صحة الطفل النفسية هي جزء مهم من دراسات علم النفس الطفل، وتهدف إلى الوصول إلى مرحلة الاتزان النفسي والسلوكي والانفعالي والإدراكي حتي ينشأ طفل سوى لا يعاني من الاضطرابات، ولكن ونظرا للظروف المتقلبة والمتغيرة التي يمر بها الكوكب كله لم يعد الطفل آمنا كمان كان قديما وإنما أصبحت نشأة طفل سوى لا يعاني من الاضطرابات يستلزم جهدا كبيرا ومتابعة مستمرة وذلك لآن الوضع الحالي أدى إلى الكثير من المعرقلات فأنتج لنا حالات متنوعة ومختلفة ولكن ربما يمكننا حصرهم أو وضعهم في تصنيف مبدئي بأن هناك أطفال طبيعيون في ظروف اجتماعية عادية ولكنهم يلاقون إهمالا أسريا وتربويا، وأطفال الشوارع ومجهولين النسب، وأطفال تعاني من أمراض مزمنة وراثية أو مكتسبة، وأطفال لأباء مراهقين غير مؤهلين لتربيتهم وهكذا، مما يعرضهم جميعا لخطر الاضطرابات النفسية، وعلم النفس الحديث أكد لنا أن خبرات الطفولة المبكرة هي التي تشكل لنا شخصية هذا الطفل مستقبلا ، وبناء عليه فأن الطفل الذي يتعرض للعنف والعدوان أو ظروف حياتية قاسية سوف يشكل لنا شخصية تعاني من اضطرابات نفسية مستقبلا، وربما الكثير من الأمراض النفسية الآن يرجعها الأطباء النفسيون دائما إلى حوادث الطفولة لذلك فالموضوع مهم جدا ويستحق التوضيح والتحليل لربما يمنع أو حتى يقلل من حدوث ذلك مستقبلا.
كيف يمكن للأم أن تحافظ على صحة الطفل النفسية
الاضطراب العاطفي
صحة الطفل النفسية تتوزع أهميتها أو تعتمد على عدة أمور من ضمنها الاتزان العاطفي، يصاب الأطفال بالاضطرابات العاطفية أثناء الطفولة والتي يسهل اكتشافها والتعامل معها مبكرا على عكس ما قد يحدث إذا تم إهمال الأمر من عواقب مستقبلية على شخصية الطفل، والاضطراب العاطفي يعني أن الطفل يعاني من القلق، الاكتئاب، اضطراب في التغذية أو اضطرابات في السلوك، وهذا يمكن ملاحظته من خلال القلق والخوف وكثرة البكاء، ومشاكل دراسية وصحية. التصرف بشكل غير ملائم، فرط الحركة والنشاط، الانطواء والانعزال وظهور علامات الكآبة على وجه الطفل، التقلب في المزاج اليومي بشكل ملحوظ التصرف بعدائية مع الأشخاص ومع الألعاب ورغبة في التكسير والتخريب والتمرد، وهكذا في حين إذا كان الطفل بعاني من أعراض مشابه فهذا يعني أننا في حاجه إلى مساعدة.
المرض النفسي
لدى معظم الأمهات ثقافة مغلوطة عن تربية الأطفال بأن الأساس فيها هو الطعام والشراب والملبس النظيف وهكذا ولكن ما تجهله الكثيرات أن صحة الطفل النفسية هي التي تمثل الجانب الأكثر أهمية، ونظرا لقله الثقافة في هذا المجال تكون النتيجة هي عدم معرفة الأعراض النفسية التي يمر بها الطفل ويعتبروها شقاوة أطفال كما يقولون دوما، لكن هناك أعراض للمرض النفسي تعني أن هذا الطفل في حاجه إلى المساعدة من متخصص وأن دور الأم والأب لن يكن كافيا، يصاب الطفل باضطرابات نفسية عديدة منها فرط الحركة وهو شائع جدا هذه الأيام لا أدري لما، التوحد، الفصام، وغيرها حينما ترون أطفالكم يتصرفون بغرابة على غير المعتاد و يتكرر هذا السلوك أكثر من مره فهذا يعني أن هذا الطفل يعاني من اضطراب نفسي، وكلما تم اكتشاف الموضوع مبكرا كلما كان علاجه أسهل وأسرع.
تصرفات خاطئة
صحة الطفل هي مسئولية مشتركة بين المجتمع والدولة والآباء، ويقع الجانب الأكبر على الآباء بحسن تنشئتهم وتوفير احتياجاتهم الأساسية، ودور الدولة في توفير تعليم مناسب وصحة وعلاج جيد، ولكن المناخ العام والظروف الاقتصادية في الغالب تحول دون ذلك فيتوقف دور الدولة ويتم تحويل الموضوع بكامله للآباء، ونظرا لنفس الظروف السابقة ربما لا يستطيعوا الآباء توفير علاج مناسب للطفل إذا مرض أو حتى عرضه على طبيب نفسي إذا ما شكوا في كونه يعاني من اضطرابات نفسية، فيكون البديل هو تجاهل الأمر وترك الطفل يفعل ما يريد ويتصرف كما يشاء وتكون النتيجة أن تتفاقم الأوضاع ويلجأ للعنف والعدوانية والتصرفات الحادة ويكون رد الآباء المقابل بالعنف أيضا والضرب في محاولة للتحكم في شغب هذا الطفل، وهذه مصيبة كبري بكل المقاييس، فهو مريض ويعاني ونحن حتى لا نسمح له بالتنفيس عن غضبه وعن ما يشعر فينتج ذلك اضطرابات أخرى في الشخصية، وهناك في القرى والصعيد يلجؤون إلى السحر والشعوذة والأعمال ويدعون بأن الطفل ربما مسه جن أو عفريت أو أصابه الحسد وما إلى ذلك ويتناول الطفل أشياء ربما تكون مضره وربما تسوء حالته أكثر.
العلاقة بين الآباء والأبناء
للأسف هي إشكالية في حد ذاتها، ففي عصر مثل عصرنا وفي مجتمعاتنا الشرقية التي تمشي على عادات وتقاليد الآباء والأجداد باعتبارهم الأكثر خبرة تضطرب العلاقة بين الأبناء والآباء مما يؤثر على صحة الطفل النفسية وليس هذا فحسب وإنما أيضا الآباء نفسهم يعانون من الاضطرابات النفسية ولكنهم لن يعترفوا بأي حال من الأحوال بها لأنه لا يصح فهم الأكبر سنا والأكثر حكمة وما على الأبناء سوى طاعة الأوامر وللأسف تسوء العلاقة بينهم وتظل سيئة إلى أن تنكشف بواسطة العلاج النفسي حيث يكتشف الطبيب بأن الآباء هم من يعانون ومن اضطرابات نفسية وهي بدورها تؤثر في الأبناء ويكون عليه علاجهم أولا وفي حالات كثيرة يعترف الأهل بذلك ويبقى الوضع كما هو عليه ولن نأخذ سوى المشاحنات والمشاغبات والتمرد من الطرفين ويعيشوا في حالة حرب حيث يصدر الآباء الأوامر وينتظرون اتباع التعليمات في حين يتمرد الأبناء في دائرة لا تغلق.
إرشادات بسيطة
صحة الطفل النفسية، الاضطرابات العاطفية والعقلية والسلوكية، كيف يمكن التغلب على كل ما سبق؟ بخطوات بسيطة يمكنكم مساعدة أطفالكم، في البداية من خلال ملاحظة سلوك الأطفال اليومي حتى نستطيع أن نكتشف الأمر مبكرا وعرضه على طبيب مختص، محاولة فهم ما يريد ومحاولة تحقيقه أو توضيح أسباب رفض تلبيه احتياج ما يريده بهدوء وهناك بعض من الأمور يحسن اتباعها من الوضع النفسي للأطفال:
- الدعم والمساندة، تدعيم الطفل ومساندته يجعله أقوى ويساعده على النمو السوي السليم.
- مزيدا من الحب: إغداق الحب على الأطفال يجلب السعادة للجميع ويقلل من الاضطرابات التي من الممكن أن يعاني منها الطفل خارج المنزل.
- الثقة، تعويد الأطفال على الثقة في أنفسهم واختياراتهم مع بعض المساعدة من قبل الآباء ينمي لدية الاستقلالية.
- المدح، ينبغي تشجيع الطفل على الأعمال الجيدة ومده على ما يقدمه من نتائج وإن كانت بسيطة.
- الشعور بالأمان، يحتاج الأطفال إلى الشعور بالأمان والاحتواء حتى يستطيعوا مواجهه الحياة في الخارج.
وفي النهاية من الواضح للجميع هو انتشار الاضطرابات النفسية بشكل كبير في عصرنا الحالي وتهديد صحة الطفل النفسية وفي المقابل عدم وجود وعي كافي بها، في الواقع لا أعرف على من نلقي اللوم تحديدا، فلو تحدثنا عن الأطفال نجدهم أما بعوامل وراثية وإما الآباء يعانون من بعض الاضطرابات فتنتقل إليهم ولا يحسنوا التصرف مع أطفالهم وهنا ينقسم الموضوع إلى جزئيين، الأول من يستطيع تفهم الأمر والذهاب إلى طبيب ومنهم من يتجاهله وللأسف هذه الأغلبية فتكون المحصلة ظهور أجيال كاملة تعاني من الاضطرابات النفسية، فمن أين نبدئ لحل هذه المشكلة؟ أعتقد هنا يجب أن يجتمع علماء الاجتماع وعلم النفس ووضع دراسة بالظاهرة وتوضيح مخاطرها ووضع حلول للتعامل مع الأمر مع رفع درجة الوعي والثقافة لدى الأفراد حتى يستطيعوا فهم الأمر والتعامل معه.