأليم.
تفسير آية يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ من سورة الدخان
- ومن أجل ذلك فيقول جل جلاله لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم .
- على أن يكون الفصل بين الخلائق من حيث : يكون فريق في الجنة وفريق في جهنم وبئس المصير.
الآيات القرآنية التي ورد فيها يوم الفصل
لن يقتصر مجيء عبارة يوم الفصل في سورة النبأ وسورة الدخان فقط، بل إنها جاءت في آيات قرآنية أخرى، ومنها:
- الآية رقم 17 من سورة النبأ: “إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا”.
- الآية رقم 40 من سورة الدخان: “إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ”.
- الآية رقم 38 من سورة المرسلات: “هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ”.
- الآية رقم 21 من سورة الصافات: “هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ”.
المصادر
- (1)
- (2)