رياضة الركبي بالمغربية أو (الرغبي والرجبي) بالمصرية و(الرقبي) بالسعودية والتونسية والجزائرية والليبية، فهي تسمى بكذا طريقة في مختلف البلدان العربية ولكن المعنى واحد، فإنها تلك الرياضة الجماعية التي تمارس حول العالم ولها قوانينها ولاعبوها وبطولاتها، وهي تبدو من الوهلة الأولى رياضة عنيفة وكثيرة الحوادث والتدخلات التي ينتج عنها كدمات شديدة، وقد يخطأ البعض بينها وبين كرة القدم الأمريكية، إن كنت تحب التعرف على تلك الرياضة فتابع معي عزيزي القارئ.
رياضة الركبي وكيفية لعبها
نشأة رياضة الركبي
رياضة الركبي ليست برياضة قديمة جداً لأنها نشأت في حدود القرن التاسع عشر الميلادي، في إنجلترا، وهي المنشأ الأصلي للعلبة على الأقل بقوانين بدائية بدأت فيها ومنها انتشرت إلى العالم، وحتى عام 1845 لم يكن تم تدوين القوانين بعد، ومن ثم دونت وتكون مجلس الركبي الدولي عام 1886، وأول نادي لعب رياضة الركبي هو نادي طلبة إيرلندا في جامعة دبلن، من ثم عدلت القوانين في أستراليا، ثم انتشرت إلى إسكتلندا في أكاديمية أدنبره، أما نادي ليفربول هو ثالث نادي على الترتيب في بداية ممارسة اللعبة بقوانينها الآن. وأول كأس عالم للركبي كان عام 1954 بفرنسا.
رياضة الركبي العربية
تواجد الركبي ضعيف في البلدان العربية ولكنه موجود ويحقق إنجازات كبيرة في لبنان وتونس والمغرب والأخيرة أخرجت للعالم عبد اللطيف بن عزي وهو قائد المنتخب الفرنسي.
ملعب رياضة الركبي
الملعب يتكون من 144 متر طولاً و69 متر عرضاً، منطقة الهدف هي على 22 متر من خط المرمى، الذي يكون عبارة عن عارضتين واقفتين يبعدان عن بعضهما ب5.6 متر وهما على ارتفاع ثلاثة أمتار عن الأرض.
الحكام
الحكام يشبهون كثيراً كرة القدم العادية، فيتكونون من حكم وحيد داخل الملعب يجري مع اللعيبة، واثنين أخريين على الخطوط يخطرون الحكم بصحة الهدف أو خروج الكرة إلى خارج الملعب أو أي خطأ أخر. أما الكرة فهي منتفخة وبيضاوية طولها 28 سم ووزنها من بين 400 وال450 جرام.
إحراز الأهداف والقوانين رياضة الركبي
يتم إحراز الأهداف بثلاثة طرق مختلفة، أكثرهم في عدد النقاط طريقة (المحاولة) بخمس نقاط كاملة، وتتم عن طريق الحصول على الكرة والجري السريع نحو منطقة الخصم ويجب أن تلامس منطقة الهدف في الأرض حتى تحتسب النقاط، وهي محمولة باليد، والفريق الخصم يستطيع الحصول على الكرة إيما بسرقتها أو الدفاع بإسقاط المهاجمين ست مرات على الأرض وتثبيتهم، حيث لكل فريق ستة تنقلات فقط لا غير وبعدها إن فشلوا يأخذ الفريق المقابل الكرة، ليحاول هو بدوره الوصول لمنطقة الهدف.
وبعد إحراز هدف المحاولة بخمس نقاط يسمح للفريق الفائز بالقيام بمحاولة (التحويلة) وهي ثاني طريقة للتسجيل عن طريق ركل الكرة من على الأرض في المكان المقابل لإحراز هدف المحاولة، إلى ما بين العارضتين، مرمى الخصم، ويتم احتساب نقطتين إذا تم الأمر بنجاح عن طريق أي لاعب وليس بضرورة محرز الهدف.
أما الطريقة الأخيرة هي طريقة (الهدف) وهي نوعان هدف الجزاء وهدف الإسقاط، هدف الجزاء يحتسب عند حدوث أي خرق للقوانين من فريق الخصم، ويضرب اللاعب، من مكان إحراز الخطأ، الكرة بقدمه بعد وضعها على الأرض أو بعد ضربها في الأرض وارتفاعها ويجب أن تمر بين العارضتين، أما هدف الإسقاط فهو أن اللاعب الممسك للكرة يسقطها ويركلها من أين مكان بالملعب أثناء اللعب قبل أن يتمكن منه أحد اللاعبين من الفريق الخصم بدلاً من التقدم والجري بها، وتلك الطريقة يتم فيها احتساب ثلاثة نقاط لأي طريقة ناجحة منهما.
أما عن القوانين ففي رياضة الركبي تباح كل أنواع الشد والإسقاط والوقوع على اللاعب الأخر فهي حقاً رياضة عنيفة جداً، والأدوات المستخدمة قليلة جداً لأنها مجرد قميص وسروال وفقط عامل حماية للأسنان في الفم، أما الضرب المباشر أو غير المبرر أو الإيذاء النفسي فهو محظور، كما أن رمي أو ركل الكرة للاعب أخر بالفريق يتم فقط للوراء وليس للأمام حيث يجري اللاعب من الخلف ويمتلك الكرة، وإن تم رمي الكرة للأمام تحتسب خطأ.
تختلف ممارسة الرياضة إذا كانت محترفين أم هواة في عدد اللاعبين والنقاط المحتسبة لكل نوع وطول وعرض الملعب وحجم الكرة المستخدمة وطول مدة اللعب إذا كان 10 دقائق أم عشرين دقيقة، ولكن الأساس في القوانين واحداً.
يمكن تبديل أربعة من الفريق في أي وقت ولأي سبب يراه المدرب، ويمكن للحكم أن يحرم لاعباً لمدة دقيقتين من اللعب كعقاب إذا رأى ذلك.
الإسكرم أو النفق وهو ما يتم عمله إذا أخطأ أحد اللاعبين بخطأ صغير أو خرج حامل الكرة إلى خارج الملعب، حتى يتم تحديد أحقية أي فريق بالكرة، حيث يتشابك اللاعبون مثل الغيلان تماماً بالرأس وهو يمسكون بعضهم البعض فيكونون بالداخل شبه النفق يرمي فيه لاعب من الفريق الذي لم يخطأ، ليتنافس الفريقين على الكرة ويحاولوا إبعاد الأخريين عنها عن طريق محاولة تحريك الإسكرم بحيث تكون الكرة قريبة منهم أكثر، من ثم يخطف الخطاف من كل فريق الكرة عند وصولها إلى قرب معين من غيلان فريقه ليرسلها إلى لاعب أخر من فريقه ويستكمل اللعب. ولا يسمح لأي لاعب التحرك من مكانه حتى يتم فك الإسكرم وخروج الكرة ليد أحد اللاعبين.
تُلعب رياضة الركبي على المستوى الرجال والنساء بالعالم، ويوجد منها السباعي والتساعي وركبي الشاطئ، لا تختلف كثيراً إلا في المكان وعدد اللاعبين، أنا بابوا غينيا الجديدة هي من أشهر الدول التي تمارس اللعبة باحتراف وتعتبر تلك اللعبة هي لعبتهم الأولى في الانتشار.
أشهر قصص رياضة الركبي
توجد قصة شهيرة جداً للرياضة الركبي مع نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا الذي استطاع توحيد السود والبيض في وقت كانت فيه العنصرية على أشدها باستخدام رياضة الركبي.
بعد دخول مانديلا السجن ل27 سنة كمناهض للعنصرية، خرج وترأس جنوب أفريقيا بانتخابات سنة 1994 ورأى مانديلا مدى انقسام شعبه السود والبيض، وكانت رياضة الركبي رياضة محبوبة ولكن أغلب الفريق كان من البيض ماعدا واحد فقط أسود وهو ما أزعج شعب جنوب أفريقيا حتى أنه كان يشجع المنتخب الخصم إذا ما حضر المباراة من الأساس، مما أضعف الروح المعنوية للفريق، وهذا ما حاول مانديلا أن يقلبه، فتمكن من نيل شرف تنظيم بطولة كأس العالم للركبي على أرضه سنة 1995 وأتاح كل الإمكانيات اللازمة للمنتخب وتقابل معهم بنفسه ليشجعهم ولم يغير منهم أي لاعب وبقى الفريق بكونه من البيض، فاستعجب لأمر شعب بلاده الذين توقعوا منه أن يشقلب حال الفريق تماماً.
بالنهاية وعلى غير المتوقع تماماً بسبب ضعف المنتخب رياضياً في ذلك الوقت، تمكن منتخب جنوب أفريقيا من الحصول على كأس العالم على حساب الفريق النيوزلندي القوي، وكانت لحظة مؤثرة جيداً في حياة المناضل نيلسون مانديلا حيث سلم منتخبه كأس العالم مرتدياً القميص الأخضر للفريق الذي كان يكرهه كل أفراد الشعب قبلها مكتوباً عليه رقم 46664 والذي كان رقمه بالسجن طوال ال27 عام، وتم توحيد كل الشعب تحت راية تلك اللعبة في تشجيع منتخب بلاده، وبذلك كان لها الأثر الأكبر في مساعده على مكافحة العنصرية بطريقة سياسية محنكة لأن الشعب كله سار وراء ذلك الرجل الحكيم، وتم تكريم ذلك الحدث بفيلم رائع أدى بطولته الممثل مورجان فيريمان لدور نيلسون مانديلا.
أخيراً عزيزي القارئ رياضة الركبي رياضة ممتعة وعنيفة جداً وتحتاج لقوة بدانية عالية من اللاعبين، ولكنها رياضة أخلاق وحب ونبذ العنصرية، ففي الملعب يوقعون بعض وفي خارجه هم أصدقاء تجمعهم حب ومتعة لرياضة واحدة.