من أي باب تدخل أم الصبيان علينا ؟ –
تختلط حياتنا اليومية بكثير من القصص والأحاديث والأقاويل فمنها ما هو مقبول ،تقبله عقول الناس ويتناسب مع التفكير السليم الصحيح بينما هناك الكثير منها عجيب بمحتواه غريب بمعناه ، ولكن هناك جزء يخرج حتى عن نطاق التصديق أو حتى التخيل وهو ما نطلق عليه في لغتنا العربية الأساطير أو الخرافات .
ولعل هناك الكثير الكثير من هذه القصص والحكايات والأقاويل والأحاديث اختلف الناس على تحديد فيما إذا كانت حقيقية بالفعل أم أنها مجرد خرافة وذلك بسبب الاختلاف في طريقة تفكير كل واحد منهم وبسبب الاختلاف في القناعات التي يمتلكها الإنسان ويؤمن بها وينظم حياته وفقا لها ويعتمدها مفتاحا لتصديق أمر ما من تكذيبه .
أم الصبيان ، حقيقة لدى الكثير
واحدة من تلك القصص المنتشرة في كل بقاع الأرض عامّة وفي المجتمعات العربية على نحو خاص وبشكل أكثر شيوعا هي قصة ما يسمى بـِ ( أمُّ الصبيان ) والتي سأشرع بالحكم على مصداقيتها ومدى قبولها في نهاية المقالة مع الإشارة إلى أن الحكم هنا إنما سيكون شخصيا فرديا وهو مجرد رأي يمثل صاحب المقالة وكاتبها وليس فئة معيّنة من الناس .
أم الصبيان هو اسم يطلقه بعضا من الدول العربية وجزء من أراضي إيران على كائن يقولون أنه يمثل – زوجة الغول – على حد تعبيرهم والتي تخرج في الظلمة في أبهى صورها وبصورة جميلة بحيث تتزين بزينة من أجمل ما قد تزينه المرأة وتقوم بالزواج من الرجال والشباب فإذا ما رفض أحدهم بالزواج منها نزل عليه سخطها ولعنتها ، وينسب من هم مصدقون لهذه الشخصية ينسبون لتلك الجنيّة كما يقولون أمور غير الزواج من الرجال وخطفهم بحيث يظنون بأن لها صرخة تسبب الموت أو الجنون ، كما أنها ترتبط عند الكثير منهم بالسحر إذ يمكن تسليطها على إنسان ما عن طريق عمل السحر لذاك الشخص بحيث تلزمه في حياته اليومية باعتبارها من البعض من جنس الجن .
يُطلق على أم الصبيان أسماء أخرى كالملعونة أو التابعة أو العفنة أو القرين وتتخذ أشكالا مختلفة على حسب اعتقادهم ، ويلجأ الكثير منهم إلى الحديث عن علاج لهذا الكائن وغيرها الكثير الكثير .
أم الصبيان هي من الخيال…. الرأي الأكثر قبولا وإقناعاً
أمّا بالنسبة للطرف الآخر والذي لا يصدق هذه القضية ولا يعترف بوجودها أصلا فهو يعتمد بهذا على ما ذهب إليه الكثير من علماء وشيوخ الإسلام ، فقد تحدث الكثير منهم عن عدم وجود أم الصبيان وأن هذا إنما هو من تخاريف العامّة وأوهامهم ، وأن ما قد يتحدث عنه البعض من إسقاط للجنين بسبب أم الصبيان إنما قد يقع لسبب مرضي أو قد يقع نتيجة لسحر قدّر الله له أن يقع ، في هذا الوقت ربما يحتجُّ أحدهم بحديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذُكرت فيه أمّ الصبيان لكن رد العلماء جاء واضحا بأن ذلك الحديث إنما هو موضوع ولا صحة له على الإطلاق .
وفي النهاية فإنه لا يسعني القول إلا أننا لا يمكن لنا كبشر أن نقبل بشيء لا يقبله العقل البشري إلا بحالة واحدة وهي أن يكون ذلك الشيء قد جاء في الكتب السماوية الصحيحة والتي يكون مصدرها هو الله سبحانه وتعالى مالك هذا الكون كله وخالقه فهو يعلم ما كان فيه وما لم يكن أو أن يكون قد جاء على لسان النبي الأعظم محمد – صلى الله عليه وسلم – فهو لا ينطق عن الهوى ، ولكن وبما أن قضية أم الصبيان لم ترد لا في هذا ولا في ذاك لذا فإنه يمكننا الحكم الآن على أن تلك القضية إنما هي خيالية ولا وجود لها أبدا وهذا يتوافق مع رأي كبارنا وعلمائنا والله تعالى أعلى وأعلم .