في ظل كنيسة في مدريد، يصطف رجال ونساء في طابور بانتظار الحصول على مساعدة غذائية في حي بوينتي دي فايساس الذي يكثر فيه العمال الموقتون ويضربه وباء كوفيد-19 بقوة والأزمة الاقتصادية الناجمة عنه.
في “المطبخ الشعبي” في سان خوسيه يأتي 450 شخصا يوميا للحصول على وجبات طعام مجانية متسلحين بقناع أو من دونه مع متر يفصل الواحد عن الآخر في وقت حصد الفيروس حتى الآن أرواح 22157 شخصا في إسبانيا بحسب أحدث حصيلة.
تروي غلوريا كوراليس قصة شبيهة بقصص عمال فقراء آخرين حولها مفادها أنها خسرت عملها فور انتشار الوباء.
وتوضح هذه الكولومبية العاملة في الخدمة المنزلية والبالغة 50 عاما “كنت أهتم بامرأة مسنة تبلغ 92 عاما. وأصبت بانفلونزا عادية فطلب مني ألا أعود فهم كانوا يخشون ان أنقل العدوى إليها”.
وتؤكد سوسانا أورتيغوسا المسؤولة الإعلامية في الرعية في أحد مكاتب الكنيسة حيث يرن الهاتف باستمرار “لدينا حالات كثيرة لأشخاص صرفوا من عملهم خشية نقلهم العدوى.”
– “الأكثر فقرا” –
وتقع منطقة بوينتي دي فاييساس في جنوب شرق مدريد ويبلغ عدد سكانها 230 ألف نسمة وهي تستقطب عددا كبيرا من المهاجرين منذ مطلع القرن العشرين، أولا من مناطق إسبانية أخرى ومن ثم من أميركا اللاتينية والمغرب واوروبا الشرقية.
في هذه المنطقة المصنفة رسميا “ألاكثر فقرا وضعفا” في العاصمة، يستعان بأجراء موقتين في القطاع الفندقي والخدمات أو البناء.
وتقول سوسانا أورتيغوسا “نشعر من الآن وبقوة بعواقب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الأزمة الصحية فيصبح الناس عاطلون من العمل فورا هنا” في وقت توقع فيه المصرف المركزي الإسباني تراجعا “لا سابق له في التاريخ الحديث” لإجمالي الناتج المحلي في البلاد التي لا تزال تحت وقع أزمة العام 2008.
ويقف الإسباني بيدرو أوران (53 عاما) للمرة الأولى في طابور للحصول على مساعدة غذائية ويقول “عادة أساعد سمكريا من دون عقد عمل. وقد أجني 30 يورو في اليوم وأتدبر بذلك أمري لكن مع الجائحة لم يعد أحد يتصل بي”.
وتلخص امرأة تعمل في تنظيف “مساكن سياحية” الوضع رافضة الكشف عن اسمها “مع توقف السياحة توقف عملي أيضا”.
وقد توقف عامل توصيل في مطعم يجوب الطرقات على دراجته الهوائية، عند “المطبخ الشعبي” لملء حاويات طعام له ولزوجته. وتدفع له شركة إسبانية ناشئة بعض اليوروهات لكل رحلة يقوم بها هذا الفنزويلي البالغ 30 عاما الذي يواجه صعوبة في دفع 500 يورو إيجار الغرفة التي يقيم فيها.
وبينت خريطة نشرتها سلطات منطقة مدريد في الثامن من نيسان/أبريل، أن بوينتي دي فاييساس هو الحي الذي سجل فيه أكبر عدد من الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا المستجد في الأسبوعين الماضيين.
ويصعب على كثيرين احترام اجراءات العزل الصارمة التي فرضت منذ 14 آذار/مارس بحكم أنهم يقيمون في شقق ضيقة أو يسكنها عدد كبير من الأشخاص أو أنهم يعملون في مهن “أساسية” ويضطرون تاليا للتنقل في رحلات طويلة في وسائل النقل المشترك.
وفي غضون دقيقة واحدة يدخل نحو عشرة أشخاص ويخرجون من محطة المترو في المنطقة.
– وفاة معلم رقص –
في الجادة الرئيسية في بوينتي دي فاييساس المحاطة بأشجار أغلق مركز ترفيهي للمسنين أبوابه في السابع من آذار/مارس. ففي اليوم نفسه أدخل زوجان يعطيان دروس رقص فيه إلى المستشفى بعد إصابتهما بالفيروس.
وتوضح المتطوعة في المركز أسيلا باراخا وهي طباخة سابقة (68 عاما) “كان يعلم رقص الصالون وهي الرقص الإشبيلي. وقد توفي الزوج وكان يبلغ الثمانين ويتمتع بأناقة رائعة”.
وتقول باتريسيا دومينغيس (55 عاما) وهي محجورة في شقتها في الجادة نفسها إنها تشعر ب”ذعر” جراء الفيروس وتخرج أقل ممكن.
وأوضحت هذه الأرملة الكولومبية الأصل “كنت أكسب 700 يورو من تنظيف منزل وكانت شريكتي في السكن تهتم بامرأة مسنة في مقابل 600 يورو وقد صرفت هي أيضا”.
وجبات طعامهما محدودة رغم قسيمتين شرائيتين بقيمة 30 يورو حصلتا عليهما من الصليب الأحمر للتبضع في السوبرماركت، ودعم جمعية محلية.
وتختم باتريسيا دومينغيس قائلة “نعيش مع خوف مزدوج من الفيروس والأزمة”.
© 2020 AFP