يمكن أن تساعد مثل هذه “الإجراءات غير العادية” في تقليل حجم الديون المستحقة الخاضعة للحد، لكن وزارة الخزانة حذرت من أن الأدوات لن تساعد إلا لفترة محدودة – على الأرجح ليست أكثر من ستة أشهر.
وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين في رسالة إلى قيادة الكونغرس الخميس: “إنني أحث الكونغرس بكل احترام على التحرك بسرعة لحماية الثقة الكاملة للولايات المتحدة ومصداقيتها”. حذرت الوزيرة سابقا من أن التخلف عن السداد ستكون نتائجه “غير قابلة للعلاج”.
ما مدى خطورة الإجراء؟
في الحقيقة، تشير عبارة “الإجراءات الاستثنائية” من الناحية الفنية إلى مجموعة من الحلول المحاسبية ليس إلا، نظرًا لأن سقف الديون يحد من إصدار السندات الحكومية، وهي الطريقة التي تقترض بها الولايات المتحدة الأموال، بحسب تقرير لوكالة “أسوشيتيد برس”.
وبالتالي فإن هذا الإجراء يشكل حلولا مؤقتة لتحويل الأموال بين الحسابات حيث يجب أن تبقي الحكومة على نشاطها مستمرا حتى يونيو / حزيران على الأقل، وفقا لرسالة من وزيرة الخزانة جانيت يلين الأسبوع الماضي.
من الناحية النظرية، من المفترض أن يستخدم الرئيس جو بايدن والكونغرس هذا الوقت الإضافي للتوصل إلى اتفاق لرفع سقف الدين القانوني للدولة. غالبا ما تزداد صعوبة المحادثات لكنها تنتهي إلى تفاهم في اللحظات الأخيرة خوفا من حدوث أضرار اقتصادية كبيرة. كان هناك ما يقرب من 80 صفقة لرفع أو تعليق سقف الاقتراض منذ الستينيات.
ما قد يكون مقلقًا ليس تطبيق “إجراءات استثنائية”، ولكن ماذا يحدث إذا استنفدت هذه الإجراءات بحلول الصيف دون اتفاق، حيث يحذر خبراء اقتصاديون من أن ذلك قد يؤدي إلى أزمة مالية عالمية.
حتى الآن، يلعب رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي، الجمهوري من ولاية كاليفورنيا، والرئيس جو بايدن، الديمقراطي، ما يمكن أن يكون لعبة خطرة لا رابح فيها، تهدد أكبر اقتصاد في العالم ومركز النظام المالي.
ما هي الإجراءات غير العادية؟
لإبقاء الحكومة عاملة، أجرت وزارة الخزانة، اليوم الخميس، سلسلة من المناورات المحاسبية التي من شأنها تعليق المساهمات واسترداد الاستثمارات لصناديق التقاعد والرعاية الصحية الخاصة بموظفي الحكومة، مما يمنح الحكومة مساحة مالية كافية للتعامل مع نفقاتها اليومية حتى شهر يونيو/حزيران تقريبا.
من خلال تعليق المدفوعات، يمكن للحكومة تقليل حجم الديون المستحقة، وتمكين الخزانة من الاستمرار في تمويل العمليات الحكومية، وهذا الإجراء الاستثنائي لا بأس به ما دام مؤقتا.
لكن المشكلة تكمن في احتمال استنفاد هذه “الإجراءات الاستثنائية” دون الوصول إلى اتفاق بشأن حد الدين، حيث سيكون التخلف عن سداد الديون لفترة طويلة مدمرا، مع انهيار الأسواق وتسريح العمال بسبب الذعر المصاحب لتبخر الثقة في حجر زاوية الاقتصاد العالمي.
هل يحق للحكومة التحكم بهذه الأموال؟
لا نزاع في ذلك، يعطي الكونغرس وزارة الخزانة سلطة القيام بذلك، ونظرًا لأن هذه حسابات تقاعد، فلا أحد يتضرر على الفور تعليق الحكومة لهذه المدفوعات، وفي النهاية تقدم الأموال كاملة بعد الاتفاق على رفع سقف الدين أو تعليقه بشكل رسمي.
ليس بالضرورة أن هذه الإجراءات هي ما سيضر بالاقتصاد بشكل مباشر، ولكن الشكوك بين المستهلكين والشركات حول ما إذا كان المشرعون سيزيدون سقف الاقتراض أم لا، هي ما تخلق حالة مدمرة من عدم اليقين.
ما هو حجم صناديق التقاعد المتأثرة؟
كان هناك 986 مليار دولار في صافي أصول الخدمة المدنية وصناديق تقاعد الموظفين الفيدراليين في نهاية السنة المالية 2021، وفقًا لتقرير صادر عن مكتب إدارة شؤون الموظفين.
المساهمات الحكومية المطلوبة في الصناديق كبيرة بما يكفي، ليسمح لها بجعل هذه الإجراءات الاستثنائية فعالة في مواصلة تمويل أعمال الحكومة لمدة خمسة أشهر تقريبا.
ما مدى شيوع هذا الإجراء؟
كتبت يلين في رسالتها: “استخدم وزراء الخزانة في كل إدارة خلال العقود الأخيرة هذه الإجراءات الاستثنائية عند الضرورة”. استخدمت هذه السلطة لأول مرة في عام 1985 واستخدمت 16 مرة على الأقل منذ ذلك الحين، وفقا للجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، وهي هيئة رقابة مالية.
لماذا تضع أمريكا حدا للدين إذن؟
قبل الحرب العالمية الأولى، كان الكونغرس بحاجة إلى موافقة المشرعين على كل إصدار للسندات، ولذلك، اعتمدت البلاد نظام حد الدين، كحل بديل لتمويل المجهود الحربي دون الحاجة إلى سلسلة ثابتة من عمليات التصويت.
منذ ذلك الحين، أصبحت الأداة التي تم إنشاؤها لتسهيل عمل الحكومة مصدرا للخلل، مما أدى إلى تأجيج الخلاف الحزبي وخلق مخاطر اقتصادية مع زيادة حجم الدين على مدار العشرين عاما الماضية.
ما مدى خطورة الأزمة هذه المرة؟
يبدو الأمر مقلقا، وليس من الواضح كيف سيجد بايدن ومكارثي ومجلس الشيوخ الديمقراطي أرضية مشتركة. قد يتسبب التخلف عن السداد في خسارة الملايين من الوظائف، وفي ركود عميق يتردد صداه عالميا. من المفارقات، أن ارتفاع أسعار الفائدة في أمريكا يجعل إدارة الدين الفيدرالي أكثر صعوبة.
قال مكارثي، يوم الثلاثاء، إن المحادثات يجب أن تبدأ على الفور بشأن تخفيضات الإنفاق المحتملة مقابل زيادة حد الدين، على الرغم من أن إدارة بايدن اعتبرت أن هذا الطلب يشبه “احتجاز الاقتصاد الأمريكي رهينة”.
لكن مكارثي قال: “من يريد أن يضع الأمة في نوع من التهديد في اللحظة الأخيرة من سقف الديون؟ لا أحد يريد أن يفعل ذلك. لهذا السبب نسأل، دعونا نغير سلوكنا الآن، ولنجلس (للتفاوض)”. تريد إدارة بايدن زيادة سقف الاقتراض دون أي شروط مسبقة.
قنبلة الديون الأمريكية
يقدر مكتب الميزانية في الكونغرس أن العجز السنوي في الميزانية سينمو من نحو تريليون دولار إلى أكثر من تريليوني دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.
يعكس عدم التوازن خلال السنوات المقبلة بشكل متزايد النفقات الحكومية لبرامج مثل الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي التي تفوق عائدات الضرائب، ويشير ذلك إلى أن الحكومة ستحتاج إلى تخفيضات شديدة في الإنفاق، أو زيادات ضريبية كبيرة، أو مزيج من الخيارين.
في عام 2011، عندما كان باراك أوباما رئيسا وبايدن نائبا له، كان هناك اتفاق بين الحزبين لرفع حد الدين بمقدار 900 مليار دولار مقابل 917 مليار دولار من التخفيضات التلقائية للإنفاق على مدى 10 سنوات. لكن تخفيض الديون لم يتحقق بالكامل.
بعد أن أصبح دونالد ترامب رئيسا في عام 2017، غذى المشرعون الجمهوريون المزيد من الزيادات في الديون من خلال تمرير تخفيضات ضريبية ممولة بالعجز، وتسارعت الديون بشكل أكبر مع بداية جائحة فيروس كورونا في عام 2020، مما تسبب في اقتراض حكومي ضخم لإخراج الولايات المتحدة من ركود عميق.
قدر مكتب الميزانية في الكونغرس، العام الماضي، أن الدين الأمريكي سيتجاوز 40 تريليون دولار في عام 2032، ارتفاعا مما يزيد على 31 تريليون دولار سجلها في أواخر العام الماضي.
Source: sputniknews.com