‘);
}
ماهية النظرية الوضعية
تعرف النظرية الوضعية أو الفلسفة الوضعية بأنها قسم من أقسام نظرية المعرفة، وهي تستند على أنّ المعرفة الحقيقية هي المعرفة والبيانات المستمدة من التجربة الحسية والمعالجات المنطقية والرياضية لها، وفي العموم تعد النظرية الوضعية من أهم النظريات الحديثة التي أسست لعلم الاجتماع، وهي بالأصل نظرية فلسفية قامت كرد فعل على النظريات الميتافيزيقية، وبناءً عليها استقل علم الاجتماع، وأصبح علمًا مستقلًا، يقوم على أسس منهجية محددة، تعتمد على الملاحظة والتجربة، وماهية النظرية الوضعية تقوم على الأسس التالية:[١]
مناهضة اللاهوت والميتافيزيقا
من المعروف في تاريخ الفلسفة أن الميتافيزيقا تشكل أساس البحث الفلسفي، وأساسها الأفكار التي تؤسس للوجود، وتندرج ضمن مبحث الأنطولوجيا، فنشأت الفلسفة الوضعية في العصر الحديث للتأكيد على أن المنهجية المتبعة في علم الاجتماع والفلسفة الاجتماعية والسياسية لا تستند إلى مقولات ميتافيزيقية ولاهوتية، وكل ما لا يخضع للمنهج العلمي، لا يمكن من خلاله التأسيس للمعرفة العلمية.[١]
‘);
}
الاستناد إلى المنهج العلمي
إن المنهج العلمي يعتمد على الملاحظة والتجربة كمقولات أساسية، فالعلم هو المعرفة المنظمة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال الحواس، وتجدر الإشارة إلى الصراع الذي دار بين الفلاسفة في العصر الحديث، وباعتبار الفلسفة الوضعية إبستمولوجيا الفلسفة المعاصرة فإن الفلسفة الحديثة انقسمت إلى تيارين رئيسيين، وهما كالآتي:[٢]
- التيار التجريبي
يعد جون لوك من رواده، فقد أقر بعدم وجود أي معرفة قبلية، فالعقل بالنسبة لجون لوك كالصفحة البيضاء، والمعرفة تتشكل لاحقًا، وهاجم لوك نظرية الأفكار الفطرية عند ديكارت، أو نظرية المثل عند أفلاطون، ويوجد تقارب شديد بين الفلسفة الوضعية والتيار التجريبي، فكلتا الفلسفتين تتميز بطابع علمي يستند إلى العالم المادي والتفاعل الحاصل معه، وكلتاهما انتقدهما التفكير الميتافيزيقي.
- التيار العقلاني
وهو التيار المناهض للتيار التجريبي، أسسه الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت، واعتمد فيه على العقل كمصدر رئيسي للمعرفة، وتوصل من خلال الفكر والحدس إلى الكوجيتو الذي أثبت من خلاله وجود ذات تفكر، والكوجيتو هو “أنا أفكر إذن أنا موجود”، وبالكوجيتو تأسست الذات في الخطاب الفلسفي الحداثي، إلا أن الوضعيين لم يأخذوا بالأفكار التي جاء بها الفلاسفة الميتافيزيقيون.
أوغست كونت (Auguste Comte)
هو مؤسس النظرية الوضعية، ولد في عام 1798 في فرنسا، وتعود أصوله إلى أسرة كاثوليكية، اهتم في البداية بالفلسفة الكلاسيكية، ودرس مونتسكيو ولابلاس، وفي أواخر عمره صاغ النظرية الوضعية بشكلها النهائي وتوصل إلى قانون الحالات الثلاث التي مرت بها البشرية، وخلاصة هذا القانون هي:[٣]
- المرحلة الأولى
تسمى المرحلة اللاهوتية، وهي بداية نشأة الفكر الإنساني، الذي تميز بالطابع الديني، وسعى من خلاله الفلاسفة إلى معرفة الأسباب الأولى للوجود، وبحثوا في الأسباب الخفية، والقوى الكامنة وراء الوجود.
- المرحلة الثانية
تسمى المرحلة الميتافيزيقية، وهي أكثر تعقيدًا من المرحلة الأولى، وفيها تطور الفكر البشري، فقد تميز بالتجريد، والابتعاد عن الواقع.
- المرحلة الثالثة
وهي المرحلة العلمية، وتتميز بالطابع العلمي؛ فدراسة الظاهرة الإنسانية والاجتماعية خضعت للتجربة، دون اللجوء إلى تأملات محضة، وتنظر الفلسفة الوضعية للوجود على أنه خاضع لقوانين علمية تضبط حركته.
المراجع
- ^أبإلهام فتحي شاهين ، الفلسفة الوضعية عند أوغست كونت وأسباب ظهورها، صفحة 647-650 . بتصرّف.
- ↑“الفلسفة الحديثة: عوامل نشأتها وخصائصها العامة”، الحوار المتمدن ، اطّلع عليه بتاريخ 20/2/2022. بتصرّف.
- ↑“أوغست كونت “، مؤمنون للدراسات ، اطّلع عليه بتاريخ 20/2/2022. بتصرّف.