أنانية الأطفال ليست مقتصرة على الأطفال وحدهم، فالأنانية من السلوكيات الإنسانية الشائعة والذميمة بين جميع الأعمار وليست قاصرةً على الكبار دون الصغار أو الصغار دون الكبار، بل إننا قد نتقبل أنانية الكبار باعتبار الكبير ملطخ الروح مثقل الأكتاف بالخطايا، لكننا نستغرب أنانية الأطفال التي تتجاوز حدها الطبيعي وتتحول لسلوكٍ دنيءٍ وخسيسٍ ممن لم يعرف معنى الدناءة والخسة بعد، في الواقع إن الأمر يشبه الحلقة المغلقة حين ننظر ونبحث ونتعمق فيه فالكبار حينما تكون الأنانية من سلوكهم يصبحون أول مدخلٍ للطفل إلى عالم الأنانية، ويبدأ الطفل في تقليدهم وسلوك سلوكهم، والعصر الحالي ومع تقدمه يبدأ بكفل مبدأ الخصوصية بدرجاتٍ متصاعدةٍ حتى تكاد تبلغ مبلغ الأنانية وانعدام المشاركة في أي شيءٍ خاصٍ بين الأبوين، فلا يكون من الطفل إلا اتباع نهج الخصوصية ذاته بغير وعيٍ منه وغير إدراكٍ منا لكيفية فتحنا ذلك الباب أمامه.
أنانية الأطفال : نصائح للأبوين للتغلب عليها
تعريف الأنانية
أنانية الأطفال هي سلوك تفضيل الذات ورفض الطفل التشارك في أشيائه الخاصة مع أي أحدٍ سواءً أقرانه أو أصدقاءه أو إخوته أو حتى والديه، يلجأ الطفل فيه إلى تصرفاتٍ دفاعيةٍ وأحيانًا عدوانية إذا ما لمس الآخرون أي شيءٍ يخصه، غالبًا ما تصاحب الأنانية بدرجةٍ معتدلةٍ الطفل في بداية حياته وإدراكه وتعامله مع من حوله حيث يشعر برغبةٍ في الاستحواذ وامتلاك تلك الأشياء التي يريدها بغير مشاركة أحدٍ لاعتقاده أنه سيفقدها إن تشاركها، ثم كلما زاد نضج الطفل والوعي الذي يحصل عليه عبر أهله تتضاءل الأنانية، أو على صعيدٍ آخر في حالة الطفل الذي يكبر ليجد أمامه عوامل وقدواتٍ تشجعه على الأنانية فيمعن فيها وتترسخ في نفسه مع الوقت حتى تصبح جزءًا منه ومن شخصيته حتى بعد نضجه.
أسباب أنانية الأطفال
البيت الأناني يعني طفلًا أنانيًا بلا شك فهي معادلةٌ بسيطةٌ ومنطقية، فعندما ينشأ الطفل في بيتٍ يهتم فيه الجميه بشؤونهم الخاصة ويقدس فيه الجميع الأشياء الخاصة بكلٍ منهم يعتقد الطفل أن ذلك هو السلوك الطبيعي فيبدأ بالاهتمام بشؤونه وأشيائه، وبالتالي يشعر بالظلم والجور عندما يطالبه أحدهم بالتشارك في أحد أشيائه لأن إخوته مثلًا رفضوا مشاركته في أشيائهم! وعلى صعيدٍ آخر فالبيت المتشارك المتعاون الذي يترعرع فيه الطفل ليرى معاني الكرم والمشاركة يجعله يفهم أن هذا هو السلوك الطبيعي للتعامل مع البشر، كما أن الوالدين يحملان على عاتقهما مسئولية جعل الطفل يفهم معاني الكرم والتشارك مع الآخرين بالقول والفعل معًا، وما بين التدليل المبالغ فيه والحرمان العاطفي تخرج سيالاتٌ من أنانية الأطفال المتنوعة، فالطفل المدلل يحسب نفسه مركز الكون ويكون معتادًا على الأخذ بلا عطاء فيحب نفسه ومركزه ويرفض العطاء لأحد، والطفل المهمَل ينطوي على نفسه لعله يجد المواساة بين قوقعته وأشيائه الخاصة فيخاف ويرتعب من فقدان أحدها ويرفض مشاركتها مع غيره.
علاج الأنانية
القدوة الحسنة هي علاج أنانية الأطفال الأول لأنها تقوم على تصحيح المبادئ الخاطئة في عقل الطفل وتضعه على الطريق الصحيح، لذلك وجب على الآباء البحث عن الطريقة الأمثل لمساعدة الطفل على استيعاب دروس التسامح والتعاون والعطاء ونبذ الأنانية، كأن يقوما بالتشارك مع الطفل في أشيائهما أو حث الطفل على تشارك اللعب بألعابه مع طفلٍ من عمره زارهم، كذلك ترسيخ آداب التعامل الاجتماعي فيه والحرص على اصطحابه لأماكن يتعامل فيها مع الكثيرين من عمره، تعزيز ثقة الطفل بنفسه تدفعه إلى العطاء بشكلٍ أكثر سعادةً وتسامحًا حين يشعر أن العطاء يعلي من شأنه ويجعله شخصًا جيدًا، وكتعزيز ثقة النفس فكذلك تعزيز حب الآخر واحترام الغير مهما كانت ظروفهم وأحوالهم وصفاتهم وأنه ليس أفضل من أحدٍ مهما بدا له ذلك.
وعلينا أن نتذكر أن الطفل لا ينشأ إلا على ما أنشأته عليه ولا يفعل إلى ليقلد ما يراه ببساطة، لو كنا عاجزين عن انتزاع الأنانية من نفوسنا فبالتأكيد لن نكون قادرين على إخراج طفلٍ يعي معنى التسامح والعطاء.