حدث في مثل هذا الأسبوع(7 – 13 صفر)

حدث في مثل هذا الأسبوع7 - 13 صفر وفاة العلامة الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي 8 صفر 1363هـ 1944م العلامة الشيخ محمد حبيب الله الجكني الشنقيطي تاج العلماء في عصره كان من أعلام أهل الحديث رواية ودراية ماهرا في علم القراءات وتوجيهاتها وله اليد الطولى في علم النحو والصرف وكان يحفظ الصحيحين بأسانيدهما ومتونهما كان آية..

حدث في مثل هذا الأسبوع(7 - 13 صفر)

وفاة العلامة الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي 8 صفر 1363هـ (1944م)
العلامة الشيخ محمد حبيب الله الجكني الشنقيطي تاج العلماء في عصره، كان من أعلام أهل الحديث رواية ودراية، ماهرا في علم القراءات وتوجيهاتها وله اليد الطولى في علم النحو والصرف وكان يحفظ الصحيحين بأسانيدهما ومتونهما.
كان آية في حفظ المتون واستحضارها عند التدريس والإفتاء، سريع النظم، شجاعا في الحق لا يداهن في دينه ولا يساوم في قناعاته.
هاجر من بلده موريتانيا بعد استيلاء المستعمر عليها، إلى الحرمين الشريفين، وفى طريق هجرته أقام بضع سنين في المغرب ناشرا للعلم ما بين تدريس وتأليف وإفتاء، ثم قدم الحرمين، واستقر ردحا من الزمن مدرسا بهما فأقبل عليه طلاب العلم من مختلف الأقطار الإسلامية، ثم أخرج من هناك إلى مصر فلقي الحفاوة البالغة والتبجيل واختير مدرسا بكلية أصول الدين بالأزهر الشريف، وأخذ عنه من طلاب العلم مالا يحصى، شهد له العلماء الأجلاء في الأزهر وغيره بقوة الحفظ وغزارة العلم والاستقامة والجرأة في قول الحق، واعتبره المصريون في عصره هو الذي انتهت إليه رئاسة الحديث وعلم القراءات وكان في مصر هو النموذج الأمثل لعلماء المحاضر الشنقيطية التي عرف عنها في المشرق الإسلامي أنها خرجت أجيالا من العلماء الحفاظ الذين يحملون العلم معهم في الحل والترحال صدورهم خزائن لكل ما طالعوه أو درسوه.
ترك في شنقيط والحجاز ومصر من التلاميذ والتآليف المطبوعة والمخطوطة ما يدون اسمه في سجل الخالدين.
كان رحمه الله تعالى على فقره سخيا كريما يقصده الناس خصوصا من أهل شنقيط فكان بيته مفتوحا على الدوام، وكان يسعى في قضاء حوائج الغرباء وكان يحب الصالحين وأهل العلم، وكان عابدا لا يترك التهجد ليلا، يمثل العلماء العاملين.
ولادته ونشأته:
اسمه: محمد حبيب الله بن عبد الله بن أحمد المشهور بـ “ما يابى” (لكرمه وسخائه) بن عبد الله بن محمد الطالب الشنقيطي الجكنى نسبة لقبيلة “جاكان” إحدى القبائل العلمية بالقطر الشنقيطي.
ولد سنة 1295هـ الموافق 1878 م في قرية “تِكـبَ” التي تقع في الحوض الغربي من موريتانيا ونشأ في أسرة لها عناية بالعلم، ثُمَّ إن سكانَ القرية بايعوا والد المترجم وأقام فيها ما يشبه حكومة شرعية وازدهرت في أيامه، وقد رزقه الله من الأولاد الذكور ثَمانيةَ عَشَرَ أكثرُهُم عُلَماء .
وقد كان محمد حبيب الله من أصغرِهِم سِنّاً ، ونَشَأ بينَ إخوتِه النبلاء وأساتذته الأجلاء ، فتعلم القرآن مع رسْمِه وتَجويده على الشيخ محمد الأمين بن محمود بن الحبيب الجكني وذلك برواية ورش عن نافع ثم لازم الشيخ أحمد بن أحمد بن الهادي اللمتوني نسباً الشنقيطي إقليماً فقرأ عليه في النحو والصرف والبلاغة والعروض والقوافي وكثير من كتب الفقه المالكي وتخرج به في هذه الفنون ثم لما توفي شيخه المذكور انتقل للقراءة على أخي شيخه واسمه المختار بن أحمد بن الهادي حيث تعلم منه القضاء وفنونا أخرى حتى صار متبحرا في كل علم وفن .
ثُم كان الشيخ مِنْ أول مَن هاجر مِن عُلَماء تلك البلاد هو وإخوته وبعضُ أبناء عمه بعد احتلال فرنسا لبلاد شنقيط، ومن إخوته: الشيخ محمد الخضر مفتي المالكية بالمدينة المنورة، والشيخ محمد العاقب دفين فاس رحمه الله، و الشيخ محمد تقي الله دفين المدينة المنورة رحمه الله، فهاجروا حتى وصلوا بلاد مراكش وفاس، فاشتغل المترجم بقراءة علم المنطق ودرس علم الحديث والأصول حتى تحصل على المراد من ذلك، مع الإقبال على التآليف ما بين منظوم ومنثور.
ثم حصل بينه وبين سلطان المغرب، في ذلك الوقت السلطان عبد الحفيظ، معرفة وصحبة. فطلب منه السلطان الإقامة معه ببلدة طنجة رغبة في أخذ العلم عنه فأقام بها مدة.
ثم هاجر منها إلى المدينة المنورة فتوطنها. ثم إن السلطان المذكور قدم إلى الحجاز للحج سنة 1331هـ فرافقه في حجه وزيارته، ثم سافر معه إلى القدس والخليل. ثم رجع السلطان وبقي الشيخ بعد ذلك في المدينة المنورة أربع سنين ودرَّس بالمسجد النبوي الشريف، ثم حضر إلى مكة المشرفة وأقام بها ثمانية أعوام يدرس بالمسجد الحرام وفي المدرسة الصولتية ناشراً للعلم تدريساً وتاليفاً، وكان منزله مفتوحًا لطالبي العلم، وانتفع به عدد من علماء الحرمين الشريفين، ولازمه الشيخ محمد طاهر الكردي الخطاط وكاتب مصحف مكة المكرمة.
ثم إنه بتاريخ 27 جمادى الأولى 1345هـ، 2 ديسمبر 1926 م، هاجر إلى مصر بعد إخراجه من الحجاز، ودرّس الحديث في الأزهر الشريف، ثم ندبته مشيخة الأزهر لتأليف كتاب يضم ما اتفق عليه البخاري ومسلم فعكف على ذلك عشر سنوات ونيفا، واختارته مشيخة الأزهر كذلك مدرسا بتخصص كلية أصول الدين وعضوًا في بعض اللجان العلمية.
وكان يلقي الدروس بمسجد الإمام الحسين وخاصة في شهر رمضان المبارك.
وكان يكثر في الحاضرين لدروسه كبار الأساتذة والعلماء في الأزهر والجامعة المصرية، وقضى بقية عمره بالقاهرة مُنكَـبّاً على التدريس والتأليف.

متفرقات عنه
– من شعره بعنوان “خرجت مهاجرًا”
إلهـي لا تُهِنِّي بـالسعـــــــــــــــــيرِ            فلا فـي العـير كـنـتُ ولا النفــــــــيرِ
خرجتُ مهـاجـرًا لرضـــــــــــــــاك     أسعى بِإبَّانِ الشبـاب إلى الـبشــــــــــــــير
فـيَمَّمتُ الـمديـنةَ لا أبـالـــــــــــــي         بـمـا قـد فـات مـن شـرفٍ خطـــــــــــير
فشـاهدت الـوفـاءَ بكل وعـــــــــــــــدٍ          بـه جـاد الكريـمُ عـلى الفقـــــــــــير
وأرجـو أن أنـالَ بـهـا رضـــــــــــــاهُ وفـي الفردوس يحسن لـي مـصـــــــــــيري
– جاءه ذات مرة وهو بمصر وهو في درسه رجل وسأله عن حديث يتعارض ظاهره مع حديث آخر، وقرأ كل حديث منهما وتعمد أن يؤخر في بعض الرواة، وأن يضع اسما في الرواية من عنده، وقرأ كل حديث قراءة طبيعية متأنية
فأجابه الشيخ بصوت فيه حدة واضحة، فصحح له خطأه في الرواية، واستنكر الاسم الموضوع ثم ذكر معنى كل حديث بما لا معارضة فيه للآخر، ودهش السامعون، وقد فطنوا لمغزى صنيع السائل من كونه اختبارا ولكن الشيخ بتوفيق الله وسلامة حفظه أجاب بما أدهش وسر.
– من كلامه : وقد جَرّبتُ أنّ من أسباب الغنى اقتناء الكتب النافعة.
– ومن كلامه في التفريق بين المُدَاراة، والمداهنة، أن المداراة: بَذْلُ الدنيا لصلاح الدنيا، أو الدين، أو هما معًا، والمداهنة: بذل الدين لصلاح الدنيا.
– قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله تعالى: وأُشهِدُ الله أني كنت اتعلم مبادئ العلوم من شيخنا محمد سيدي بن حبيب الله الشنقيطي المغربي، ثم قال مُعَرِّفا بالمدرس: أسس مدرسة، وكان عدد تلاميذه عشرة، المدرسة خيمة نصبها لهم بقرب خيمته التي يسكن فيها مع أهل بيته
ثم قال واصفا حسن خلق شيخه :فكان رحمه الله يأتينا بقصعة الطعام ونحن شباب وهو كهل فيضعها أمامنا، فنأكل أطايبها ونترك الفَضلة بعد أن نشبع، فيأكل من تلك الفضلة أمامنا ولا يزيد على ذلك شيئا، ولزمته سبع سنين.
ثم ذكر وصية الشيخ له بقوله: كل من جاءك ليطلب العلم فاعتقد أن له فضلا عليك، وإياك أن تعتقد العكس؛ لأنه هذب نفسه وجاهدها حتى ارتضاك معلما، وجلس بين يديك، فابذل كل جهد في استبقاء مودته ونشاطه واجتهاده.

مؤلفاته:
اشتغل الشيخ بالتصنيف في سن مبكرة فنظم وألف أكثر من 30 مؤلفا، وهي خير شاهد على المكانة العلمية العالية لصاحبها وتنوع معارفه العلمية وغوصه في جميع العلوم والمعارف، وقد نهل من تلك المؤلفات طلاب العلم ورجع إليها كبار العلماء في غرب العالم الإسلامي وشرقه، ونذكر منها :
1-” زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم”
هذا الكتاب المبارك جمعه في أخريات أيامه ورتبه على حروف المعجم، وقد شرحه شرحا وسطا جمع فيه كثيرا من الفوائد الفقهية، والحديثية وسماه “فتح المنعم ببيان ما احتيج لبيانه من زاد المسلم”، كما تصدى رحمه الله في هامش هذا الكتاب الجليل لبيان مواضع كل حديث من زاد المسلم في الصحيحين من الكتب والأبواب، مما يدل دلالة واضحة على اتساع حفظه، ونباهة شأنه ورسوخ قدمه في علوم السنة، وعدد أحاديث هذا الكتاب: 1368 حديثا .
2- إيقاظ الأعلام لوجوب إتباع رسم المصحف الإمام.
3- دليل السالك إلى موطأ مالك هو منظومة عدد أبياتها 922 بيتا. وشرحه تبيين المدارك لنظم دليل السالك ثم جعل حاشية عليه سماها إضاءة الحالك من ألفاظ دليل السالك.
4- كفاية الطالب بمناقب علي بن أبي طالب كتبه بإشارة وتوجيه من الملك الشريف عبد الله الأول ابن الشريف الحسين بن علي.
5- هدية المغيث في أمراء المؤمنين في الحديث (منظومة).
6- الجواب المقنع المحرر في الرد على من طغى وتجبر بدعوى أنه عيسى أو المهدى المنتظر.
7- تحفة المجيد في تحرير تعين وجوب التجويد.
8- كنـز المطالع في شرح ألفاظ الدرر اللوامع في مقرأ الإمام نافع.
9- إبراز الدر المصون على الجوهر المكنون في الثلاثة الفنون المعاني والبيان والبديع.
10- أنوار النفحات في شرح نظم الورقات للعمريطي.
11- مسامرة الأحباب في شرح اللباب وهو شرح طويل على منظومة اللباب في علم السيرة لابن عمه محمد بن أحمد بن بيه الجكني واختصر هذا الشرح في منية الطلاب في حل ألفاظ اللباب.
12- زبدة المسالك للإجازة في روايات موطأ مالك.
13- التحفة المجازة وهو نظم في أحكام الإجازة واشتقاقها وشرح هذا النظم شرحا لطيفا.
14- إزالة الحرج في رد ما عند من أسقط الهجرة من الحجج.
15- أنوار الفرقان في موجبات الموت على الإيمان.
16- أربعون حديثا برواية مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم.
17- سلم القضاة إلى سلوك طرق النجاة وهي منظومة.
18- السبك البديع المحكم في شرح نظم السلم.
19- “تيسير العسير من علوم التفسير” وهو شرح لمنظومة الشيخ عبد العزيز الزمزمي المكي في علوم التفسير، وقد اختصره في شرح مختصر ممزوج بالْمَتن سَمَّاه (تقريب التيسير من علوم التفسير).
20- فاكهة الخوان في نظم أعلى درر علم البيان، وعددها 500 بيت، وله حاشية على فاكهة الخوان اسمها: فرائد البيان.
21- شرح على منظومة سواطع الجنان في علم التصريف لسيدي محمد بن سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي.
22- شرح التحفة الوردية في النحو لابن الوردي.
23- شرح على نظم حسن السوفي القماري لمختصر خليل.
24- فتح القدير المالك في شرح ألفاظ موطأ مالك.
25- حاشية على البهجة المرضية شرح الألفية للسيوطي.
26- شرح على كافية بن مالك.
27- شرح نظم الآجرومية.
28- كشف اللثام عن لقطة البلد الحرام.
29- نظم السير لأبي عمرو الداني في القراءات.
30- الفوائد السنية في بعض المآثر النبوية.
وغيرها من المؤلفات.
وفاته
في صباح يوم الخميس الثامن من شهر صفر من سنة 1363هـ، الموافق 3 فبراير 1944م انتقل الشيخ إلى جوار ربه عن 68 سنة، تاركا دار الفناء مرتحلا إلى دار البقاء ودفن بجوار الشيخ محمد الجنبيهي بمقابر الإمام الشافعي بالقاهرة رحمه الله تعالى رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته آمين .

Source: islamweb.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *