تصعيد في شرق أوكرانيا.. الانفصاليون يبدؤون عمليات إجلاء واسعة وواشنطن ترصد حشدا عسكريا روسيا ضخما

بدأ الانفصاليون إجلاء المدنيين من إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، وحذرت واشنطن من أن يكون التصعيد بالإقليم جزءا من خطة روسية لتبرير الهجوم، كما تحدث مسؤول أميركي عن حشود عسكرية ضخمة قرب حدود أوكرانيا.
People board buses arranged to evacuate local residents, in the rebel-controlled city of Donetsk, Ukraine February 18, 2022. REUTERS/Alexander Ermochenko
حافلات تستعد لنقل المدنيين من مدينة دونيتسك إلى روسيا (رويترز)

بدأ الانفصاليون الموالون لروسيا إجلاء المدنيين من إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، وحذرت واشنطن من أن يكون التصعيد في الإقليم جزءا من خطة روسية لتبرير الهجوم، كما تحدث مسؤول أميركي عن حشود عسكرية ضخمة قرب حدود أوكرانيا.

وفي شريط مصور، قال دنيس بوشيلين الذي يدير “جمهورية دونيتسك الشعبية” الموالية لروسيا: “اليوم، تنظم عملية مغادرة كبيرة ومركزة للسكان نحو روسيا الاتحادية، وفي الدرجة الأولى يجب إجلاء الأطفال والنساء والمسنين”.

وتوقع بوشيلين أن يعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قريبا أوامره بشن هجوم عسكري على إقليم دونباس.

وقال ليونيد باسيتشنيك الذي يرأس بدوره “جمهورية لوغانسك الشعبية” الموالية لروسيا، في بيان، “بهدف تجنب سقوط ضحايا في صفوف المدنيين، أدعو سكان الجمهورية… إلى المغادرة في أقرب وقت نحو أراضي روسيا الاتحادية”.

وأعلن المسؤولان الانفصاليان أن الجيش الأوكراني يستعد لشن هجوم، بهدف غزو مناطقهم الواقعة في إقليم دونباس الأوكراني.

وأفادت رويترز بأن الانفصاليين يعتزمون إجلاء نحو 700 ألف نسمة من إقليم دونباس إلى روسيا.

وأعلنت سلطات مقاطعة روستوف الروسية حالة التأهب القصوى بسبب إجلاء المدنيين إليها.

من جهته، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمنح 10 آلاف روبل (نحو 114 يورو) لكل شخص يتم إجلاؤه من تلك المناطق.

كما أمر بوتين وزير الطوارئ بالتوجه إلى منطقة روستوف جنوب شرق روسيا، لتوفير متطلبات الإعاشة وتقديم وجبات ساخنة والرعاية الطبية لمن يتم إجلاؤهم.

ونشرت وسائل إعلام روسية مقاطع فيديو قالت إنها لبدء عملية الإجلاء من دونيتسك باتجاه روسيا، حيث أظهرت تجمع عشرات العائلات بانتظار ركوب الحافلات.

وذكر موقع أكسيوس الأميركي أن البيانات الرقمية تؤكد أن الفيديو الذي نشره الانفصاليون للإجلاء قد تم تسجيله قبل يومين.

وفي المقابل، أكد مسؤول أمني أوكراني أن الحكومة مستعدة لاستقبال الأهالي الفارين من دونباس.

وفي تعليقه على التطورات، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن التصعيد الذي يشهده إقليم دونباس جزء من خطوات روسية لتبرير “العدوان” على أوكرانيا.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية في ميونخ -التي تستضيف مؤتمرا بشأن الأمن- إن “استخدام بشر كبيادق بهدف صرف انتباه العالم عن قيام روسيا بتعزيز قواتها بغية (شن) هجوم، هو أمر قاس ومعيب”.

Ukrainian army holds drills in Ukraine
جندي أوكراني يتدرب على إطلاق صاروخ مضاد للدبابات اليوم الجمعة (رويترز)

انفجار وقصف متبادل

من جهة أخرى، أفادت وكالة ريا نوفوستي بوقوع انفجار ضخم قرب مقر حكومي وسط مدينة دونيتسك شرقي أوكرانيا مساء اليوم.

كما نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن السلطات الانفصالية في شرق أوكرانيا، أن انفجار سيارة وقع بالقرب من مبنى حكومتهم في دونيتسك، من دون وقوع إصابات.

وسبق أن ذكرت رويترز أن صافرات الإنذار دوت وسط إقليم دونيتسك شرقي أوكرانيا قبل ساعات.

Specialists inspect a wreckage of a car that according to the local authorities was blown up in Donetsk
انفجار سيارة قرب مبنى الحكومة الانفصالية في دونيتسك (رويترز)

واتهم الانفصاليون في منطقتي لوغانسك ودونيتسك القوات الأوكرانية بخرق اتفاق وقف إطلاق النار 24 مرة خلال يوم واحد، وذلك في بلدتي ستراتونافاتوف وكراسنو بارتيزانا، ومناطق عدة على أطراف دونيتسك.

وقالوا إن القصف تسبب في إغلاق الطريق الرئيسي بين مدينتي دونيتسك وغورولفكا مؤقتا.

وفي المقابل، قال الجيش الأوكراني إن الانفصاليين خرقوا وقف إطلاق النار 25 مرة صباح اليوم الجمعة، من دون أن يسفر ذلك عن وقوع خسائر بشرية.

وقال مسؤول أمني أوكراني “لا علاقة لنا بأعمال العنف في مناطق سيطرة الانفصاليين، وهي محاولة لاستفزاز قواتنا لكي ترد”.

وأضاف “ناشدنا فرنسا وألمانيا تعزيز مهمة المراقبة التي تقوم بها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا”.

وكان الجيش الأوكراني أعلن -في وقت سابق- إصابة جندييْن و5 مدنيين بجروح في قصف للانفصاليين طال -أمس الخميس- بلدات على خط المواجهة، وأصاب أحدها روضة أطفال، مؤكدا أن الانفصاليين استخدموا أسلحة محظورة بموجب اتفاق مينسك.

وفي السياق نفسه، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا “ننفي بشكل قاطع التقارير الروسية المضللة بشأن قيام أوكرانيا بعمليات هجومية مزعومة”.

استبعاد الغزو الواسع

وقال مجلس الأمن القومي الأوكراني -اليوم الجمعة- إنه لا يرى أي بوادر لعملية واسعة النطاق من جانب روسيا، وإن الاستفزازات الروسية هدفها جر أوكرانيا إلى رد عسكري قوي، مشيرا إلى ضرورة تحلي كييف بضبط النفس.

من جانبه، قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف إن احتمال تصعيد واسع النطاق لا يزال منخفضا.

وفي كلمة أمام البرلمان، أشار إلى أن أوكرانيا لا تؤكد انسحاب القوات الروسية من الحدود الأوكرانية، مقدرا أعداد هذه القوات بنحو 149 ألف جندي، مع احتمال ازدياد العدد.

وتوقع الوزير أن تدخل 3 سفن حربية روسية البحر الأسود قريبا مع دخول المناورات الروسية البيلاروسية مرحلتها النشطة هذه الأيام، التي تأتي في إطار اختبار الجاهزية القتالية لقوات الرد السريع لكلا البلدين.

وقال السفير الأميركي لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن روسيا حشدت ما بين 169 ألفا و190 ألف جندي في أوكرانيا وقرب حدودها، مضيفا أن حشد قوات روسيا هو الأكبر في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

المناورات الروسية

في غضون ذلك، أعلنت روسيا اليوم الجمعة أنها ستجري تدريبات نووية تحت إشراف الرئيس فلاديمير بوتين غدا، وهي مناورات لقواتها الإستراتيجية لإطلاق صواريخ باليستية وكروز، على وجه الخصوص.

ونفى الكرملين -في بيان- أن تكون “التدريبات النووية الروسية” مؤججة للتوترات مع الغرب، قائلا إن المناورات العسكرية جزء من عملية تدريب روتينية تتسم بالشفافية.

بدورها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن تصريحات كبار المسؤولين الأميركيين بشأن غزو روسي لأوكرانيا تشير إلى فشل المخابرات الأميركية.

وأضافت زاخاروفا أن إشارات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، والمتحدة باسم البيت الأبيض جين ساكي، والمتحدث باسم الخارجية نيد برايس، وبقية فريق الدعاية للحرب المستندة لبيانات المخابرات الأميركية، تشهد على فشلها، وفق تعبير زاخاروفا.

وتساءلت المتحدثة الروسية أيضا عن الطرف الذي ينشر المعلومات المزيفة في البيت الأبيض، وفق قولها.

U.S. Defense Secretary Austin meets with Polish Defence Minister Blaszczak in Warsaw
وزير الدفاع الأميركي (يسار) ونظيره البولندي في وارسو (رويترز)

الموقف الأميركي

ومن العاصمة البولندية وارسو، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن كل المؤشرات التي لديه تفيد بأنه قد يكون هناك هجوم روسي على أوكرانيا في أي وقت، مشيرا إلى أن مزيدا من القوات الروسية تتحرك باتجاه الحدود، وأن الاستعدادات هناك تشبه التحضير لهجوم.

وأضاف أنه لا دليل لدى بلاده على أن روسيا قد سحبت قوات لها من الحدود مع أوكرانيا، مشددا على ضرورة وجود ردع جماعي ضد موسكو، وأن واشنطن ستستخدم كل ما هو متاح لدعم شركائها.

وبدوره، قال وزير الدفاع البولندي ماريوش بلاشتاك، بعد محادثات أجراها مع أوستن، إن بلاده سنكون جاهزة لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين، في حال غزت روسيا أوكرانيا.

ورأى الوزير البولندي أن الرئيس الروسي يحاول إعادة بناء الإمبراطورية الروسية، وأن أفضل رد فعل على التهديدات الروسية هو عدم الانجرار وراءها، مؤكدا تعويل وارسو على السبل الدبلوماسية لحل الأزمة.

وفي سياق متصل، أصدرت الحكومة الهولندية بيانا اليوم الجمعة جاء فيه “نخطط لإرسال تجهيزات عسكرية إلى أوكرانيا تشمل بنادق وذخائر وأجهزة رادار وكاشفات ألغام”.

كما نقلت رويترز عن مسؤول غربي كبير -اشترط عدم الكشف عن هويته- أن الحشد العسكري الروسي حول أوكرانيا مستمر، وأنه لا توجد مؤشرات على حدوث انسحاب، معتبرا أن روسيا مستعدة للتحرك في أي وقت إذا اختارت ذلك.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين أن الغزو الروسي لأوكرانيا وشيك، وأن موسكو ستستخدم الدبابات والطائرات والهجمات السيبرانية.

وأضافوا أن روسيا تسعى لجعل القيادة الأوكرانية عاجزة عبر هجوم متعدد الوسائل، وأن احتمالات تجنب الحرب في أوكرانيا ما زالت غير واضحة.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *