رئيس نادي لاتسيو طرح عرضًا على البرلمان بأن تدفع الأندية ديونها المستحقة للدولة بالتقسيط على 60 شهراً بفوائد 3 بالمئة، وهو الأمر الذي يصب في مصلحة الأندية، لكن اليساريون في مجلس الشيوخ يقفون ضد تمرير هذا الاقتراح، ويطالبون بضرورة تسديد كل الديون مرة واحدة.
بدورها، أكدت الصحيفة الإيطالية الاقتصادية “كالتشيو فاينانزا” أن رئيس نادي لاتسيو أصبح مطالبًا بتقديم الإقرارات الضريبية لمشاريعه الخاصة بعدما تم انتخابه في مجلس الشيوخ الإيطالي حسب القوانين الإيطالية، مثله مثل جميع البرلمانيين الذين يتوجب عليهم تقديم إقراراتهم الضريبية، تحت بند الشفافية.
هذا الجدل الدائر في وسائل الإعلام الإيطالية، متواصل منذ سبعينيات القرن الماضي فيما يسمى بـ “تضارب المناصب”، وكيف يساعد ذلك التضارب في استفادة رؤساء العديد من الأندية من مناصبهم السياسية؟
لوتيتو ولاتسيو
الصحفي الرياضي الإيطالي من أصول لبنانية “متري ستيفان”، المتخصص في أخبار وتاريخ الدوري الإيطالي، صرح لـ “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن “كلاوديو لوتيتو” من مدينة روما بدأ حياته كمقاول ثم صار مسؤولًا في الرياضة ثم انتقل للسياسة، حيث كانت بدايته مع نادي لاتسيو عام 2009 عندما أصبح مالكًا له، كما يمتلك حصة في نادي “ساليريتانا”، وانطلق سريعًا داخل الأوساط الرياضية في إيطاليا، فأصبح عضوًا في اتحاد الكرة الإيطالي في الفترة من 2010-2020 وترأس الاتحاد في عدة سنوات في هذه الفترة الزمنية.
وأكد ستيفان أن “لوتيتو” استفاد كثيرًا من وظيفته كرئيس نادي كبير، إذ انتقل للعمل السياسي من خلال انتخابه نائبًا في البرلمان الإيطالي، قبل أن ينجح مؤخراً ا كسيناتور في مجلس الشيوخ عن حزب “فورزا إيطاليا” التابع لرئيس الوزراء السابق ” سيلفيو بيرلسكوني”.
وأضاف أن اسم “لوتيتو” ارتبط بالمشاكل المالية والمحاكمات، وتم اتهامه في قضايا التلاعب في نتائج مباريات الدوري الإيطالي، موضحًا أن وجوده كسيناتور يُمكنه من التخلص من الملاحقات القضائية الصادرة بحقه.
بيرلسكوني وميلان
متري ستيفان- الذي قدم العديد من الأفلام الوثائقية عن الكرة الإيطالية- عاد بالذاكرة لفترة “سيلفيو بيرلسكوني” موضحًا أنه كان من عائلة عادية بدأ حياته المهنية مهندسًا، وانتقل للعمل في المقاولات، فاستفاد من إسناد بعض السياسيين له عددًا من المشاريع الخاصة، والتي ساعدته على الثراء، فقام بعدها بشراء قناة تليفزيونية منحته قوة وسرعة الانتشار في المجتمع الإيطالي كرجل أعمال ثري، بعدها أصبح مالكًا ورئيسًا لنادي ميلان في عز تألقه وهو النادي صاحب الشعبية الكبيرة في إيطاليا وخارجها.
وتابع ستيفان أن حصول ميلان على العديد من الألقاب آنذاك ساعد في زيادة شعبية بيرلسكوني وسط الجماهير والمجتمع الإيطالي، مضيفًا أن بيرلوسكوني أدرك أنه لابد من تنفيذ الخطوة التالية وهي الاتجاه نحو السياسة، فأنشأ حزب “فورزا إيطاليا”، وتم اتهامه بعد سنوات بتهم مالية في نهاية عهده كرئيسٍ للحكومة لكن منصبه السياسي كان حماية له من هذه التهم، وهو ما يزال موجودًا على رأس حزبه السياسي ليحصل على لقب “سيناتور مدى الحياة”.
آنيللي ويوفنتوس
الصحفي متري ستيفان، المتخصص بالكرة الإيطالية، واصل تصريحاته بالحديث عن مسؤول آخر هو “جيوفاني آنيللي” من عائلة “آنيللي” الشهيرة والمالكة لشركة “فيات” لصناعة السيارات، مشيرًا إلى أن جيوفاني استغل الثورة الصناعية التي ازدهرت بها صناعة السيارات في مدينة “تورينو” خلال سبعينيات القرن الماضي، فأصبحت عائلته تملك أسهم نادي يوفنتوس الموجود في مدينة تورينو، ثم انتقل للعمل السياسي وأصبح سيناتور في مجلس الشيوخ.
وأكد ستيفان لـ “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن أغلبية مُلاك الأندية يبدأون مسيرتهم كمقاولين يملكون الكثير من الأموال التي تُمكنهم من الدخول في عالم الرياضة، ومن ثم استغلال شهرة هذه الأندية في زيادة شعبيتهم ونمو مواردهم المالية، قبل الانتقال إلى العمل السياسي، ليكون مساعدًا لهم كغطاء لأعمالهم الخاصة التجارية والاقتصادية.
أزمة لوتيتو
الصحفي “متري ستيفان” أكد أن “لوتيتو” نجح من خلال منصبه السياسي في طرح قانون لتخفيف الضرائب على الأندية وتقسيطها على عدة أشهر، وهو ما جعل الأندية توفر حوالي مليار يورو، ومن هنا بدأت الضجة الحالية، بجانب الضجة الثانية، عندما طرحت الحكومة السابقة إبان جائحة كوفيد 19 مساعدات مالية شهرية للعائلات الفقيرة تقدر بمبلغ 800 يورو شهريًا، ثم بدأ الحديث في الأسابيع الماضية عن محاولة الحكومة الحالية تقليص هذه المعونة البسيطة، وهو ما أغضب عدد كبير من النواب داخل البرلمان خصوصًا المنتمين لليسار، والذين عقدوا مقارنة بين موقف الحكومة من المعونة البسيطة للفقراء وموقفها من إهداء الأندية حوالي مليار يورو.
وأضاف أن هذا الأمر أدى إلى عزوف الجماهير عن الحضور لمباريات فرقهم في الملاعب، لاسيما بعد انتشار أخبار عن عدم قيام الأندية الإيطالية بدفع ديونها للدولة خلال جائحة كوفيد 19، ومنها الجزء الخاص بمعاشات اللاعبين حيث لم تدفع الأندية هذه الأموال منذ 2019 حتى نهاية العام الماضي 2022.
مكاسب لوتيتو
تحت عنوان”كم يكسب لوتيتو؟ كتبت صحيفة “كالتشيو فاينانزا” أن رئيس نادي لاتسيو باعتباره عضوًا في مجلس الشيوخ بعد نجاحه في الانتخابات العامة، بات يحصل على بدل شهري إجمالي قدره 11.555 ألف يورو، و بدل يومي قدره 3.500 آلاف يورو، بالإضافة إلى تسديد نفقات التفويض البرلماني البالغة 4.180 آلاف يورو ومبلغ 1.650 ألف يورو شهريًا كبدل مواصلات وبدل استخدام الهواتف الخاصة.
ويملك “كلاوديو لوتيتو” العديد من العقارات الشهيرة في البلاد مثل عقاراته في”أماتريتشي” و”تودي”، ويملك أيضًا مبنيين في “شيامبينو”، وبعض الأراضي في “أماتريتشي” حسب تقرير الصحيفة الإيطالية.
كما يمتلك “لوتيتو” 60 بالمئة من أسهم نادي لاتسيو من خلال شركة “سنام لاتسيو سود” التي تدير النادي مع شركة “لاندا” وحصته فيها 50 بالمئة وشركة “بونا ديا إس آر” وحصته فيها 50 بالمئة أيضًا.
الصحيفة الإيطالية كشفت أنها اطلعت على البيانات الرسمية التي قدمها نادي لاتسيو حول التزاماته في البورصة، وجاء فيها أن “لوتيتو” يتقاضى منذ موسم 2019-2020 تعويضًا بلغ 600 ألف يورو باعتباره رئيسًا للنادي، كما تم إضافة حوالي 500 ألف يورو له في موسم 2021-2022 كرئيس لشركة “إس إس لاتسيو ماركتينغ”.
ليبقى السؤال مطروحًا: هل يمرر لوتيتو مشروعه أم ينجح اليسار في الحفاظ على حقوق الفقراء كما يرددون؟