هل حرم الإسلام الخمر بهدف بناء شخصية المسلم وحمايته في جسمه وعقله وماله ؟ كان هذا السؤال واحد من أهم الأسئلة التي قد تم طرحها علي منصات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث في الآونة الأخيرة، خصوصا وأنه كما نعلم جميعا فإن الخمر أحد المحرمات التي حرمها الله عز وجل، وأورد لنا نصا صريح في كتابه الكريم حول تحريمها.
بالإضافة إلى أن حبيبنا رسول الله صل الله عليه وسلم، قد نهانا عن شرب الخمر، فحاله كحال وأد البنات، ولعب الميسر، فالجدير بالذكر هو أنه في حالة بحثنا في الأشياء التي قد حرمها الله علينا، سواء كانت من الخمر أو لعب الميسر أو حتي القتل أو أكل لحم الخنزير، وغيرها من الأشياء التي قد حرمها الله تعالي علي عبداه المسلمين، فنجد بأن سبب التحريم يعود في نهاية الأمر إلى الضرر الكبير الذي يمكن للشيء المحرم أن يسببه للإنسان، أي أن هذا التحريم لم يأتي من فراغ.
وبناءا علي هذا فقد تساءل الكثيرون حول سبب تحريم الخمر، خصوصا وأنه كما هو متعارف عليه فإن الخمر قد تم تحريمه علي مراحل، أي أنه لم يأتي أمرا مفصلا مرة واحدة، مما أدي إلى تزايد التساؤلات التي دارت حول الخمر، ولذلك فستحمل طيات السطور التالية كافة المعلومات الممكنة حول تحريم الخمر، ومراحل تحريمه، والسبب في ذلك، موضحين إجابة السؤال المذكور أعلاه تحديدا، وذلك من خلال مقالنا عبر موسوعة .
حرم الإسلام الخمر بهدف بناء شخصية المسلم وحمايته في جسمه وعقله وماله
يعد الخمر واحد من أشهر مذهبات العقول التي قد عرفها الإنسان منذ قديم الزمان، فنجد أنه منذ العصور الجاهلية، نجد أن فطاحل الشعراء كانوا يبدئون قصائدهم بوصف الخمر، كما كان يبدأ البعض الأخر بوصف الناقة والبكاء علي الأطلال، كان الكثيرون يبدؤون نصوصهم بوصف الخمر، وهذا نظرا لكون أن الخمر كان واحد من أهم أشكال الحياة القديمة، ولهذا فحينما أمر الله تعالي بتحريم الخمر، قد قام بتحريمه علي عدة مراحل، وهذا نظرا لكون أن أهل الجزيرة العربية حينها، كانوا يحبون الخمر بطريقة لا توصف، فكان شربهم للخمر وصل لأن يكون أكثر من شربهم للمياه، ولهذا فقد تساءل الكثيرون حول سبب تحريم الخمر، وما هي مراحل تحرميه، وغيرها من التساؤلات التي حامت حول مسألة الخمر، ولهذا ففيما يلي سرده سنتعرف علي كافة المعلومات المتعلقة بمسألة تحريم الخمر، إلا أننا سنبدأ حديثنا بإجابة ما إذا كان من الصحيح أن الله تعالي قد حرم الخمر من أجل بناء شخصية المسلم بطريقة سلمية وحماية عقله وجسده والحفاظ علي ماله أم لا.
- تعد العبارة السابقة صحيحة بشكل كلي، فقد حرم الله تعالي شرب الخمر لحماية عقل المسلم وجسده وماله، ولبناء شخصية سوية، فكنا قد أوضحنا بأن كافة الأشياء التي قد حرمها الله تعالي علي الإنسان في حالة بحثنا عن سبب التحريم، فسنجد بأنه في صالح العبد، فالله ييسر الأمور علي عباده ولا يعسرها.
- فقد جاء الإسلام وتعالميه بهدف القضاء علي كافة معالم الجاهلية وأفكارها وعاداتها السيئة، والتي كان من أهمهم شرب الخمر، بجانب الكفر بالله بالطبع ولعب الميسر ووأد الإناث وغيرها من المعالم الجاهلية الأخري.
- فجاءت تعاليم الدين الإسلامي، لتضيف الحياة للعالم الجاهلي، وتعطي النور لظلامة الحياة الجاهلية، فقد أعطي الإسلام للمرأة قيمتها وحريتها، وحافظ علي حقوق العباد والأيتام، ومنع التمييز والعنصرية القائمة علي اللون والعرق وغيرها.
سلك القرآن طرائق في تحريم الخمر بالتدرج رتب هذه الطرائق
كنا قد أشارنا فيما سبق ذكره إلى أن الله تعالي لم يأمر العباد بالامتناع عن شرب الخمر بشكل مباشر أو مفاجئ، وإنما مرت عملية تحريم الخمر ببعض المراحل، وهذا بسبب تعلق سكان شبه الجزيرة العربية حينها بالخمر ولكثرة حبهم له، وبناءا علي هذا فستحمل طيات السطور التالية مراحل تحريم الخمر علي المسلمين.
مرحلة تأثيم شارب الخمر
- المرحلة الأولي: وهي في إخطار الله تعالي لعباده المؤمنين حول حكمه في شرب الخمر وشاربه، فنجد بأن الله تعالي قد أنزل في كتابه الكريم آيات تشير إلى أن شرب الخمر يعد أحد الآثام التي قد يقع فيها العباد.
- خصوصا وأن الخمر يعد من مذهبات العقل والتفكير والإدراك، مما قد يقود العبد لفعل المعاصي والكبائر والذنوب دون إدراكه، بجانب إحداثه للعديد من المشاكل الاجتماعية، في حين أنه في ذات الوقت يشكل منفع كبير جدا للمتاجرين فيه، إلا أن النفع القادم من هذا الذنب لا ينفع صحابه كما قال الله تعالي في سورة البقرة في الآية رقم 219.
- ” يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا “.
مرحلة النهي عن الصلاة في حالة شرب الخمر
- المرحلة الثانية : ففي المرحلة الأولي قد بين الله تعالي أن شرب الخمر آثم صريح لشاربه، ومن ثم قد أتجه إلى مخاطبة نفوس العباد المؤمنة، فقد نهي الله تعالي عباده عن الصلاة والوقوف في حضرته بينما هم سكاري.
- وبناءا علي هذا فسيمتنع عن شرب الخمر كل من يحرص علي إقامة فروض الله تعالي، طمعة ورغبة في أن يتقبل الله منه صلاته، خصوصا وأن نظرا لكون أن الخمر من مذهبات العقل، فسيكون الخمر عائقا أمام المصلي ليصل لمرحلة الخشوع وحضور القلب.
- وبناءا علي هذا فقد قال الله تعالي في كتابه الكريم في سورة النساء في الآية رقم 43.
- ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ “.
مرحلة تحريم شرب الخمر
- المرحلة الثالثة : المرحلة الأخيرة من مراحل تحريم الخمر، وفي هذه المرحلة قد نهي الله تعالي عن شرب الخمر بشكل نهائي، مبينا بأنه أحد أعمال الشيطان، فمن الأصلح أن نجتنبه، والجدير بالذكر هو أنه وفقا لما أورده علماء اللغة فالاجتناب أشد منعا من التحريم.
- وهذا نظرا لكون أن الاجتناب يشير إلى عدم الاقتراب من الخمر بأي شكل من الأشكال كان، سواء كان كشرب أو كتجارة أو غيره، وبالفعل بعد نزول هذه الآية قد بدء المسلمون بكسر أواني الخمر، حتي أنه كان من بينهم من كان يشرب الخمر حينها، إلا أنه من شدة إيمانهم قد امتنعوا عن شربه كاسرين كافة أواني الخمر التي لديهم.
- حيث أن الله تعالي في كتابه الكريم يقول في الآية رقم 90 من سورة المائدة ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” .
- بالإضافة إلى قول الله تعالي في كتابه الكريم بسورة الحشر في الآية السابعة ” وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا “، فقد روي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صل الله عليه وسلم فيما يخص مسألة الخمر وتحريمه ” لعن اللهُ الخمرَ وشاربَها وساقِيَها وبائعَها ومبتاعَها وعاصرَها ومعتَصِرَها وحاملَها والمحمولةَ إليه “.
أكثر الأعضاء تضررا من شرب الخمر
كنا قد أشارنا إلى أن كل ما يحرمه الله علي الإنسان، يكون فيه ما هو ضررا له، ومن بينهم الخمر، فبجانب كون انه من مذهبات العقل والإدراك ومشوشات التفكير، فيعد الخمر واحد من أكثر المواد التي من شأنها التأثير بالسلب علي جسد الإنسان، وبناءا علي هذا فسنسرد فيما يلي ذكره أكثر الأعضاء تأثرا بالخمر.
- يعد عضو الكبد هو أكثر الأعضاء تأثرا بشرب الخمر وأضراره، والجدير بالذكر هو أن الكبد يعد أكثر أعضاء الجسم أهمية بعد القلب والعقل، وهذا لما له من دور حيوي كبير جدا لا يمكن العيش بدونه، والذي يتمثل في تخليص الجسم من السموم، بجانب قيامه بما يزيد عن تسعين وظيفية حيوية أخري داخل جسم الإنسان.
- فيعمل الخمر علي إصابة الكبد بالعديد من الأمراض والمشاكل الصحية، وبناءا علي هذا ففيما يلي سنعمل علي سرد أهم المشاكل التي ينتجها شرب الخمر، علي الكبد وعلي الجسم بشكل عام فيما يلي ذكره.
- يصيب الخمر الكبد بالدهن الكحولي.
- بالإضافة إلى الإصابة بالتهابات الكبد الكحولي.
- علاوة عن الإصابة بالتلييف الكبدي.
- ويصيب الجسم بفقدان الوزن دون الحاجة.
- كما أنه يجعل الجسم يقوم بتقيؤ الدم.
- زيادة عن إصابة الجسم بالإرهاق والضعف الكلي، والارتباك والرغبة الملحة في النوم بشكل مستمر ودائم.
والجدير بالذكر هو أن ما قد سبق ذكره من أضرار للخمر، ما هي إلا جزء بسيط من نتائج شربه، وفي حالة تمعنا في أمر الله تعالي بتحريم شرب الخمر، نجد بأن الفائز الوحيد من هذا الأمر بتحريم شرب الخمر، هو عبد الله، فهو يحافظ علي ماله وصحته وسلامة عقله وشخصيته.
المراجع
- 1
- 2