
Mogadişu
مقديشو/ نور جيدي/ الأناضول
تزايد ملحوظ تشهده الحوالات التي يتلقاها الصوماليون من الخارج بحلول رمضان من كل عام، تحسبا لغلاء الأسعار وزيادة المتطلبات المنزلية للأسر في الشهر الكريم.
لكن تفشي فيروس كورونا في مختلف أرجاء العالم عبث بالمقاربة التي باتت شبه تقليدية، وقطع الإمدادات المالية التي كان الصوماليون يحصلون عليها من ذويهم في الخارج، ما أفسد طعم الاستعدادات للشهر الفضيل.
هذا المستجد غير المنتظر قد يضع حياة ملايين الصوماليين ممن يعتمدون على الأموال القادمة إليهم من الخارج على المحك، في حال استمرار الوضع الراهن.
** رمضان بلا استعدادات
في خضم جائحة كورونا التي تضرب العالم، تدفع آلاف الأسر الصومالية ثمن تلك الأزمة التي شلت جميع مناحي الحياة، فرمضان هذا العام تنقصه الاستعدادات التي تجسد ثقافة المجتمع لاستقبال الشهر الكريم.
“سعيدة نور”، ربة منزل، تقول للأناضول وهي تراقب رنين هاتفها المحمول: “شهر رمضان الفضيل قد هل علينا والاستعدادات لم تكتمل بعد”.
وأضافت: “لدينا قائمة من الاحتياجات الرمضانية، لكن غياب المصاريف الرمضانية حالت دون شراء هذه الاحتياجات”.
وتابعت نور: “كنت على تواصل مع ابني لتوفير مصاريف رمضان، لكنه لم يتمكن بعد بسبب حظر التجوال المفروض على تنقل المواطنين بين المدن، وليس لدينا مصدر دخل غيره”.
قرار فرض حظر التجوال بين المدن الكبرى في العالم للحد من انتشار كورونا، ومحدودية مكاتب الحوالات الصومالية في أوروبا والولايات المتحدة، يعد العامل الرئيسي لتراجع تدفق الأموال المرسلة من الخارج والتي تعتبر شريان الحياة لملايين الصوماليين.
من جهته، يقول آدم أحمد، صومالي مقيم في ألمانيا للأناضول: “أنا المعيل الوحيد لأسرتي المكونة من 9 أفراد، فالإجراءت الاحترازية التي اتخذتها برلين لمواجهة كورونا أعاقت تنقلاتنا بين المدن، وهو ما يشكل تحديا لإرسال المصاريف الرمضانية لأسرتي في الصومال”.
وأضاف آدم أن “مكاتب الحوالات الصومالية في الخارج بدأت باستغلال الموقف بزيادة رسوم الحوالة بنسبة 50 بالمئة، في ظل تأثر الصوماليين بالإجراءت الاحترازية وفقدان بعضهم وظائفهم، ما يدفع بعض الصوماليين إلى تخفيض المبلغ الذين كانوا يرسلونه لذويهم”.
ويحرص المغتربون الصوماليون على زيادة المصاريف التي يتم إرسالها إلى ذويهم في الصومال خلال شهر رمضان والأعياد، تحسبا لارتفاع أسعار الاحتياجات خلال هذه المناسبات الدينية.
** كورونا يضرب الاقتصاد
تشكل التحويلات المالية مصدر رزق كبير لملايين الصوماليين، وتأثرها بجائحة كورونا الذي فرض إجراءات تقضي بتوقف عجلة اقتصاد العالم لا يمثل تهديدا فقط لحياة هؤلاء، وإنما تعرض الاقتصاد الصومالي أيضا للخطر.
وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن حجم الأموال المتدفقة إلى الصومال عبر التحويلات المالية من الخارج، بلغت 1.8 مليار دولار سنويا، وسط توقعات في انخفاض معدل هذا التدفق بسبب إجراءات كورونا، وهو ما سيعرقل عجلة الاقتصاد في البلاد.
عبد الله محمد، رئيس رابطة الحوالات الصومالية، قال للأناضول إن “التحويلات المالية هي بمثابة العمود الفقري للاقتصاد الوطني، الذي يعتمد على الاستيراد بشكل يقارب 90 بالمئة، وتوقف تلك التحويلات يعني توقف التجارة الصومالية بشكل كامل”.
وأضاف أن “قيمة الحوالات الصومالية التي تأتي من الخارج تراجعت منذ فبراير (شباط) الماضي بنحو 60 بالمئة، بسبب كورونا”، موضحا أن هذا يعد مؤشرا خطيرا قد يفرض تداعياته على الحياة العامة والاقتصاد المحلي.
وحذر رئيس الرابطة، من عواقب وخيمة لشركات التحويلات المالية في حال استمرار القيود الدولية الناتجة عن جائحة كورونا في الأشهر المقبلة، حيث من المتوقع نفاذ الاحتياط المالي لهذه الشركات خلال الشهور المقبلة وهو ما يؤدي إلى إعلان حالة إفلاس والخروج من ساحة التحويلات نهائيا.
وقال يوسف أحمد، المحلل اقتصادي الصومالي، للأناضول، إن التحويلات المالية تعد من أهم مصادر الاقتصادية في البلاد إن لم تكن الأكبر طيلة السنوات الماضية، حيث تشكل نحو 23 بالمئة من إجمالي ناتج المحلي في البلاد.
وحذر أحمد من أن استمرار أزمة كورونا التي تسببت في تراجع سيولة الأموال عبر التحويلات المالية قد يشل قطاعات أوسع في المجتمع الصومالي، وقد يزيد من نسبة البطالة في هذا البلاد الذي يعتمد نحو 50 بالمئة من سكانه على التحويلات المالية القادمة من الخارج.