.jpg)
محمد فرحان
الغد- بعد ثماني سنوات غيرت وجه البرازيل، واخرجتها من ثلاثية الفقر والجهل والمرض، بفضل الرئيس السجين لويس إيناسيو لولا داسيلفا، والذي خلصها اثناء حكمه من العجز والفشل والكسل، وبعد اقالة مجلس الشيوخ البرازيلي نائبته الرئيسة ديلما روسيف من الحكم، واستلام اليميني المحافظ ميشال تامر باعتباره نائبا للرئيس، الذي خلق حالة العداء في الشارع البرازيلي الذي كان دي سيلفا قد ساهم في نزع الى حد كبير الصراع الاجتماعي في البلاد، وخلق واقعا اجتماعيا جديدا متعاضدا ومتكاتفا، أدخله استلام تامر اليميني والمحافظ الذي توصفه وسائل الإعلام الدولية بـ” المنقلب” على حليفه في السلطة حزب العمال الحاكم منذ عام 2003 (بقيادة ديلما روسيف) من أجل تولي رئاسة البلاد.
ومع منع قضاة المحكمة الانتخابية العليا في البرازيل بالغالبية قرارا بإبطال ترشيح الرئيس البرازيلي الأسبق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا للانتخابات الرئاسية المزمع اجراؤها في السابع من الشهر الحالي.
وأعلن دا سيلفا في حينه أنه واثق من فوزه بالانتخابات الرئاسية من الدورة الأولى، معتبرا أن ما يتعرض له من اضطهاد من السلطات يزيد من شعبيته فى استطلاعات الرأى، قائلا: “لا يريدونني أن أكون مرشحا، وبقدر ما يوجهون لي الاتهامات ويضطهدونني، تزداد شعبيتي في استطلاعات الرأي، ويعرفون تماما أنني في حال ترشحت فإن فرص نجاحي في الدورة الأولى مؤكدة تماما”
وكشفت دراسة استقصائية نشرتها وسائل إعلام برازيلية، انه من المحتمل أن تكون الانتخابات المقبلة مزعزعة للاستقرار السياسي وبوابة كبيرة لانتشار الفوضى في البلد اللاتيني المهم.
فيما رأت صحيفة “التيريبونو” الإسبانية، إن هناك مخاوف على البرازيل من أن تسقط في الهاوية، وأن تنشر الفوضى فيها بعد منع زعيم سياسي لديه شعبية واسعة من الترشح في الانتخابات، وإعلان النائب اليميني المتطرف جاير بولسونارو، الذي يمتلك تاريخا حافلا من التصريحات المثيرة للجدل والمليئة بالعنصرية.
وفي تقرير لصحيفة نيويورك تايمز ، ذكرت الصحيفة أن بروز المرشح جاير بولسونارو ، وحنينه إلى الحقبة العسكرية ، وهو ليس وحده، حيث ينتمي إلى طبقة سياسية محافظة تسمى تجمع “الرصاص واللحم والكتاب المقدس، لأن هذا التجمع يمثّل مصالح قوات الأمن والصناعات الزراعية والكنائس الإنجيلية، وبالمجمل ليس جميع أعضاء هذا التجمع آسفين على انتهاء أيام النظام العسكري -على الأقل ليس علنا-، ولكن يبدو بأنهم يفضلون حكم ديكتاتورية يمينية على حكم حكومة ديمقراطية يديرها اليسار، حيث يشير أحد أعضاء الكونغرس البرازيلي، الذي يرتدي زيا عسكريا أثناء عمله، بأن انقلاب العام 1964 هو “ثورة ديمقراطية”.
وتضيف الصحيفة انه يبدو بأن الحنين إلى الماضي الاستبدادي قد أصبح اتجاها رائجا اليوم، حيث يقول بولسونارو بأن الشعب البرازيلي يحن لقيم الجيش الأخلاقية، “في ذاك الوقت كان هنالك حشمة واحترام للعائلة، الأمور اليوم تبدو مشينة”، قال بولسونارو في مقابلة مع موقع إخباري، مشيرا على وجه التحديد إلى تقنين الماريجوانا كأحد السقطات الأخلاقية التي وقعت فيها حكومة البرازيل اليوم.
وفقا لاستطلاع للعام 2014، يرى 51 % من البرازيليين بأن الشوارع كانت أكثر أمانا خلال حقبة النظام العسكري الديكتاتوري “لقد كان وقتا رائعا، كان يمكننا السير في الشوارع بسلام، وكان يتم احترام العائلات”، قال بولسونارو في مقابلة تلفزيونية، وهنا أود أن أوضح بأن هذا الأمر كان صحيحا طالما لم تكن أنت أو عائلتك مصنفين حكوميًا باعتباركم “مخربين” أو “إرهابيين” أو “أعداء للدولة”، وهو الوصف الذي يمكن إطلاقه على أي شخص يجرؤ على التحدث ضد النظام.
ويتنامى الاعتقاد الشعبي أيضا كما تقول الصحيفة بأن الفساد، الذي تتهم به الحكومة الحالية، لم يكن موجودا في تلك الأيام، وهذا الأمر ليس صحيحا بالطبع، حيث تشير التقارير اليوم بأنه وفي ظل النظام العسكري كانت هناك حالات من عمل الشرطة مع تجار المخدرات، وتلقي الحكام للرشاوى، من بين أمثلة أخرى عن الكسب غير المشروع، وما لم يكن موجودا حقا في تلك الأيام هو حرية التعبير وحرية الصحافة للتنديد واشهار آثام الحكومة.
بولسونارو وفق تصريحاته الكثيرة يرى، بأن تنازل البرازيليين عن حرياتهم هو ثمن بخس يُدفع لقاء “استرداد المعلمين لاحترامهم في الفصول الدراسية” و”ليكون البرازيليون قادرين على شراء المسدسات من المتاجر”.
وتقول نيويورك تايمز لكن عندما يحن بولسونارو وأنصاره لأيام قيم الأسرة، حقوق السلاح، واحترام المعلمين، ربما يحنون لشيء آخر لم يذكروه، إنه الحنين للأيام التي لم تواجه فيها النخب المحافظة أي تحديات، وللأيام التي لم يحظ فيها الأقليات والفقراء إلا بفرصة اتباع الأوامر.
في العقود القليلة الماضية، وخاصة منذ وصول حزب العمال إلى السلطة قبل 13 عاما، تغير هذا الواقع، حتى لو كان هذا التغير ناقصا؛ فالديمقراطية اليوم تعني بأن جميع المواطنين يحوزون مكانة متساوية والجميع يمتلك حق التصويت، وربما كان الحنين إلى حقبة الديكتاتورية العسكرية يعبّر في حقيقة الأمر عن الرغبة في إبقاء الناس في منازلهم.
ويثير بولسونارو الجدل بسبب وعوده للبرازيليين، والتي من بينها إخراج البرازيل من منظمة الأمم المتحدة لأنه يعتبرها “اجتماعا للشيوعيين”.
وإغلاق مقر السفارة الفلسطينية لدى بلاده، حال تمكنه من الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ورغم اعتراف البرازيل بفلسطين كـ”دولة مستقلة ذات سيادة” منذ 2010، إلا أن “بولسونارو” لم يترك مناسبة دون التشديد على قوة العلاقات الثنائية بين البرازيل وإسرائيل.
ويرى بولسيناريو أن قرار الرئيس السابق، ديلما روسيف، بإنشاء مقر السفارة الفلسطينية في العاصمة الفيدرالية برازيليا في 2016، كان نتيجة عدة مفاوضات دارها الرئيس ديلما مع ما أسماهم بـ”الإرهابيين”.
وقال المرشح الرئاسي “لقد تفاوض الرئيس ديلما مع فلسطين لكنه لم يتفاوض مع الشعب الفلسطيني فلا يمكن للمرء أن يتفاوض مع إرهابيين”، مضيفا “لذا فمن الضرورى إزالة مقر السفارة الفلسطينية من العاصمة برازيليا”.
ووفقا لاستطلاعات الرأى الأخيرة، فأن بولسونارو حصل على نسبة 17 % متفوقا على عالمة البيئة مارينا سيلفا التي حصلت على 13 % وأيضا على مرشح حزب العمال سيرو جوميز 8 % والمرشح الديمقراطي الاجتماعي جيرالدو ألكمين 6 %.
