بعد إعلان فرنسا وحلفائها سحب قواتهم من مالي.. الوجود العسكري يهيمن على القمة الأفريقية الأوروبية في بروكسل

بدأ القادة الأوروبيون والأفارقة ببروكسل قمة بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي من أجل “إعادة صياغة العلاقة” وخوض التحديات المشتركة، وذلك بعد ساعات من إعلان فرنسا وحلفائها رسميا الانسحاب عسكريا من مالي.
European Union - African Union Summit in Brussels
قادة أوروبيون وأفارقة في قمة اليوم الخميس في بروكسل (الأناضول)

بدأ القادة الأوروبيون والأفارقة اليوم الخميس في بروكسل قمة بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي من أجل “إعادة صياغة العلاقة” وخوض التحديات المشتركة، وذلك بعد ساعات من إعلان فرنسا وحلفائها رسميا الانسحاب عسكريا من مالي.

وإثر لقاء قصير بين الدول الأوروبية حول التوترات على حدود أوكرانيا، التقى 40 من قادة الدول الـ55 الأعضاء في الاتحاد الأفريقي نظراءهم في الاتحاد الأوروبي لتحديد هذه الشراكة الجديدة القائمة على “التبادل والتقاسم”.

وقال الرئيس السنغالي والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي ماكي سال -الذي قدم المساهمة الأفريقية في شكل 8 مقترحات- إن “أفريقيا تشهد تغييرا، لقد تغيرت كثيرا”.

وأضاف أن هناك حاجة “تتجاوز مجرد تحديث للبرنامج، نقترح أن نثبت معا برنامجا جديدا يتكيف مع التغييرات الجارية”.

وفي رده على تصريح سال، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “علينا إعادة صياغة العلاقة”. وأوضح أن القمة ستتبنى إعلانا مشتركا ترافقه قائمة من المشاريع الملموسة، أحدها مجموعة من الأقمار الصناعية التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لتوسيع الوصول إلى الإنترنت في أفريقيا.

من جهته، شدد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال على أن “أوروبا بحاجة إلى أفريقيا مستقرة وآمنة ومزدهرة”. وحذر من أن “عدم الاستقرار والانقلابات تهدد التنمية”.

وكان الاتحاد الأفريقي قد علق عضوية مالي وبوركينا فاسو وغينيا والسودان بعد أن شهدت انقلابات عسكرية.

واعتبر الرئيس السنغالي ماكي سال أن “مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل لا يمكن أن تكون من شأن الدول الأفريقية وحدها”، معربا في الآن نفسه عن تفهمه للقرار الفرنسي بالانسحاب من مالي.

وبعد إعلان القرار الفرنسي، كشف مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن التكتل سيتحقق “في الأيام المقبلة” مما إذا كانت الشروط والضمانات مستوفاة في مالي لمهمتي التدريب العسكري والشرطي.

إلقاء اللوم على “الفرقاء الجدد”

وأكد بوريل أن عدم الاستقرار في القارة الأفريقية يدفعه أيضا “الفرقاء الجدد” الصينيون والروس “الذين تختلف أساليبهم وأجنداتهم اختلافا كبيرا عن أساليبنا وأجنداتنا”.

وقال مسؤول أوروبي إن تحركات مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية الخاصة في العديد من البلدان الأفريقية بقيادة رجال مقربين من الكرملين، -وهو ما تنفيه موسكو- “هي مثال على جهود زعزعة الاستقرار التي تبذلها روسيا في مناطق مهمة بالنسبة للاتحاد الأوروبي”.

وقال ماكرون إن هؤلاء المرتزقة “أتوا خصوصا لضمان مصالحهم الاقتصادية ومصالح المجلس العسكري” في مالي.

وتشهد القارة السمراء الغنية بالمواد الخام صراع نفوذ بين القوى العظمى ومن بينها فرنسا والصين وروسيا.

وعود أوروبية

وقالت مصادر في بروكسل إن “أفريقيا محط طموحات ويمكن أن تختار شركاءها”، موضحة أن الاتحاد الأوروبي يريد أن تكون الشراكة التي يقترحها “مبتكرة” و”تحترم” الدول الأفريقية.

ويؤكد الأوروبيون بعد انتقادهم من منظمات غير حكومية أنه “لا سبيل لاستبعاد مواضيع سيادة القانون وحقوق الإنسان”.

ومكافحة وباء كوفيد-19 هي أولوية أخرى، إذ لم يتلق سوى 11% من سكان القارة لقاحا كاملا ضد كورونا.

وقد منح الاتحاد الأوروبي 150 مليون لقاح لأفريقيا وسيواصل هذه الجهود، كما سيدعم إنشاء مراكز إنتاج لقاحات في السنغال ورواندا وغانا وجنوب أفريقيا.

ويريد الأوروبيون أيضا مراجعة دعمهم المالي، ويعتزمون تنفيذ إستراتيجية استثمار شاملة بقيمة 150 مليار يورو على مدى 7 سنوات “لمساعدة المشاريع المطلوبة والتي ينفذها الأفارقة من أجل تغيير اقتصاداتهم”.

وأوضح الرئيس الفرنسي أنه “يجب مراجعة النهج.. إذا أخفقت القارة الأفريقية، فإن أوروبا ستكون أول من يتضرر”.

ويعتبر المناخ والطاقة أيضا من أولويات الأفارقة، وقال وافيل رامكالاوان رئيس سيشل “بصفتي من دولة جزرية متأثرة بشكل مباشر، أريد أن يؤخذ تغير المناخ وهشاشتنا في الاعتبار”.

من جهته، قال ماكي سال إن أفريقيا “ليست مسؤولة عن الاحترار المناخي”.

ورغم دفاعه عن استخدام الوقود الأحفوري، دعا إلى “مواكبة خلال فترة انتقالية.. تجعل من الممكن توفير الكهرباء لنحو 600 مليون أفريقي لا يمتلكونها بعد”، أي حوالي نصف سكان القارة.

مالي تبدي انفتاحها على تعاون ثنائي

من جهة أخرى، اقترحت مالي اليوم الخميس على الدول الأوروبية المنضوية في قوة “تاكوبا” مواصلة التعاون معها بشكل ثنائي، وفق بيان للجيش المالي، غداة إعلان فرنسا انسحابها العسكري من هذه الدولة المضطربة في الساحل الأفريقي.

وعرض وزيرا الخارجية عبد الله ديوب والدفاع الكولونيل ساديو كامارا هذه الفكرة على السفراء الأوروبيين خلال اجتماع عُقد في العاصمة المالية باماكو.

ونقل عن ديوب قوله إن “جميع الشركاء الراغبين بالتعاون مع مالي في بسط الأمن في البلاد (…) مرحب بهم”.

وتدهورت العلاقات بين باريس وباماكو بشكل حاد عقب استيلاء الجيش المالي على السلطة في انقلاب عسكري عام 2020، ثم تجاهله لاحقا الدعوات لإعادة الحكم المدني على وجه السرعة.

ومن المقرر أن يؤدي الانسحاب الفرنسي أيضا إلى مغادرة قوة “تاكوبا” الأوروبية المؤلفة من قوات خاصة أوروبية والتي أنشئت عام 2020.

ونُقل عن ديوب قوله اليوم للسفراء الأوروبيين إن “مالي لا تزال جاهزة أمام التبادلات” التي يجب أن تكون ثنائية على قوله.

ولفت البيان إلى إنه يتعين على الدول الأوروبية أن يكون لديها “بعد نظر” في الخلاف الدبلوماسي بين مالي وفرنسا.

وتصاعد نشاط الجماعات الإسلامية المسلحة في مالي عام 2012 قبل أن يتمدد إلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين، حيث أدى هذا النزاع الدامي إلى مقتل آلاف الجنود والمدنيين وتشريد نحو مليوني شخص على الرغم من وجود القوات الأجنبية.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *