انقرة ـ موسكو ـ ميونخـ(أ ف ب) – (د ب ا): ردّت تركيا السبت على اتهامات روسيا لها بالفشل في الالتزام باتفاق 2018 مصرّة على أنها نفّذت مسؤولياتها في إدلب، آخر معقل رئيسي لمقاتلي المعارضة في سوريا.
وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي لشبكة “إن تي في” “أقيمت نقاط المراقبة وكان على النظام (السوري) أن يبقى خارج هذه المنطقة. كان على روسيا وإيران ضمان بقائه خارجها وكان لدى تركيا مسؤوليات كذلك وأوفت بها”.
وأضاف أن تركيا “تولّت مهمة غاية في الخطورة والصعوبة، وبادرت بشكل فعلي لوقف سفك دماء المدنيين ومنع موجة هجرة جديدة وضمان عدم تحوّلها (إدلب) إلى وكر للإرهاب”.
وأقامت تركيا 12 نقطة مراقبة في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا بعد اتفاق 2018 الذي أبرمته أنقرة وموسكو لصد أي هجوم تقوده دمشق.
ويشير مسؤولون أتراك إلى أن ما يقارب من أربع نقاط تركية تقع حاليا في مناطق خاضعة لسيطرة قوات الجيش السوري.
ودخلت تركيا وروسيا في حرب كلامية بشأن إدلب في وقت كثّف الجيش السوري الذي تدعمه موسكو هجومه في شمال غرب البلاد الذي أسفر عن مقتل مئات المدنيين.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية في وقت سابق هذا الشهر أن تركيا لا تفرّق بين “مقاتلي المعارضة المعتدلين والإرهابيين”.
وتعهّد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار الخميس أن أنقرة ستستخدم القوّة ضد أي جهة لا تلتزم بوقف إطلاق النار بما في ذلك “المتطرفين”.
وتسيطر هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل أخرى معارضة أقل نفوذا على إدلب.
وأدى مقتل 14 تركيا بقصف قوات الجيش السوري في إدلب إلى ارتفاع منسوب التوتر.
وصرح الرئيس التركي رجب طيب إدوغان أنه طلب من الحكومة السورىة الانسحاب من المواقع التي تديرها أنقرة بحلول نهاية شباط/فبراير، وإلا فستتولّى أنقرة “الأمر بنفسها”.
وفي وقت لاحق السبت، كرر وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو التهديد بأن أنقرة “ستتّخذ الإجراءات اللازمة” في حال فشلت الجهود الدبلوماسية مع روسيا.
ورغم اختلاف مواقفهما، تعاونت تركيا الداعمة لفصائل في المعارضة السورية وموسكو المتحالفة مع دمشق عن قرب في ما يتعلّق بالملف السوري.
وقال تشاوش أوغلو للصحافيين إنه سيجري محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بعد الظهر السبت خلال مؤتمر الأمن في ميونيخ.
وأضاف أن وفدا تركيا سيتوجّه إلى موسكو الاثنين.
وقال تشاوش أوغلو إن “الدور الروسي هنا مهم للغاية لأننا نعرف جميعنا تأثير موسكو على النظام وبأنها الجهة الضامنة له”.
وشدّدت تركيا السبت أن على خلافاتها مع موسكو بشأن الملف السوري “ألّا تؤثّر” على العلاقات مع روسيا، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية عن وزير خارجيتها مولود تشاوش أوغلو.
وقال الوزير التركي بحسب شبكة “إن تي في” إن “على الاختلافات في الرأي بشأن سوريا ألّا تؤثر على العلاقات التركية-الروسية. لن يؤثر الوضع في إدلب على اتفاقية +إس-400+”، في إشارة إلى الصفقة التي أبرمتها أنقرة مع موسكو لشراء منظومة “إس-400” الدفاعية الجوية الروسية رغم معارضة واشنطن للأمر.
وتشير تركيا إلى أنها تتطلع لوضع حد لـ”عدوان” الجيش السوري في مسعى لوقف سقوط قتلى مدنيين وتجنّب وصول موجة جديدة من اللاجئين إلى تركيا.
وأكد أقطاي أن تركيا التي تستضيف حاليا أكثر من 3,6 ملايين لاجئ سوري “لا يمكنها تحمّل موجة هجرة جديدة”.
جاء ذلك في الوقت الذي افاد فيه مصدر دبلوماسي عسكري روسي بأن تركيا تحشد بنشاط جنودا وأسلحة ومعدات عسكرية في إدلب شمالي سوريا، وتسلم جزءا ملموسا من الأسلحة لمسلحي “جبهة النصرة”.
ونقلت وكالات روسية عن المصدر قوله اليوم السبت إن تركيا أدخلت إلى إدلب أكثر من 70 دبابة ونحو 200 مدرعة و80 مدفعا، مشيرا إلى أن جزءا كبيرا من المعدات يجري تسليمه لمسلحي تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي.
وأشار إلى أن المسلحين حصلوا من تركيا على مضادات طيران محمولة أمريكية الصنع، وتزامن ذلك مع إسقاط مروحيتين للجيش السوري في المنطقة هذا الأسبوع.
وأضاف المصدر أنه من دواعي القلق الخاص تزويد أنقرة المسلحين في منطقة إدلب لخفض التصعيد بالزي العسكري التركي.
وأكد المصدر أن مسلحين تابعين لـ”هيئة تحرير الشام” وجماعات أخرى يشاركون في القتال ضد القوات السورية تحت قناع عناصر الجيش التركي.
وأضاف أن القوات السورية دمرت خلال أسبوع أكثر من 20 دبابة وناقلة جنود سلمتها تركيا للمسلحين في إدلب.
ومن جهة اخرى كشف قائد عسكري في المعارضة السورية عن أن سيطرة القوات السورية على مساحات واسعة في ريفي حلب وادلب يعود لطلب تركيا من فصائل المعارضة السورية عدم التصدي لها.
وأكد القائد العسكري أن “القوات السورية سيطرت منذ مطلع العام الحالي على مدينتي معرة النعمان وسراقب وكامل أوتوستراد حلب دمشق ، بسبب قرار تركيا عدم مواجهة فصائل المعارضة السورية للقوات الحكومية التي كانت تخرق اتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا”.
وأضاف القائد، الذي طلب عدم ذكر اسمه ، لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) :” تراجع قواتنا عن كثير من المناطق دون قتال جاء بطلب من تركيا التي حددت حتى نهاية شهر شباط/فبراير الحالي لعودة القوات الحكومية إلى حدود مناطق خفض التصعيد وإلا سوف يدخل الجيش التركي والجيش الوطني معركة مع القوات الحكومية واستعادة كل تلك المناطق “.
كانت مصادر مقربة من القوات الحكومية قالت للوكالة الألمانية بداية الشهر الجاري:” القوات الحكومية تتقدم دون قتال وتسيطر على بلدات وقرى بعد انسحاب مسلحي المعارضة منها “.
وبحسب اتفاق سوتشي الذي وقع منتصف شهر أيلول/ سبتمبر عام 2018 بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان فإن منطقة منزوعة السلاح تمتد من حي الراشدين جنوب مدينة حلب وصولاً إلى تل العيس وتل طوقان، ونقطة الصرمان بريف إدلب وصولاً الى نقطة مورك وشيرمغار في ريف حماة والتي تمتد بعمق 25-15 كم تكون تحت أشراف روسي تركي .
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف السبت أن انتصار الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة إدلب، آخر معاقل الفصائل المعارضة والجهادية في سوريا، أمر “حتمي”.
وأكد لافروف خلال مؤتمر ميونيخ السنوي لمناقشة قضايا دفاعية ودبلوماسية، أن “الانتصار على الإرهاب أمر حتمي”.
وأضاف “أعلنت الولايات المتحدة قضاءها على تنظيم الدولة الإسلامية لكن الوحش عاد”.
ويشن الجيش السوري منذ أشهر عملية عسكرية بدعم من الطيران الروسي في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، حيث تهيمن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) فضلاَ عن فصائل معارضة وجهادية أخرى.
وأقامت تركيا 12 نقطة مراقبة في إدلب بموجب اتفاق وقف إطلاق النار وخفض التصعيد الذي جرى التوصل إليه عام 2018 بين أنقرة التي تدعم فصائل معارضة وموسكو.
وأسفرت مواجهات دامية بين القوات التركية والسورية عن مقتل 14 عسكرياً تركياً في الأيام الأخيرة وتسببت في تبادل الاتهامات بين موسكو وأنقرة.
وقال لافرورف في ميونيخ حيث التقى نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو، “لدينا علاقات جيدة جداً لكن ذلك لا يعني أننا نتفق على كل شيء”.
Source: Raialyoum.com

