كثيرا ما يمثل بكاء الأطفال قلقا وضيقا أو توترا شديدا لدى الوالدين، ولا يعرفان سبب بكاء الأطفال أو كيفية التغلب أو التعامل مع هذا البكاء بصورة صحيحة، وقد يصاب الوالدان بإحباط شديد عند الفشل في التعامل مع بكاء وليدهما خصوصا إذا كانا جديدين في التعامل مع أول مولود لهما، لكن يجب أن يعرف الجميع أن بكاء الأطفال في السنوات الأولى أمر طبيعي للتعبير عن احتياجاتهم والتأكد من استجابة الوالدين لمطالبهم، وقد أكد العلماء أن الأطفال حديثو الولادة يبكون بمعدل ما بين ساعة واحدة إلى ثلاث ساعات يوميا، ومع مرور الوقت والمحاولة تستطيع الأم أن تتعرف على سبب بكاء طفلها وكيفية التعامل معه وتدريبه على طرق التواصل الجيدة بعيدا عن البكاء كالتواصل بالعينين أو الابتسامة أو إصدار أصوات معينة، ويجب في هذه الحالات الاستجابة لمتطلباته بشكل معقول؛ حتى يتعلم التعبير عن احتياجاته بصورة سليمة دون بكاء، وفي هذا المقال نتناول أسباب بكاء الأطفال، وكيفية التغلب على بكاء الأطفال، ونختتم ببعض النصائح للتغلب على البكاء المستمر عند الأطفال.
علاج مشكلة بكاء الأطفال بأفضل الوسائل
أسباب بكاء الأطفال
إن بكاء الأطفال قد يشكل عائقا وسببا للقلق لدى كثير من الأمهات خصوصا إذا استمر هذا البكاء لفترات طويلة؛ لذلك نوجز فيما يلي أهم أسباب بكاء الأطفال بصفة عامة لتتعرف الأم عليها حتى يسهل التعامل معها:
1- المرض: لا بد من فحص الطفل جيدا للتأكد من درجة حرارته الطبيعية وأنه لا يعاني من حمى أو مغص معوي أو طفح جلدي أو تنفس غير منتظم أو بعض الغازات الناتجة عن نوع اللبن الذي يتناوله؛ وإذا لم تكن الأم قادرة على التعامل مع تلك المشكلة فعليها بالاتصال بالطبيب المختص فورا وعرض الطفل عليه.
2- الجوع: يعتبر الجوع من أكثر أسباب بكاء الأطفال شيوعا؛ لأن معدة الأطفال صغيرة ولا تتسع لكمية كبيرة من الطعام؛ لذلك فهو بحاجة إلى تكرار الطعام خلال فترات متقاربة حتى لا يشعر بالجوع، ويكون الفاصل بين الرضعات حوالي ساعتين تقريبا.
3- تغيير الملابس: أحيانا يبكي الأطفال إذا كانت الملابس متسخة أو ضيقة وتسبب له الضيق والألم أو قد يكون بحاجة إلى تغيير الحفاضات المبللة أو المتسخة؛ لذلك يجب أن تحرص الأم على نظافة طفلها وأن تكون ملابسه ليست ضيقة وغير مقلقة له.
4- الشعور بالبرد أو الحر: قد يبكي الأطفال تعبيرا عن شعورهم بالحر الزائد نتيجة للملابس الكثيرة أو للبرد الشديد نتيجة لنقص التدفئة؛ وهنا يكون بكاء الأطفال لأسباب خارجية يجب على الأم التغلب عليها وتخفيف ملابسه أو تزويدها حسب حالة الجو المناسبة التي يجب أن تكون حوالي 23 درجة مئوية لتناسب راحة الطفل.
5- الحاجة إلى الحنان: من الطبيعي أن الأطفال بحاجة إلى قدر كبير من الحنان والعطف والتعامل الرقيق والتواصل الجسدي؛ فإذا افتقد الأطفال بعض تلك المشاعر فيضطر إلى البكاء طلبا لتحقيق هذا المطلب من الاحتضان أو الحنان والحب وخصوصا في الأشهر الأولى؛ فلا يشعر بالأمان إلا في قربه من أمه وسماع دقات قلبها.
6- الرغبة في النوم: كثيرا ما يكون بكاء الأطفال سببه الحاجة إلى الراحة والهدوء أو الخلود للنوم، ويمكن للأم أن تعرف حاجة ابنها للنوم إذا لاحظت هدوءه أو تحديقه في الفراغ وبالتالي عليها القيام بالطقوس اليومية التي عودته عليها لكي يخلد للنوم من الهدهدة أو إطفاء الأنوار أو الغناء له؛ حتى يشعر بالراحة والنوم بهدوء.
7- تحقيق بعض المطالب: قد يلجأ بعض الأطفال إلى البكاء عندما يريد مطلبا ما ويعجز عن التعبير عنه وفي المقابل لا تستجيب الأم لمطلبه بسبب عدم قدرتها على فهم وليدها، وفي هذه الحالة يعتبر قلب الأم دليلها للتغلب على بكاء الأطفال ، فإذا لم تتمكن من فهم احتياجات طفلها عليها بالاستعانة بأم أكثر خبرة منها في هذا المجال لفهم احتياجات الطفل وتحقيقها بقدر الإمكان.
8- الشعور بالوحدة أو الملل: إذا شعر الطفل بانشغال أمه عنه وعدم اهتمامها به؛ فهنا يضطر إلى جذب انتباهها لتعود إلى الاهتمام به مرة أخرى والعطف عليه ليشعر بالأمان والحنان.
9- الخوف: قد يكون الخوف من صوت مزعج أو مخيف أو رؤية مشهد مقلق سواء في التلفاز أو في الحقيقة أحد أسباب بكاء الأطفال ؛ وبالتالي يحتاج الأطفال إلى الاحتضان ليكون قريبا من صدر الأم ويشعر بالأمان والراحة.
10- الغضب: إن كثرة بكاء الأطفال مع الاستمرار في عدم الاستجابة لمتطلباتهم قد يولد شعورا بالغضب والضيق؛ مما قد يؤثر في تكوين شخصية هذا الطفل مستقبلا بسبب شعوره بالحرمان الذي تربى عليه؛ لذلك يجب البحث عن أسباب بكاء الأطفال وتحقيق المتطلبات التي تناسبهم.
كيف يمكن التغلب على بكاء الأطفال؟
كما ذكرنا سابقا فإن أسباب بكاء الأطفال متعددة، وتستطيع الأم بحكم خبرتها تبين تلك الأسباب بسهولة والتعامل معها بطريقة حكيمة ونافعة وغير مؤثرة سلبيا على تكوين شخصية الطفل في المستقبل، وفيما يلي أهم الوسائل التي يمكن للأم من خلالها التغلب على بكاء الأطفال:
1- تدليك الجسم والبطن: قد يساعدك تدليك بطن وجسم طفلك على التهدئة والتخفيف من بكاء الأطفال خصوصا إذا كان يعاني من المغص أو بعض الألم في البطن بسبب الغازات؛ وبالتالي يشعر بالراحة والتغلب على القلق والألم.
2- الهدهدة: إن بعض الأطفال قد يحتاج إلى الهدهدة لتهدئته والتغلب على بكائه؛ ليشعر بالراحة والأمان، فقط عليك حمله والمشي به قليلا أو الجلوس معه في كرسي هزاز أو استخدام أرجوحة مناسبة وآمنة لطفلك أو التنزه معه في رحلة قصيرة بعربته أو سيارتك.
3- الرضاعة في وضع مختلف: أحيانا يبكي الأطفال أثناء الرضاعة، وهنا يجب على الأم أن تهدهد الطفل مع تغيير وضعيته أثناء الرضاعة وحمله على الكتف للتجشؤ والتخلص من الغازات التي قد تكون سببا في بكاء الأطفال وآلامهم المجهولة.
4- الحمام الدافئ: إن الحمام الدافئ قد يساعد غالبا في تهدئة الطفل والتخلص من بكائه؛ لأن الماء الدافئ نسبيا يساعد على تهدئة جسمه مع الشعور بالراحة والاسترخاء.
5- المص أو الموسيقى: إن اعتياد الطفل على إيقاع منتظم بسماع دقات قلب الأم وهو في رحمها قد يجعل من السهل عليها أن تهدئ من ثورته وبكائه إذا استمر في ذلك من خلال سماع بعض الموسيقى الهادئة أو بعض برامج الأطفال الهادفة والمناسبة لسن الطفل، وقد يكون مص الطفل لمصاصة مناسبا أيضا للتخلص من بكائه والعمل على راحته.
6- مشاركة الطفل: إذا فشلت جميع الحيل السابقة في التغلب على بكاء الأطفال والرضع فلم يبقَ إلا حيلة واحدة وهي مشاركة الطفل لمدة دقيقة أو أكثر في المشاعر وتقليده في البكاء والعويل، ولكن احذري السخرية من مشاعره، بل عليك البكاء والشكوى من متاعب وأعمال اليوم والإرهاق الناتج عنها، ولا تستهيني بالنتيجة فقد تكون النتيجة مبهرة ويستجيب الطفل لشكواك ويتفاعل معها؛ وبالتالي تنجح الخطة في تهدئة الطفل والتخلص من البكاء المزعج.
نصائح مهمة للتغلب على بكاء الأطفال المزعج
إن لجوء الأطفال إلى البكاء المستمر لا بد أن يكون له سبب ذو أهمية كبيرة لدى الطفل؛ لذلك يجب على الوالدين الحذر في التعامل مع الأطفال في هذه الحالة؛ ومن هنا نقدم بعض النصائح التي يجب على الوالدين اتباعها للتخلص من بكاء الأطفال المزعج بطريقة صحيحة:
1- قد يكون بكاء الطفل من أجل الرضوخ لمطالبه؛ لذلك ينصح بعدم التنازل عن موقفك إذا كان سليما مهما زاد في بكائه؛ لأن ذلك يعلمه الابتزاز ويرسخ عنده عقيدة أن البكاء هو أنجح وسيلة للحصول على مطالبه وتحقيق احتياجاته.
2- يجب تعزيز السلوك الجيد المناسب للتعبير عن الانفعالات والضيق بعيدا عن البكاء؛ وذلك لأن مكافأته بالمدح أو العناق أو التقبيل أو الابتسامة والإطراء والحديث عن هذا السلوك المحمود أمام الآخرين يعزز من قيمة هذا السلوك لديه ويثبته كسلوك مرغوب فيه.
3- عند الاستمرار في البكاء دون استجابة لك فعليك أن تطلبي منه الدخول إلى غرفته للتفكير في سبب البكاء ثم العودة إليك بهدوء للتعبير عن مطالبه بأسلوب مقبول، وتعتبر تلك من أنجح الطرق للتفاهم والتخلص من بكاء الأطفال وإزعاجهم.
4- يجب التفاوض مع الطفل ليفهم الطريقة المناسبة للتعبير عن المطالب والحاجات بدون بكاء، كما يجب أن يفهم أن البكاء للرضع فقط وليس للكبار، وليس هو الوسيلة الناجحة لاستعطاف الآخرين وتحقيق المطالب.
5- إن بكاء الأطفال دائما ما يكون له سبب ومبررات؛ لذلك إذا رفض الوالدان تحقيق مطالب الطفل فلابد أن يكون هناك البديل المناسب الذي يجب توفيره للطفل والذي يحقق هدفه ويرضي طموحة بطريقة أنسب وأنجح.
6- من الأفضل عدم الضغط على الطفل أكثر من اللازم بكثرة المطالب، بل يجب عدم إجباره على فعل أشياء لا يرغبها؛ حتى يحقق المستوى المطلوب والهدف المرجو منه، كما يجب توفير الإغراءات اللازمة ليكون مقبلا على فعل الأشياء المطلوبة منه عن رغبة وسعادة.
7- إن التوتر والضيق من صراخ وبكاء الأطفال يزيد الأمر سوءا؛ ويجعل الطفل يزداد بكاءً وتوترا، ولكن يجب متابعته أثناء نوبات الغضب حتى لا يؤذي نفسه، والعمل على التخفيف من هذه النوبات بطريقة ناجحة من خلال إحدى الطرق السابقة التي تم تناولها في هذا المقال.
8- إن بكاء الأطفال يحتاج إلى الحزم والنظر في عيني الطفل بدون تردد مباشرة مع إظهار الضيق من سلوكه المرفوض؛ لذلك يجب أن تجلسيه مباشرة أمامك ليتعلم السلوك الحسن من السلوك المشين، مع إظهار الضيق والاستغراب من سلوكه وتصرفه غير السليم.
إن بكاء الأطفال سلوك عادي يجب أن يتعامل معه الوالدان بشيء من الجدية والاهتمام وعدم التجاهل، كما يجب أن يوضع ويوجه في مساره السليم مع توجيه الأطفال للأسلوب السليم للتعبير عن الحاجات أو المطالب بدون بكاء أو صراخ، ويجب أن يعلم الوالدان أن بكاء الأطفال ليس له علاج سحري، ولكن هناك أسباب لهذا البكاء وقد تم تناول أغلب تلك الأسباب في بداية المقال، وإذا كان سبب بكاء الطفل مجهولا فيجب عرضه على الطبيب فورا فقد تكون هناك آلام أو أمراض غير ظاهرة للعيان، وكما يقول الأطباء عن كثرة بكاء الأطفال في الأسابيع الأول أن سببها المغص المعوي أو الخلل في التوازن الهرموني أو البكتيري؛ لذلك فإن مراجعة الطبيب سريعا عند الاستمرار في البكاء من شأنها اكتشاف الأسباب العلمية وراء هذا البكاء المستمر مع التشخيص الصحيح ووصف العلاج النافع سواء كان بتغيير نوع اللبن الذي يتناوله الطفل أو علاج البكتريا المعوية أو الحساسية لأحد مكونات غذائه؛ وبالتالي تنجح الأم في التعرف على سبب بكاء وليدها الفعلي دون تجاهله أو السخرية منه؛ فيترتب على ذلك آثار سيئة على شخصية الطفل مستقبلا.