ما الذي يسبب ظاهرة المد والجزر؟ الإجابة البسيطة لهذا السؤال هي أنه يحدث بسبب القمر وهذا ما يعرف معظم الناس، لكن الإجابة ليست بتلك البساطة، فإن ظاهرتي المد والجزر قد حيرتا العلماء عدة قرون قبل أن يتوصلوا لحقيقتها حتى أنها دفعت العالم جاليلليو للصدام مع الكنيسة.
ما هي ظاهرة المد والجزر
المد والجزر هو ظاهرة ارتفاع وانخفاض مياه المحيطات والبحار بشكل منتظم على طول الشواطيء، نتيجة لوجود قوى التجاذب بين الشمس والقمر، وتنشأ هذه الظاهرة في مياه المحيطات، لكنها تنتقل نحو السواحل فتظهر في شكل ارتفاع وانحسار منتظم لمياه البحار والمحيطات.[1]
الفرق بين المد والجزر
عن الفرق بين المد والجزر فهما أمواج طويلة جدًا من المياه تتحرك عبر المحيط في دورات، والمد يعبر عن الفترة التي تكون فيها تلك الموجات في أعلى حالاتها، وتظهر في صورة ارتفاع في منسوب مياه البحر، أما الجزر فيوافق أقصر موجه في تلك الدورة، وتظهر في صورة انحسار الماء عن شواطيء البحار.
كيف يحدث المد والجزر
أثناء دوران الأرض، تسحب جاذبية القمر أجزاء مختلفة من كوكب الأرض، فعلى الرغم من أن كتلة القمر تعادل حوالي 1/100 من كتلة كوكب الأرض، لكن نظرًا لأنه قريب جدًا الأرض ، فإن لديه جاذبية كافية لتحريك الأشياء على الكوكب، لكنها أيضًا ليست كبيرة كفاية لنلاحظها بأنفسنا.[2]
لكن قوة جذب القمر قادرة على جذب مياه المحيطات لأن الماء سهل الحركة، فعندما تدور الأرض ويصبح المحيط مواجه للقمر تنجذب مياه المحيط دائمًا باتجاه القمر وهذا ما نسميه المد، وعند الابتعاد تنحسر المياه وهذا ما نطلق عليه اسم الجزر.
لكن يجب أن تلاحظ شيئًا فهذا مجرد تفسير لقوة المد، لكنه لا يحدث بالفعل في كافة المحيطات، فالكرة الأرضية ليست عبارة عن محيط كبير، لكنها تتكون من مجموعة من القارات يتخللها الماء، وهذه القارات تؤثر على قوة جذب القمر للماء، لذلك في بعض الأماكن نلاحظ حدوث ظاهرة المد والجزر بشدة، وفي بعض الأماكن لا نلاحظها.
تأثير الشمس على ظاهرة المد والجزر
تتمتع الشمس بكتلة تعادل 27 مليون مرة أكبر من كتلة القمر، وبالطبع قوة جذب الشمس أكبر بكثير من قوة جذب القمر، وقوة جذب الشمس تؤثر على حدوث ظاهرة المد والجزر بنسبة 46% فقط، وذلك وفقًا وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، والسبب في ذلك أن الشمس أبعد بمقدار 390 مرة عن الأرض.
لذلك يتم اعتبار قوة جذب القمر هي السبب الرئيسي في حدوث المد والجزر، أما تأثير قوة جذب الشمس فيعتقد أنها تغير فقط من قوة حركة المد والجزر من منطقة لآخرى، لكنها ليست السبب في حدوثه.
وقت المد والجزر
اوقات المد والجزر ليست واحدة في كل الأماكن، فعندما يواجه المحيط القمر ، فإن قوة جاذبية القمر تتسبب في حدوث موجات المد، ومع دوران الأرض ، تبتعد تلك المنطقة عن تأثير القمر وينحسر المد فيحدث الجزر، مع استمرار دوران الأرض ، يواجه القمر الأرض في نفس المنطقة مرة أخرى، فتعاد دورة المد والجزر مرة ثانية ، كل (24 ساعة) مرة أخرى.
لكن معظم المحيطات تشهد دورتين من المد والجزر خلال اليوم الواحد ، وسبب حدوث مدين خلال اليوم، أننا جميعًا نعرف تقريبًا مفهوم اليوم الشمسي والذي يصل طوله 24 ساعة ، وهو الوقت الذي يستغرقه موقع معين على الأرض للدوران من نقطة محددة تحت الشمس ليعود إلى نفس النقطة تحت الشمس، لكن معظمنا لا يعرف التقويم القمري، ولا يعرف ما يسمى ب الايام القمرية.
اليوم القمري هو الوقت الذي يستغرقه موقع معين على الأرض للدوران من نقطة محددة تحت القمر ليعود لنفس النقطة تحت القمر مرة أخرى، واليوم القمري أطول من الشمسي (على عكس المتوقع) فهو يعادل 24 و50 دقيقة من اليوم الشمسي، لأن القمر يدور في نفس اتجاه دوران الأرض حول محورها، لذلك تستغرق الأرض 50 دقيقة إضافية للحاق بالقمر.
ولأن سطح الأرض ليس منتظم وبسبب دوران الأرض بزاوية مائلة، فإنها تمر بدورتين من جذب القمر في اليوم القمري الواحد، لذلك يحدث المد والجزر في معظم المناطق كل 12 ساعة و 25 دقيقة، ويستغرق ست ساعات و 12.5 دقيقة حتى تنتقل المياه على الشاطئ من حالة المد إلى حالة الجزر، ثم العكس.[3]
عوامل تؤثر على المد والجزر
يسمى الفرق بين أعلى موجة مد وأعلى موجة جزر باسم النطاق، وهذا النطاق يتغير بشكل منتظم كل شهر بسبب تأثير قوة جذب الشمس.
ونظرًا لأن سطح الأرض ليس موحدًا ، فإن المد والجزر لا تتبع نفس الأنماط في جميع الأماكن على سطح الأرض فشكل ساحل البحر وشكل قاع المحيط يحدثان فرقًا في نطاق وعدد مرات حدوث المد والجزر، فنجد على طول الشاطئ العريض الأملس ، يمكن أن تنتشر المياه على مساحة كبيرة، لذلك قد يكون نطاق المد والجزر في تلك المنطقة بضعة سنتيمترات وقد يصعب ملاحظتها، أما في المناطق الضيقة المحصورة مثل الخليج الصخري الضيق ، يمكن أن يكون نطاق المد والجزر عدة أمتار.
تم قياس أقصر نطاق للمد والجزر في البحار المغلقة مثل البحر الأبيض المتوسط أو بحر البلطيق، حيث يبلغ نطاق الموجات حوالي 30 سم، كما تم رصد أكبر نطاق للمد والجزر في خليج فندي بكندا، هناك يرتفع المد والجزر وينخفض بحوالي 17 مترًا (56 قدمًا).
كما يوجد مرتين في العام يصطف فيهما كلًا من الشمس والقمر والأرض على خط واحد أثناء الدوران، وهذه الظاهرة تسمى القمر الجديد والقمر الكامل، وخلال تلك الفترة تشترك كلًا من جاذبية الشمس وجاذبية القمر معًا في ظاهرة المد والجزر، وتسمى تلك الفترة بالمد الربيعي، وهي مرتبطة بالقمر الجديد والقمر الكامل وليس لها أي علاقة بفصل الربيع.
فوائد المد والجزر
ربما يرى بعض الأشخاص ظاهرة المد والجزر كظاهرة طبيعية عادية تحدث تغير في مستوى ماء البحر فقط، لكن لتلك الظاهرة عدة فوائد ويمكن أن تؤثر بشكل كبير في حياتنا، ومن تلك الفوائد: [4]
المد والجزر وتوليد الطاقة المتجددة
يمكن أن تمثل الحركة السريعة للماء خلال فترتي المد والانحسار مصدر لتوليد الطاقة المتجددة في المناطق الساحلية التي تشهد دورتين من المد والجزر في اليوم.
تأثير المد والجزر على الصيد
تعمل موجات المد والجزر على تركيز الأسماك في بعض المناطق أثناء فترات الانحسار، والصيادين المحترفون يعرفون الأوقات والمناطق التي تتركز فيها الأسماك، فيمكنهم زيادة ثروتهم الاقتصادية بسبب تلك الموجات.
تأثير المد والجزر على الحياة في المحيط
كما تؤثر أيضًا موجات المد والجزر، على جوانب أخرى من الحياة في المحيطات مثل الدورات الإنجابية للأسماك، كما تؤثر على النباتات البحرية، وتسكن السرطانات وبلح البحر والقواقع والأعشاب البحرية وغيرها من الكائنات البحرية الصالحة للأكل في مناطق المد، وقد تحتوي برك المد والجزر الصغيرة أيضًا على أسماك صغيرة وأعشاب بحرية غالبًا ما يتم حصاد الحياة البحرية الموجودة في هذه المناطق من أجل الغذاء، كما أن موجات المد والجزر تعمل على تنظيف المحيطات وبدون التنظيف المنتظم الذي يسببه المد والجزر ، ستموت هذه الكائنات وتتضاءل الموارد الغذائية على الأرض.
تأثير المد والجزر على الطقس
تقوم تيارات المد بمزج مياه القطب الشمالي التي لا تستطيع امتصاص الكثير من مياه الشمس مع المياه الأخرى الدافئة التي تستطيع امتصاصها، وذلك يسبب توازن للحرارة على سطح الأرض.