يشكي الكثير من الأهالي من بكاء أطفالهم ليلاً وضرب رأسهم بالوسادة أحياناً، أو إذا كان الطفل يتكلم قد يشكي من ألم شديد في الأذن، فيقوم الأهل بإعطائه أدوية مسكنة للألم، ثم خلال 20 دقيقة يسكن ألم الطفل ثم يعاود للنوم مرة أخرى، وما يلبث مرور ساعتين ثم يعاود الطفل بالبكاء، هنا يعود السبب لالتهاب في الأذن الوسطى، لذا لا تجدي المسكنات جدوى في هذه الحالة.

تعتبر آلام الأذن من أكثر الآلام إزعاجاً، وهي تحدث فجأة ومن دون مقدمات. وتشاهد آلام الأذن في كل الأعمار، إلا أنها أكثر مشاهدة لدى الأطفال والشباب، وغالباً ما تدفع بأصحابها إلى عيادة الطبيب، خصوصاً الشديدة منها.

أقسام الأذن

ومعروف أن الأذن تتألف من ثلاثة أقسام هي:

  • الأذن الخارجية، مؤلفة من الصيوان الذي يجمع الأصوات، وقناة الأذن التي تعمل على إيصال الأصوات إلى غشاء الطبلة الذي تنتهي عنده حدود الأذن الخارجية لتبدأ معه الأذن الوسطى.
  • الأذن الوسطى، وهي عبارة عن تجويف يحتوي على ثلاث عظيمات هي: المطرقة، والسندان، والركابة.
  • الأذن الداخلية، التي تتألف من قنوات معقدة تحول الذبذبات الصوتية إلى إشارات عصبية، وقنوات أخرى نصف هلالية تعمل على حفظ التوازن في الجسم.

وإن أي قسم من أقسام الأذن يمكن أن يكون سبباً لألم الأذن.

للمزيد: التهاب الاذن الوسطى عند الأطفال

أسباب الم الاذن

ومن بين أكثر الأسباب التي تثير آلام الأذن هي الآتية:

التهابات الأذن الخارجية جرثومية المنشأ

تمثل التهابات الأذن الخارجية جرثومية المنشأ أكثر الأسباب شيوعاً التي تقف خلف الآلام الأذنية الشديدة، وفي كثير من الأحيان تقع هذه الالتهابات بعد تعرض الأذن لجروح ناتجة من التنظيف الزائد عن اللزوم، أو على إثر القيام بسلوكيات سيئة يلجأ إليها بعضهم، وهي استخدام أدوات حادة للتنظيف. وهنا تكمن المصيبة، إذ إن هذا السلوك الخاطئ يترك خلفه خدوشاً في قناة الأذن ما يعرضها للهجوم الميكروبي، وبالتالي الإصابة بالالتهابات.

كثيرون إن لم يكن الجميع، يظنون أن تنظيف الأذن باستعمال القطن الطبي الملفوف على الأعواد البلاستيكية أو الخشبية هو سلوك سليم، ولكن لا وألف لا، لأن هذه الأعواد غالباً ما تترك شروخاً في الجلد الرقيق جداً المغطي لقناة الأذن الخارجية فيحدث التلوث الميكروبي.

الدمل (خراج) الأذن الخارجية

يعتبر دمل الأذن الخارجية أيضاً من الأسباب الشائعة لآلام الأذن، وهو عبارة عن التهاب جرثومي بالمكورات العقدية لحويصلات الشعر الموجودة في الجزء الخارجي من قناة الأذن، وهو مرض شائع الحدوث خصوصاً في مواسم الصيف.

من أهم أسباب حدوث الدمل هو حك الأذن بالظفر، أو استخدام أدوات غير نظيفة لإخراج شمع الأذن مثل الدبوس، ودبوس الشعر، أو بعود الثقاب، أو بالمفاتيح المتوافرة في الجيب،  كما تشيع الإصابة بالدمل عند الذين يعانون من السكري، من هنا ينصح كل من شكا مراراً من هذا الدمل أن يلجأ إلى فحص السكر لديه لنفي وجود المرض أو تأكيده.

يشكو المصاب بالدمل من ألم في الأذن تزداد حدته عند تحريك الصيوان أو تحريك الفك أثناء مضغ الطعام، وإذا وصل الدمل إلى حجم كبير سد فيه قناة الأذن فإن نقص السمع يكون على الموعد.

التهاب الأذن الخارجية الفطرية

يمكن للفطريات أن تهاجم قناة الأذن مسببة التهاب الأذن بالفطريات، وقد يقتصر هذا الغزو على الطبقة السطحية للجلد المبطن لقناة الأذن الخارجية، أو أنها قد تغور في العمق إلى ما تحت الطبقة السطحية الأمر الذي يثير نهايات الأعصاب الحساسة الموجودة في تلك المنطقة، فيعاني الشخص من الألم، ومن الرغبة العارمة في الهرش.

إن رطوبة الأذن تلعب دوراً مهيئاً يسهل حدوث الإصابات الفطرية للأذن، لذا ينتشر المرض في فصل الصيف، وفي المناطق الشديدة الحرارة والمرتفعة الرطوبة، ولدى الذين يستعملون الماء بكثرة، وطبعاً إن إدخال أجسام “غريبة” لتنظيف الأذن مثل أعواد الكبريت أو بنسات الشعر وغيرها، تشجع على الإصابة بالمرض.

الأجسام الغريبة في الأذن

تدخل الأجسام الفريبة إلى قناة الأذن، خصوصاً عند الصغار، والأجسام قد تكون صلبة أو لينة أو حشرية، إن بعض الأجسام الغريبة مثل العدس والحمص والخرز، والقطع البلاستيكية وغيرها قد تجد طريقها إلى الأذن إما قصداً (وهو شائع) أو بالصدفة.

تتضمن أعراض دخول الأجسام الغريبة للأذن: ضعف السمع، وخروج مفرزات قيحية من الأذن، والآلام الشديدة، والطنين. والأجسام الغريبة عند الطفل غالباً ما يشير إليها بنفسه، أو أن الأم هي التي تكتشفها بالصدفة، وقد يكون إخراج هذه الأجسام سهلاً، ولكن جزع الطفل وهلعه يدفعان إلى صعوبة إنجاز هذه المهمة. وما يزيد الوضع سوءاً في الأجسام الغريبة هو محاولات الأهل أو غير المؤهلين سحب الجسم الغريب، فتكون النتيجة التسبب في دفع الجسم في العمق، ونشوء مضاعفات لا لزوم لها تترك آثارها على الأذن كلها.

إن خير ما يمكن عمله في هذه الحال هو الذهاب الى الطبيب المختص الذي يملك الأدوات المناسبة لسحب الجسم الغريب من دون أضرار.

للمزيد: الوقايه من التهابات الاذن

التهابات الأذن الوسطى

تعتبر الأذن الوسطى أكثر أجزاء الأذن تعرضاً للعدوى الميكروبية، لأنه ينفتح على الحلق بمجرى خلفي يسمى القناة السمعية (قناة أستاكيوس)، من هنا فإن أي عدوى تطاول أعضاء الجوار، كالحلق والحنجرة والجيوب والأنف، يمكن أن تتنقل لتصل الى الأذن الوسطى.

يعتبر الأطفالهم أكثر ضحايا التهابات الأذن الوسطى، ويرجع السبب بالدرجة الأولى إلى قصر القناة السمعية لديهم، كما يمكن للطبلة المثقوبة أن تكون باباً لتسرب العدوى من الأذن الخارجية إلى الأذن الوسطى، وهذا ما يشاهد في حمامات السباحة أو على شواطئ البحر.

يتمثل التهاب الأذن الوسطى بألم حاد مصحوباً باحساس ضغط مزعج للغاية، وضعف في السمع، وفي حال انسداد القناة السمعية أستاكيوس، فإن تجويف الأذن الوسطى يمتلئ بالمفرزات المخاطية أو القيحية، فيشكو المريض من الحمى، وفقدان السمع. وإذا لم يتم إسعاف الحالة فإن السوائل تتراكم في الأذن الوسطى، فيزداد الضغط داخلها، الأمر الذي يدفع بالمفرزات الالتهابية إلى الأذن الخارجية بأحداثها ثقباً في غشاء الطبلة.

ومن الأساليب الخاطئة التي تشجع على حدوث التهاب الأذن الوسطى عند الرضع، هو إرضاعه وهو مستلق على ظهره، ما يسمح للحليب والسوائل المغذية بالانسياب إلى الأذن من خلال قناة استاكيوس، فتبقى هذه راكدة في الأذن مشكلة بؤرة مثالية لتكاثر الميكروبات، وبالتالي حدوث الالتهاب. من هنا يجب تفادي إرضاع الطفل وهو مستلق على ظهره.

إن الألم المرافق لالتهاب الأذن الوسطى يزداد سوءاً ليلاً، ولا يرجع ذلك إلى بصعوبة نيل الخدمة الطبية، بل إلى انسداد قناة الأذن أستاكيوس، ففي النهار، ولدى رفع الرأس تفرغ القناة المذكورة محتوياتها في الحلق، وعند المضغ والبلع تتقلص عضلات قناة أستاكيوس كي تنفتح القناة وتسمح بدخول الهواء إلى الأذن الوسطى، ولكن عند الاضطجاع والنوم فإن الأمر يتبدل، إذ لا تستطيع قناة الأذن إفراغ محتوياتها كاملاً ولا تحصل الأذن الوسطى على الهواء الذي يكفيها، والهواء الذي كان موجوداً فيها يتم امتصاصه تاركاً فراغاً يسبب سحب غشاء الطبلة إلى الداخل وبالتالي حدوث الألم في الأذن.

التهابات الأذن الداخلية

تحدث التهابات الأذن الداخلية إثر وصول الجراثيم عن طريق مجرى الدم، أو مباشرة من جارتها الأذن الوسطى ويمكن لهذه الالتهابات أن تطاول كل الأعمار ويصيب الرجال والنساء بالنسبة نفسها.

وبما أن للأذن الداخلية علاقة بالتوازن والسمع، فإن هاتين الوظيفتين تتأثران بدرجات مختلفة حسب نوع الالتهاب وشدته، وتؤدي التهابات الأذن الداخلية إلى المعاناة من جملة من العوارض، منها: الدوار المفاجئ، نقص السمع أو حتى فقده، اضطراب في التوازن، الطنين.

وتبقى مسألتان: الاولى هي أن آلام الأذن بحد ذاتها قليلة الخطورة إذا ما تم تداركها في الوقت المناسب باستشارة الطبيب المختص،  أما الثانية فهي أن آلام الأذن قد تكون انعكاسية، أي أنها تنشأ من مناطق تقع في الرأس أو الرقبة التي تشترك معها بالأعصاب الحسية نفسها، ومن هذه المناطق الجيوب الأنفية، الأنف، البلعوم الأنفي، اللثة، الأسنان، الفك السفلي، اللوزات، الرغامى، المريء.

للمزيد: علاج التهاب الأذن بزيت الزيتون

مجلة بلسم لشهر شباط 2012 العدد رقم 440 (بتصرف).