هل تساءلت يومًا، كيف يقطع العمال، الزجاج ببلورة واحدة من الماس؟ كم عدد الأفلام العالمية التي شاهدتها، ورأيت أبطالها يتنافسون على الياقوت والمرجان؟ تظهر الكثير من الأفلام القدرات الخارقة لبعض الأحجار الكريمة في الشفاء من الأمراض، وجذب القوى الخفية في الكون. هناك عدة عوامل ساعدت على شهرة تلك الأحجار واهتمام العلماء المتزايد بها، منها على سبيل المثال: اهتمام الملوك، بالحصول على تلك الأحجار، وتقديمها هدايا للملكات من أجل الزينة، والاعتقاد السائد قديما عن قدرتها على جلب الحظ السعيد، وزيادة القدرة الجسدية، وغير ذلك. يكثر في الثقافات الشعبية حول العالم، وبالأخص في الصين والهند، الاعتقاد بقدرة بعض الأحجار على الشفاء من الأمراض المستعصية، وعلى دفع الشر والحسد، ويعتقد بعض أهل الصين أن وضعها على ما يسمى بمسارات الطاقة في جسم الإنسان، ينظم الحالة الصحية والنفسية للفرد، ويزيد من فاعلية جهاز المناعة مثل: حجر الامازيت والعقيق والفيروز، لكن كل هذا الادعاءات لم تثبت حتى الآن، وينظر كثير من العلماء لها، في الأماكن البحثية، على أنها تخاريف، ساهم الأعلام وقصور الطب الحديث في انتشارها بين الناس. ويعتقد كبار السن في المنطقة العربية بقدرة الأحجار الكريمة على تسخير الجن؛ ليعمل لصالح الإنسان ولفك السحر، وأن كل حجر مسئول على جلب قيمة معينة أو منفعة محددة للشخص الذي يملكه، ومع مرور الوقت اختلطت تلك الأفكار والموروثات الشعبية والتاريخية بالأديان؛ مما ساعد على رواجها بسهولة لدى الناس.
دليلك لتمييز الأحجار الكريمة الأصلية عن المقلدة
أنواع الأحجار الكريمة
الحجر الكريم أو النفيس عبارة عن بلورات متلاصقة تتكون من عنصرين أو أكثر، وأهم عنصر فيهم هو السليكا، مع بعض النسب الصغيرة من المعادن الأخرى، مثل: النحاس والمنجنيز والرصاص، التي تؤدي لتغير الخواص مثل: شدة اللمعان والصلابة واللون. ورغم عدم احتواء الماس على السليكا إلا إنه يعتبر من الأحجار الكريمة ذات العنصر الواحد وهو الكربون في شكله البلوري.
أنواع الأحجار الكريمة
تنقسم الأحجار الكريمة إلى ثلاثة أنواع: طبيعية، وصناعية، ومقلدة. تكونت الأحجار الطبيعية في الأرض عبر مئات السنين بفعل عوامل الحرارة والضغط والزمن، ومن أكثرها شهرة: الألماس، والعاج، والكوارتز، والزركون. يتم استخراج أغلب الأحجار الطبيعية من باطن الأرض، أثناء عملية التعدين في الأماكن البركانية، وتعالج معمليا بعدها؛ لزيادة درجة اللمعان؛ مما أدى لاستخدامها في المجوهرات، مثل: الزبرجد الذي استخدمه الخلفاء العثمانيون في زينة التيجان، وحجر العقيق اليماني الذي يستخدم منذ القدم وحتى الآن في تزيين القلائد والخواتم، ويحرص السياح على شراؤه بعد تقطيعه على هيئة فصوص مكتوب عليها نصوص معينة.
استخدمت الأحجار الطبيعية قديمًا في صناعة حد السيف وسن الرمح، وما زال يستخدم بعضها حاليًا في الصناعة الحديثة مثل: الألماس الذي يستخدم في حفر آبار البترول، بسبب قساوته العالية. تتكون بعض الأحجار الطبيعية في البحار مثل: اللؤلؤ الذي يستخرج من الخليج العربي والبحر الأحمر وساحل اليابان والهند وأمريكا الشمالية، وبعضها يأتي من النبات مثل الكهرمان.
النوع الثاني من الأحجار الكريمة هو الحجر الصناعي، وهو يشبه إلى حد كبير الحجر الطبيعي، حيث يتم تصنيعه في ظروف خاصة من الضغط والحرارة العالية في وقت قصير. يتوافر الحجر الصناعي في الأسواق بأسعار أرخص، ويمتاز بعدة ألوان، حيث يمكن صبغه بسهولة باستخدام الصبغات المحضرة معمليا.
النوع الثالث هو المقلد، الذي يصنع من خامات مختلفة أشهرها الزجاج والبلاستيك، وبأسلوب مختلف مما يؤدي لعيوب وتشوهات في الحجر، وهو أرخصهم ثمنًا، وأكثرهم شيوعًا، ويسهل تمييزه بالعين المجردة عن الباقي، ويمكن خدشه بسهولة باستخدام أظافر الإنسان أو باستخدام الزجاج العادي، فعلى سبيل المثال: يقلد حجر العاج عن طريق تلوين العظم بالقهوة ليعطي نفس المظهر، ويقلد حجر المرجان عن طريق صبغ الرخام باللون الأحمر، ويقلد حجر الكهرمان عن طرق معالجة أحد أنواع البلاستيك، وهو الباكلايت، بالحرارة والمواد الكيميائية مع استخدام صبغة زرقاء؛ لتعطي نفس اللون الأصلي للكهرمان. يمكن تقليد حجر اليسر الأسود عن طريق طلاء الخشب باللون الأسود وتلميعه، ويقلد حجر الفيروز بطحن بقايا الفيروز مع البلاستيك والخشب حتى تصبح الخلطة سائل متجانس، ويتم تقليبها جيدا، وصبها على حسب الأشكال المطلوبة.
الفحص باستخدام الحواس
أول ما تلقطه عين الخبير هي لون الحجر، حيث يتميز كل حجر بلون معين وبدرجة شدة لون محددة، وأيضا ينظر الخبير للحجر من عدة زوايا؛ ليرى ثبات اللون الذي يميز الحجر الطبيعي عن الصناعي. الكثير من الأحجار الطبيعية تتوهج بلون أزرق أو بنفسجي في الظلام. يمكن استخدام حاسة الشم للتعرف على نوع الأحجار الكريمة عن طريق تسخين إبرة، ولمسها بالحجر، ونستنشق الرائحة المتصاعدة، فعلى سبيل المثال: يتميز حجر الفاتوران الطبيعي عن الصناعي والمقلد منه بالشفافية العالية وعدم انصهاره بالحرارة وتظهر له رائحة مميزة تشبه البنج الطبي عند تسخينه، ويمكنك سماع صدى الصوت داخله عند الطرق عليه. مثال أخر هو حجر الكهرمان الذي يتميز برائحة الجميلة عند تسخينه، على العكس من الصناعي منه الذي له رائحة كريهة تنتج من حرق البلاستيك.
علاوة على ذلك، توجد بصمة أخرى للأحجار، وهي الكثافة في الماء المالح، ويمكن قياسها بسهولة ومقارنتها بالنسب الثابتة في الجداول. من المهم كذلك عند الفحص أن نمسح بنعومة على السطح، فإذا كان خشنًا، دل ذلك على إنه مقلد، ويمكن تفتته بسهولة.
الفحص الفيزيائي
يقصد بالفحص الفيزيائي، استخدام الأدوات التي لا تغير من طبيعة الحجر، ولا تسبب أضرار له؛ لتميز الأصلي من المقلد، مثل: العين المجردة والعدسات وقياس درجة اللون والوزن وغيرها، ولا تستخدم فيها المحاليل الكيميائية. هناك طريقة مميزة تعتمد على قياس معامل الانكسار الذي يعتبر مثل بصمة اليد في الإنسان. يتوافر جهاز فحص معامل الانكسار عند التجار ومعه جداول توضح نوع الحجر مقابل كل رقم، ويرجى الحذر هنا حيث يوجد أكثر من معامل لبعض الأحجار؛ لذلك يستخدم الخبير مجهر الاستقطاب؛ لتحديد نوع الحجر، وتحدد كونه طبيعيًا أم صناعيًا. يتميز الحجر الطبيعي بعدم قابليته للسحب والطرق، ولكن يعاد تشكيله بالمقص والجلخ؛ بسبب قلة المعادن داخل بلورته.
الفحص الكيميائي
لا يتم إجراء الفحص الكيميائي إلا في حالة الضرورة القصوى، بعد فشل الفحص الفيزيائي، حيث تؤثر الكيماويات المستخدمة سلبًا على كل من الأحجار الكريمة سواء كانت طبيعية أوالصناعية. تعتمد فكرة الفحص الكيميائي على استخدام مذيبات مثل: الأسيتون والكحولات مثل: الإيثانول والبروبانول والايزوبروبانول لإذابة الصبغات الموجودة في الحجر الصناعي؛ مما يجعها تفقد لونها على العكس من الحجر الأصلي. خاصية أخرى يستخدمها التجار، وهي محاولة طلاء الحجر بالذهب والبلاتين، حيث ينجح الأمر من الحجر الصناعي ويفشل مع الطبيعي.
الفحص المجهري
تتميز الأحجار الكريمة بأشكالها البلورية المميزة لكل نوع، التي تظهر تحت المجهر بعد عملية معالجة خفيفة للسطح؛ لإزالة الطبقة العليا منه، ويعتمد وضوح البلورات على قوة المجهر والزاوية التي ينظر منها للحجر، ومثال على ذلك، يظهر حجر البازلت تحت العدسة على شكل سطح أملس به ثقوب صغيرة.
وفي الختام، يحتاج المرء لعدة تدريبات لكي ينجح في التفرقة بين الأحجار الكريمة الطبيعية والصناعية والمقلدة، خاصة وأن الفحص النظري للأحجار الطبيعية والصناعية يكان يكون متطابق. ينصح المبتدئ بعدم شراء أي حجر كريم إلا بعد استشارة خبير وأهل ثقة؛ لتفادي عمليات الخداع والنصب المنتشرة في هذا المجال.