‘);
}
تعرف الفلسفة المعاصرة بأنها مجموعة من التيارات الفلسفية التي ظهرت في القرن العشرين، والقرن الواحد والعشرين، إلا أن جذورها الفلسفية ترتبط بالقرن التاسع عشر، وتعد رد فعل على الفلسفة الحديثة، ومن أهم التيارات الفلسفية المعاصرة ما يأتي:[١][٢]
الفلسفة البراغماتية
وهي تيار فلسفي ظهر بالتزامن مع نشأة الدول الرأسمالية الحديثة، والثقافة البراغماتية هي الثقافة المنتشرة في مجتمعات الدول الرأسمالية، وتقوم الفلسفة البراغماتية على أساس أن الفكرة لا تكون حقيقة إلا بمقدار ما تنتج من فائدة، وتخفف من معاناة البشرية، ويلاحظ أن الفلسفة البراغماتية أحدثت ثورة في إبستمولوجيا القرن العشرين، من خلال توجيه انتقادات لنظرية المعرفة في الفلسفة الحديثة.[١]
الفلسفة الحديثة اهتمت بمبحث نظرية المعرفة من خلال دراسة تشكل المعرفة عند الإنسان وانقسم الفلاسفة إلى تيارات عدة، وهذا بالنسبة للبراغماتيين لا يمكن تقييمه إلا في حال كانت هذه الأفكار ذات نتائج مفيدة يمكن تعميم فائدتها على البشرية، ومن أكثر الفلاسفة توضيحًا لهذا الرأي الفيلسوف الأمريكي ويليام جيمس الذي عرف بأنه ممثل الفلسفة الأمريكية الحديثة.[١]
‘);
}
ذكر جيمس أن الأفكار التي يتم التعبير عنها من خلال الكلام لا تكون ذات معنى إلا من خلال تقديم تصور للنتائج المترتبة عليها، وهذا لا يعني أن المعرفة ذاتية، ولا يوجد معيار للاتفاق على مدى صحتها، بل أكد على أن اختبار الفكرة والنظر في نتائجها إن كانت مفيدة أم لا يعد مقياسًا للحكم عليها وتضاف بذلك إلى الخبرة البشرية؛ لذلك أكد البراغماتيون أن الحقيقة نامية وليست ثابتة.[١]
الفلسفة الوجودية
وتعد أشهر الفلسفات المعاصرة، وقد أسسها الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر، وقامت نظريته الفلسفية على عدة أسس، وهي كالآتي:[٣]
- أسبقية الوجود على الماهية: ويقصد بها أن حقيقة الإنسان تتشكل بعد وجوده الفيزيقي، فالإنسان يوجد أولًا ثم يبدأ في صياغة ماهيته التي لا تتحقق إلا من خلال اتخاذ القرارات، وتجدر الإشارة إلى أن حدود الوجود لم يتم البحث من خلالها عن الوجود الميتافيزيقي بل اقتصرت على الوجود المادي، أي وجود الإنسان في العالم المحيط به.
- رفض اللاهوت والأفكار الدينية: وذلك لأن سارتر رفض ما يحدد ماهية الإنسان ويقرر سلفًا ما هي حقيقته، وهذه الفكرة أساسية في الدين واللاهوت، وتجدر الإشارة إلى أن فلسفة سارتر لم ترفض فكرة ماهية الإنسان المحددة في الأديان بناءً على براهين فلسفية كما هو شائع تاريخيًا، إلا أن السبب في ذلك هو التأسيس لفكرة الحرية.
- الحرية والمسؤولية الأخلاقية: إن الحرية قيمة أخلاقية وإنسانية عليا، وتسمو على كل القيم الأخرى، وأكد سارتر أن فلسفته هي فلسفة الحرية، ويظهر ذلك من خلال مسرحياته ورواياته، أما المسؤولية الأخلاقية فهي النتيجة المترتبة على كون الإنسان حرًا، فلا يجوز له أن يتبرّأ من المسؤولية ويتجرد منها، بل عليه أن يتحمل تبعات قراراته بكل جدارة.
فلسفة ما بعد الحداثة
هي من التيارات الفلسفية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية والحركة الطلابية في باريس، وأعلن ليوتار بدايتها في كتاب الوضع ما بعد الحداثي، ومن خلالها تم الإعلان عن الهجوم على الحداثة، بما فيها القيم والسرديات التي تضمنتها، ومن أهم فلاسفة ما بعد الحداثة، الفلاسفة الفرنسيون أمثال ميشيل فوكو وجاك دريدا، ففوكو من أكثر الفلاسفة الذين تأثروا بأطروحات نيتشه.[٤]
أعلن من خلال مؤلفاته هجومه على النزعة العقلانية، والموضوعية التي تعد من أهم سمات الحداثة، كما أن الحرب العالمية الثانية جعلت الفلاسفة يعيدون النظر في الفكرة التقدمية للتاريخ على اعتبار أن التاريخ يتقدم والبشرية تتطور للأفضل، إلا أن الحرب أكدت على أن التاريخ ليس تقدميًا بالضرورة، وهنالك فترات تتراجع فيها الإنسانية، وأعلن جاك دريدا موت السرديات الكبرى في الفلسفة، من خلال استراتيجية التفكيك.[٤]
نتيجةً لكل ما سبق لم يهتم فلاسفة ما بعد الحداثة بنظرية المعرفة التي تقوم على أساس أن هنالك ذات تدرس الموضوع، وكلاهما مستقل ومنفصل عن الآخر، لكن التساؤل الذي حصل هو كيف يمكن الوصول إلى الحقيقة؟ أجاب الفلاسفة أن التأويل هو الأداة الوحيدة التي يمكن من خلالها فهم ما يحصل في عالمنا، وبذلك يكون فلاسفة ما بعد الحداثة هدموا الموضوعية كأساس فلسفي، وأكدوا على أن الذاتية هي السمة الأساسية للفلسفة المعاصرة.[٤]
المراجع
- ^أبتثزكي نجيب محمود ، نظرية المعرفة، صفحة 23-25. بتصرّف.
- ↑محمد مهران، محمد مدين، مقدمة في الفلسلفة المعاصرة، صفحة 17. بتصرّف.
- ↑مجموعة أكاديميين سوفياتيين، الموسوعة الفلسفية، صفحة 579. بتصرّف.
- ^أبت“ما بعد الحداثة: مقدمة قصيرة جدًّا: نشأة ما بعد الحداثة”، مؤسسة هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2022. بتصرّف.