إن الوالدين والزوجة حق على الزوج أن يوفق بين حقوق كلا منهما ولا يظلم أي طرف منهما على حساب الآخر؛فكم من أم ظلمت وأهينت بل وأودعت دار مسنين بسبب تفضيل الزوج زوجته على أمه، وكم من زوجة ضربت وأهدرت كرامتها بل وطلقت جراء تفضيل الزوج أمه وحقوقه على حقوق زوجته وكرامتها.
كيفية حل مشاكل الوالدين والزوجة
لا تخلط بين الأمور!
إن المشكلة الكبرى التي ينجرف بعض الأزواج ورائها وقد توقعه في ظلم أحد الأطراف بأنه يخلط بين الحقوق والواجبات لكلا من الوالدين والزوجة ، لا شك أن الوالدين لهما حق كبير وهو البر بهما عن طريق السؤال عنهما وزيارتهم بصفة مستمرة بل وخدمتهم إن كانوا مرضى ومساعدتهم ماديا إن كانوا يحتاجون لذلك وغير ذلك من الأمور فحقهما على ابنهما من أعظم الحقوق لا ينبغي البتة أن يقصر فيه لأي سبب من الأسباب أو عائق من المعوقات فببرهما ينال الدنيا والآخرة.
أما الزوجة فحقها أيضا في رقبة زوجها عليه أن يعاشرها بالمعروف ويعطيها حقوقها المادية من كسوة وطعام وغير ذلك وعليه أن يغمرها بمشاعر المودة والحنان والاحتواء فالأنثى لها مقدرة لا يتخيلها أحد على العطاء بشرط أن تعطى حقوقها كاملة لذا فظلم الزوجة عواقبه وخيمة على الزوج والأبناء بل وقد يضطرها بظلمه أن تسيء معاملة والديه لذا فعلى الزوج أن يعطى كل ذي حق حقه ولا يظلم أي طرف على حساب الآخر.
الوالدين على العين والرأس ولكن!
إن حقوق الوالدين على العين والرأس ولكن لا تتجاوز على حقوق زوجتك فتحدث خلافا بينهما دون أن تشعر وسيصعب عليك بعد ذلك أن توفق بين الوالدين والزوجة فمثلا أمور بيتك المادية والخصوصيات التي بينكما لا يجب أن تخبرهم لوالديك أو أن يكونوا طرفا في تلك الأمور بل أمور منزلك المادية واحتياجاته هو أمر خاص بينك وبين زوجتك لا يحق لأحد أن يطلع عليهما أو أن يبدى رأيه فيهما وتلك النقطة الشائكة هي سبب لكثير من الخلافات التي تحدث بين الوالدين والزوجة لأن لكل منهما وجهة نظره الخاصة به وكل منهما يحاول أن يقنع الزوج بوجهة نظره وبالطبع الجميع يعتقد أنه على صواب لذا فعليك كزوج أن تجعل أمورك المادية بينك أنت وزوجتك فقط.
زوجتك هي طريقك لبر والديك إن أديت حقها
إن الزوجة لها قدرة جد رائعة على العطاء والبذل والذي يزيد تلك الطاقة ويدعمها هو أن يؤدي الزوج جميع الحقوق إليها ولا ينتقص منها شيئا تحت أي سبب كان سواء كان مشغول أو لديه ضغوط في العمل أو غير ذلك لأن منح الزوجة ذلك الاهتمام والرعاية والعاطفة سيجعلها تبذل أقصى طاقاتها في إرضاء الزوج ولا شك أن إرضاء والدي الزوج هو من إرضاء الزوج نفسه لذا فعليك أيها الزوج أن تمنحها حبك وحنانك تبر والديك وتساعدك على برهما.
المرأة مرأة سواء كانت زوجة أو أم
يجب أن يدرك كل من يتعامل مع المرأة أن لها نفسية يجب تفهمها ومراعاتها فللأم دوافع نفسية تجعلها تريد أن تتحكم في حياة ابنها ولذا يجب أن يتعامل الابن معها بلا عناد أو مصادمة ولذا فعلى الزوج أن يتفهم أن أمه تستشعر أنه كان ملكا لها قبل الزواج وقته ملكها ومشاعرها ملكها ثم جاءت امرأة لتنتزع منها كل ذلك وبالطبع كأي أنثى فإن دافع الغيرة يدفعها لأن تحاول أن تستعيد ابنها مرة أخرى فتتدخل في حياته وشئونه وشئون أسرته بلا مراعاة أن حياته أصبحت زوجته شريكا له فيه.
وفي الجانب الآخر فإن الزوجة تريد أن تشعر أن زوجها رجلا كامل الرجولة والمروءة، وله القدرة على أن يتخذ قراراته بنفسه دون أن تتدخل في تلك القرارات أمه أو أبيه مما يجعل الزوج في حاجة ماسة إلى الحكمة والحنكة والصبر واللطف واللين وأيضا بحاجة إلى الشدة والحزم بل وأحيانا الصرامة في بعض القرارات حتى يتجنب تماما أي اختلاف بين الوالدين والزوجة .
نصائح للزوج والوالدين والزوجة
أولا: دور الابن “الزوج”
- على الابن الزوج أن يفهم طبيعة والديه ويرعاهما حق الرعاية بألا يقطع البر بعد الزواج.
- عليه أن يتسم بالحكمة بمعنى ألا يظهر حبه الشديد لطرف أمام الآخر فلا يكثر من الحديث عن زوجته أمام والديه وكذلك لا يكثر الحديث عن والديه أمام زوجته وقد وجد أن هذا الأمر سبب أساسي في نشوب الخلافات بين الوالدين والزوجة وخاصة أن الأم والزوجة كلاهما لديها شعور بالغيرة من الأخرى لذا يجب التفطن لهذا الأمر.
- على الزوج أن ينصف الزوجة ويعطيها كامل حقها وخاصة عند حدوث خلافات بين الوالدين والزوجة ، فعليه أن ينصت باهتمام لزوجته ليعرف طبيعة ما جرى. على الزوج أن يصطنع التودد بين الطرفين فمثلا يشتري بعض الهدايا لأمه ويوصي زوجته بأن تهديها لها فذلك يرقق قلب الأمة، ويجلب الألفة والمودة فللهدية سحر جميل.
- يجب أن يتفاهم الزوج مع زوجته بأن والديه هما جزء منه لا يمكن أن يقصر في حقهما أو يسيء إليهما وأن بر زوجته بهما هو من حبها له وطاعتها له واحترامها له فتحرص الزوجة أشد الحرص أن تحسن إليهما.
- على الزوج أن يذكر زوجته بأنها ستكبر وستكون يوما ما في نفس حال أمه وكما تدين تدان!
ثانيا: دور زوجة الابن
- على الزوجة أن تدرك أن من طرق إرضاء زوجها والوصول لقلبه هو إكرام قرابته وبالأخص والديه فإذا كانت الزوجة حكيمة هكذا وأكرمت والدي زوجها فإنها ستنعم بحياة سعيدة خالية من المشاكل.
- على الزوجة أن تعتبر أن والدي زوجها في مقام والديها وأن رعايتها لهما سيجلب عليها الخير الكثير في دينها ودنياها.
- على الزوجة الفاضلة أن تدرك أن أم ذلك الزوج تشعر أنها منافسة وشريكة لها في زوجها وأن أمه دائما تتذكر فضلها على ابنها بأنها حملته تسعة أشهر، وسهرت على رعايته صغيرا، واهتمت به حتى صار رجلا سويا فتلك الأم ما زالت تشعر أن ذلك الرجل هو ذاك الطفل الصغير الذي ربته واعتنت به.
- على الزوجة أن تذكر نفسها دائما بأن تلك الأم هي جدة أبنائك وارتباطهم بها وثيق للغاية؛فيجدر بك ألا تعامليها كضرة وإلا عاملتك هي أيضا كضرة وفي تلك الحالة سيخسر الجميع الوالدين والزوجة والزوج.
ثالثا: دور الوالدين
- على الوالدين أن يدركا جيدا أن ذلك الابن الصغير الذي كان يحبو ثم يمشي ثم يكبر لم يعد طفلا وإنما صار رجلا مسئولا له التزاماته وأسرته وخصوصياته وأن احترامهم وحبهم لزوجته هو من حبهما له.
- على الوالدين أن يتجاوزا عن بعض الأخطاء التي قد تصدر من زوجة الابن دون تعمد منها أن تؤذيهم أو تقلل من شأنهم بل إننا كبشر جميعا نصيب ونخطئ وليس أحد منا خال من العيوب.
لمسة حانية وجميلة
بالطبع يقع العبء الأكبر في تحقيق تلك المعادلة الصعبة وهي التوفيق بين الوالدين والزوجة وحل الخلافات بينهما على الزوج ومن اللمسات التي تلين قلب والديه وتدفعهم لحبه وإكرامه هو وزوجته أن يكرمهم ويحسن إليهم بالقول والفعل ومن ذلك أن يردد أمام والديه: “أطال الله عمركما أبي وأمي ها أنتم ربيتمونا صغارا، وها الآن قد كبرنا ولا زلنا نحتاج لرعايتكم وحنانكم ولا نجد لكما مثيلا ولا بديلا” فإن تلك الكلمات الطيبة تجلب لهما السرور والبشر بل قد تنهال منهما الدموع فرحا وسعادة بها.