الطفل الجريء هو طفل مميز لأنه يمثل الوسطية ونحن دائما ما نبحث عن الوسطية في كل شيء ولذلك فنحن نبحث عن الوسطية في تربية أبنائنا وفيما يجب أن يكونوا عليه والطفل الجريء لاهو خجول ومنطوي ولا هو مندفع ومتهور.
طريقة التعامل الصحيحة مع الطفل الجريء
جرأة طفلك سمة تميزه وليس عيبا يشينه!
الشخص الجريء هو شخص مميز حيث أن الجرأة لا تعني التهور في كل الأحوال، فالجرأة الزائدة تعد “وقاحة”؛بل إن الطفل الجريء ليس خائفا أو جبانا ولا ينهار بسهولة. كما أن الطفل الجريء يستطيع القيام بمهام وأفعال لا يستطيع القيام بها من في نفس مرحلته العمرية كما أن الجريء لا يتنازل عن مواقفه بسهولة إذا كان لديه ما يدل بالبراهين على أن مواقفه وقراراته صائبة، وفي المقابل فإنه يرجع بيسر وسهولة إذا تأكد أنه قد سار في الطريق الخطأ أو اتخذ موقفا ليس بالصواب.
الطفل الجريء لديه القدرة الخارقة على تحمل الصدمات والضغوط لكي يصل إلى هدفه ولا يصيبه الهلع أو الجزع لما يلحقه من مشقات وألام بل إنه يثابر ويسعى ويتجاوز الموانع والعقبات بكل سلالة وقوة.
الطفل الجريء هدفه دائما نصب عينيه. من أكثر ما يميز الطفل الجريء أنه لا ينسى هدفه مهما طال الوقت أو اشتدت المحن والصعوبات، ليس هذا فحسب بل نجد الطفل الجريء دائما يبحث عن المعلومات والحقائق الكونية وغيرها ولديه شغف لا ينتهي لمعرفة حقيقة وتفسير كل ما يدور حوله في الكون مما يشعر والديه أحيانا بالعجز أمام سيل التساؤلات والاستفسارات التي لا تنتهي ليل نهار.
الطفل الجريء لا يسهل هزيمته ولا يستطيع أحد إذلاله فهو يتقبل الانتقادات بصدر رحب ويطور من نفسه ولا تمنعه جرأته من أن يتقبل تلك الانتقادات بصدر رحب.
الطفل الجريء منحة من الله
لا شك أن الوالدين الذين رزقا بطفل جريء لابد أن يدركوا قدر النعمة التي رزقوا بها حيث أننا نرى على مر الأزمان التاريخية أن الأشخاص الذين تميزوا بالجرأة والجسارة والشجاعة هم أسس كل تطور حضاري وعلمي حيث يترك هؤلاء الأشخاص بصمات على الكون لا تنسى على مر الزمان.
فالقادة والزعماء الكبار استطاعوا من خلال جرأتهم أن يتجاوزوا كل العراقيل والمشكلات بل خلدوا أفكارهم في هذا العالم فكم من أفكار انتشرت وأثرت في ظل جرأة الأشخاص حتى أن الكثير مما لدينا في هذا العالم سواء في الجانب العلمي والمعرفي والتاريخي هو نتاج جرأة الأشخاص وقدرتهم على الابتكار والتطور وفهم الواقع.
هل علينا أن نربي أطفالنا على الجرأة؟
إن حاجتنا إلى أطفال يتميزون بالجرأة كحاجتنا إلى الطعام والشراب حيث أن الحاجز الذي يقف دون انتشار الفساد والشر والاستبداد هو الجرأة والشجاعة فليس بالضرورة أن يكون كل طفل في هذه الدنيا بطلا مغوارا، ولكن لا بد أن يكون شجاعا وقويا حتى يستطيع أن يحصل على حقوقه ويمنع أي بشر كائنا من كان أن ينال منه بغير وجه حق.
فالطفل الذي يريد أبواه أن يكون أمينا وصادقا ومخلصا لابد أن يكون جريئا بالقدر الكافي الذي يبتعد به عن الكذب والخداع، كما أن الطفل الذي يستطيع الحفاظ على كرامته هو طفل بالطبع جريء.
إن أي مجتمع يحتاج أن يصل إلى مرحلة ما من السمو والتطور والرقي هو بحاجة ماسة إلى أطفال تربوا على الجرأة الأخلاقية التي يستطيعون بها أن يقضوا على الشر والفساد كما أن المجتمع الذي يسعى إلى التطور الاقتصادي هو أيضا بحاجة إلى أشخاص لديهم الجرأة الكافية على تنفيذ أفكراهم وتحويلها إلى مشاريع عملاقة وناجحة على أرض الواقع تغير فيه وتدفع تلك المجتمع ليكون بين صدارة المجتمعات الناجحة اقتصاديا.
فشتان بين شخص جبان لا قيمة له يتيح للآخرين أن يتصرفوا فيه كيفما يشاءون، ليس له القدرة على الصمود أمام الصعوبات والظروف الطارئة وبين شخص شجاع مغوار يدفع بنفسه وأسرته بل ومجتمعه إلى كل صلاح وخير وتقدم.
شعرة بين الجرأة والوقاحة
إنها لشعرة فقط بين الطفل الجريء والطفل الوقح فالطفل الوقح يتلفظ بألفاظ نابية غير مهذبة، يرد بأسلوب غير مهذب على من هو أكبر منه سنا، يخوض في خصوصيات غيره من الكبار، قد يفشي أسرار بيته وأبيه وأمه أمام الآخرين، قد يعرض نفسه للخطر الشديد جراء الإقدام على أمور خطيرة لا يدرك عواقبها ودون إخبار والديه.
نصائح ذهبية ضعوها نصب أعينكم في التعامل مع الطفل الجريء
- أولا: إذا حدث وأفشى الطفل الجريء بعض أسرار المنزل أمام إحدى الصديقات أو الأقارب، فلا تحرجيه ولكن عليك أن تتكلمي في موضوع آخر تجذبيه إلى الكلام فيه حتى لا يستمر في إشفاء تلك الأسرار ثم عليك بعد ذلك أن توضحي له كون أن بعض الأمور التي تحدث في المنزل لا يجب إفشائها ولكن هذا الحوار يجب أن يكون بين الوالدين والطفل الجريء فقط دون وجود أي أحد حيث أن الطفل الجريء يزعجه جدا أن تحرجيه أمام الآخرين ولن يتجاوب مع نصيحتك إذا تم نصحه أمام الآخرين.
- ثانيا: عليكم أيها الوالدين بحسن الظن دائما فالطفل الجريء لا يتعمد إحراج الوالدين أمام الضيوف أو الأقارب إنما يتصرف بسجيته ولكن ليس معنى هذا أن نتركه يتمادى في خطأه بل على الوالدين أن ينصحوه سرا بالطريقة المناسبة وفي الوقت المناسب.
- ثالثا: إن الوسيلة السحرية والتي لن يجد الوالدين لها مثيل في التعامل مع الطفل الجريء هي الحب فإذا أحب الطفل والديه وشعر بالاطمئنان والأمان وسط والديه فإن هذا الشعور يجعل لديه مرونة كبيرة في الاستجابة لنصائح والديه وتقبلها بصدر رحب، وهنا يجب لتنبيه على أمر ما يخص الوالدين وهو أن القدرة على العطاء وبذل الكثير من الأبناء في صورة أشياء مادية كالطعام والشراب والنزه وغير ذلك قد لا تمثل الكثير عند الطفل بقدر ما تمثل لديه القبلة والحضن والكلمة الطيبة والضحك والمزاح وغير ذلك من المشاعر الطيبة التي يجب أن يقدمها الوالدين لأبنائهم قبل أن يقدموا لهم أي أمور مادية أخرى فالحب ثم الحب ثم الحب. ويجب أن يأخذ الوالدين في اعتبارهم أن الجرأة هي سمة من سمات شخصية طفلهم وتلك الجرأة تجعله مؤهلا بشكل كبير لأن يصبح قائدا أو بطلا مغوارا أو عالما لديه قدرة هائلة على الابتكار والاختراع.
- رابعا: الطفل الجريء يتميز بقدرته على الحوار والجدال والرد بالبراهين والحجج، لذا فإنه لا يطيع الأوامر بسهولة بل تجديه يستفسر دائما بكلمة “لماذا؟” وعلى الوالدين أن يكون عندهم من الصبر والمرونة في الحديث ما يجعلهم يجيبوا عن تساؤلاته. ولكن ثمة نقطة هامة وهي الفصل بين ما يمكن أن يسأل فيه وما لا يمكن فمثلا يجب توجيه الطفل أن حياة الآخرين وما يخصهم ليس علينا أن نسأل ونستفسر عنها كما أنه يجب أن يتعلم أن يكون السؤال بطريقة مهذبة، وكذلك يجب أن يعرف أن هناك بعض الأسئلة قد لا تكون مناسبة لسنه وهكذا.
- خامسا: الطفل الجريء يجب على والديه أن لا يحاولوا جاهدين أن يقضوا على تلك الصفة الرائعة التي يتميز بها طفلهم بل عليهم أن يحولوا تلك الصفة إلى المكان المناسب ويوجهوا طاقات طفلهم عن طريق توفير بعض الأنشطة والممارسة في بعض الرياضات ويا حبذا لو اشتركوا لطفلهم في المعسكرات الصيفية والتي لها أثر كبير في تقويم تلك الصفة وتهذيبها وتوجيهها في الطريق المناسب؛حيث أن تلك الجرأة ستكون عوانا له في المستقبل أن يحصل على حقوقه ويدافع عنها وأن يدافع عن نفسه في حال وقوع أي ظلم إليه من أي فرد كائنا من كان في حين أن الشخص الضعيف الجبان بالطبع لا يستطيع ذلك.
- سادسا: إذا تحاور طفلك مع من أكبر منه سنا ووجه إليهم بعض الأسئلة فاتركيه ولكن وجهيه كيف يتحدث بأسلوب مهذب مع الكبار؛للأسف نجد الكثير من الآباء والأمهات يرفضون تماما أن يتحاور الأطفال مع الكبار بحجة أنهم صغار، ولا شك أن ذلك يقتل في الأطفال القدرة على الحوار والمشاركة وغير ذلك لا بأس بالحوار والمناقشات ما دامت في حدود الأدب.
- سابعا: عندما يختلف الطفل الجريء مع من هو أكبر منه سنا لا يشترط أن يكون الطفل هو المخطئ بل قد يكون الشخص الأكبر هو المخطئ وفي تلك الحالة لا ينبغي على الوالدين أن يوجهوا اللوم على طفلهم تماما بل يجب أن يترسخ في ذهنه أن الجميع قد يخطئوا وأن الشخص الجريء الشجاع هو من يعترف بخطئه مهما علا قدره أو كبر سنه بالعكس يجب تشجيع الطفل أن يكون لديه القدرة في الاختلاف بالأسلوب المناسب وأن يتمسك بمبادئه أراءه ما دامت صوابا.
- ثامنا: الطفل الجريء لديه القدرة أكبر من أي طفل آخر على إنجاز المهمات الصعبة فعلى الوالدين أن ينموا تلك الصفة فيه عن طريق توجيه بعض المهمات إليه تناسب سنه وإمكانياته وبالطبع لا يكون فيها خطورة عليه.
تاسعا: على الوالدين أن يختاروا المواضيع التي يتحدثوا بها أمام الطفل الجريء لعلمهم أن جرأته قد تدفعه إلى إعادة الحديث في تلك الأمور مع بعض الأقارب أو الأصدقاء. - عاشرا: يجب عدم مقاطعة الطفل الجري تماما أثناء أسئلته وحواراته فنحن بذلك نفقده ما يجب أن يكون عليه من أدب الحوار، فيجب على الوالدين أن يضعوا في اعتباراتهم أن الطفل ينظر إليهم انهم أشخاص مثاليون وأن جميع ما يقوم به الوالدين صحيح لذا فيجب أن يكونوا قدوة حسنة وألا يقعوا أمام الطفل الجريء في خطأ ما ثم بعد ذلك يصدر منهم أن ينهوه عن نفس الفعل الذي وقعوا فيه حيث انهم سيتعجبون عندما يواجههم بأنهم قاموا بنفس الفعل من قبل فعلان اللوم!
الطفل الجريء قائد المستقبل
إلى كل والدين رزقوا بالطفل الجريء إن هذا الطفل الجريء الشجاع هو منحة وهبة من الله ليس عليكم أن تكسروا وتقضوا على تلك الجرأة وتحولوها إلى جبنا وخوفا وانهزامًا نفسيًا بل عليكم أن تبذلوا أقصى طاقاتكم وإمكانياتكم لتطوروا سلوكه وتهذبوه وتوجهوه للطريق الصحيح فإن الطفل الجريء هو طفل مبتكر مفكر مغوار لديه القدرة على خوض المعارك وتخطي الصعوبات والتأقلم مع أشق الظروف وأصعبها.
لذا فإن على الوالدين أن يتعاملوا مع الطفل الجريء بحكمة بالغة بأن يتجاوبوا مع أسئلته الكثيرة ويحاولوا الإجابة عليها وفي حالة عدم معرفتها يقال للطفل:سأبحث وأخبرك بالأمر، كما على الوالدين أن يرسخوا لديه أن هناك أسرار لا يجب الكلام عنها أمام الآخرين وان ثمة أسلوب مهذب وراقي يجب أن نتحاور به مع من هو أكبر منا سنا وغير ذلك من الأمور التي تؤهله أن يكون قائدا في المستقبل يرتقي بأسرته ومجتمعه إلى الأمام ويحدث الكثير من التغيرات العلمية والفكرية والثقافية.