هآرتس
زئيف شتيرنهيل
1/10/2018
من الخطأ الشديد التفكير أن اليمين لا يعرف ما هي الديمقراطية: ليس هناك من يفهم ذلك أفضل منه، وليس هناك من يعمل بجد كبير أكثر من اجل دفنها إلى الأبد. هذا معنى الثورة المحافظة التي تدور الآن في إسرائيل، حيث قانون القومية هو فصل رئيسي فيها.
في بلاد أخرى مثل المانيا في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين شكلت مدرسة الثورة المحافظة مرحلة مسبقة لصعود النازية. أيضا في فرنسا اعدت الايديولوجيا القومية المتطرفة والعنصرية في تلك الفترة الارض أمام الفاشية وقوانين العنصرية للعام 1940. علينا الأمل في إسرائيل أن لا نصل إلى خراب من هذا النوع. محظور أن ننسى ما حدث في القرن العشرين عندما ننظر إلى الخطوات التدميرية التي تمر الآن علينا، لان هذا منزلق خطير يصعب التوقف فيه.
الدفاع عن حقوق الإنسان العالمية لم يكن في أي يوم مهمة سهلة، لكن في إسرائيل اليوم بقي فقط الذراع القضائي كحاجز اخير ووحيد أمام نظام نصف ديمقراطي مثلما في هنغاريا وبولندا. السعي إلى تصفية هذا العائق بهدف واضح هو تقليص صلاحيات الاشراف والمنع لحدها الأدنى للسلطة القضائية، يسمى عندنا سعي إلى “الحاكمية”. ولكن هذه الصلاحيات هي القلب النابض للديمقراطية الليبرالية، التي هي الديمقراطية الوحيدة القائمة.
إضافة إلى ذلك، القضاء كما هو معروف ليس مجالا محايدا ومتحررا من القيم أكثر من الفلسفة أو التاريخ: كل المسألة هي ما هي القيم التي يتبناها القضاة. في القرن الماضي كان هناك قضاة اعتقدوا أنه لا يجب تقييد حقوق طفل ابن عشر سنوات في العمل في منجم للفحم. كان هناك قضاة فاشيين وكان هناك قضاة نازيون، جميعهم مثقفون وجميعهم وطنيون مخلصون لقوانين بلادهم. لولا القضاة الليبراليين في المحكمة العليا في الولايات المتحدة لكان الاولاد السود في الاباما والمسيسيبي، سيكونون حتى الآن يتعلمون في مدارس منفصلة ومتدنية.
الوضع عندنا لا يختلف. من أراد أن يقود في إسرائيل هيمنة يهودية وطنية متطرفة اثنية اهتم بسن قانون القومية، وفي موازاة ذلك اهتم بتغيير تركيبة المحكمة العليا. إذا استمر هذا التوجه فلن يبقى من الديمقراطية سوى القشرة: سيكون هناك انتخابات مهمتها هي تخليد الحكم القائم، لأنه من الواضح للعيان أنه اذا كانت الغالبية الحالية ستتحول إلى اقلية والاغلبية الجديدة للوسط- يسار ستقرر انهاء الاحتلال فستواجه بالتمرد.
إن صوت التهديد بـ “حرب اهلية” مرفوع دائما فوق صناديق الاقتراع وهو يشل اليسار. هذه هي طريق اليمين لتثبيت قوته: هو يقبل بالحسم الديمقراطي طالما أن هذا يتوافق مع ايديولوجيته. عندما ظهر بأن حكومة رابين ستنهي الحرب مع الفلسطينيين، أعلن اليمين عن ثورة، وبنيامين نتنياهو ظهر على الشرفة في ميدان صهيون وكان مشرفا على اعلان رابين وهو يلبس زي الـ اس.اس. القتل ترجم الاعلان إلى فعل والثورة نجحت. ومن اجل الدقة، فإن الخوف من انتفاضة اليمين شلت اليسار حتى قبل عملية القتل عندما لم يتجرأ على اخلاء المستوطنات المعزولة أو أن يخلي من الخليل من يؤيدون باروخ غولدشتاين.
لذلك، من الوهم أن نفكر بامكانية اخضاع اليمين عن طريق الاقتراب من مواقفه، الجمهور يقدر المواقف القاطعة، الشجاعة والتصميم، وليس التباكي كما يفعل آفي غباي ويائير لبيد. من ليس لديه ثقة بالنفس من اجل الإعلان أن هدف الانتخابات هو أيضا الدفاع عن الحرية والمساواة وكذلك انهاء الاحتلال فمن الافضل أن لا يضع نفسه في الامتحان.
