تتعدد الألات الموسيقية ولكن يظل البيانو الكلاسيكي بأصابعه البيضاء الناصعة الرقيقة واصابعه السوداء الصغيرة ونغماته الحادة والفخمة هو الألة الاكثر جاذبية لكثير من عشاق الموسيقي في كل انحاء العالم, ويظل البيانو هو الالة الاكثر ارستقراطية والتي جرت العادة ان نشاهده كقطعة فنية اشبه بلوحات بيكاسو وفان جوخ في القصور والفيلات الفخمة الكبيرة منذ اربعينيات القرن العشرين, ولا يزال يحتفظ بمكان عظيم في بهو كل فندق من الفنادق العالمية الشهيرة وفي المطاعم الكبيرة ايضا ليأنس رواد هذه الاماكن بمقطوعات موسيقية جميلة بعزف عدد من امهر الموسيقيين. ولا يزال البيانو ألة رئيسية في كل فرق الاوركسترا السيمفوني في كل فرق العالم الكبيرة مثل اوركسترا براغ واوركسترا برلين وفي بلادنا العربية ايضا يظهر البيانو كألة لها مكانة عظيمة ولا يزال حتى الان حفلات موسيقيين كبار من عازفي البيانو ومؤلفين موسيقيين ايضا امثال رمزي يس وعمر خيرت تمتلئ بالمستمعين والمحبين ولا تكاد تظهر اعلانات عن الحفلات الا وتنتهي اماكن الحجز في دقائق.
السر في بزوغ البيانو وتلألأ نجمه في سماء الموسيقب بهذا الشكل هو عظيم الاثر الذي يتركه دائما في النفس, فموسيقى البيانو فعلا ساحرة وكأنها تتناسب تماما مع دقات القلب وموجات الشعور, وتشعر وانت تسمعها كأن العازف تنبع الموسيقى من قلبه اليك مباشرة, وتشعر وكأن اصابع البيانو واوتاره الجميلة فيض من الرحمة والخيال لا تراه بالعين فقط ولكن تراه بالقلب وتسري نغماته لتعانق الروح وتطيب النفس. وهذا الاثر هو عينه ما تحدث فيه الامام الغزالي رحمه الله بأن القلب لابد له ان يرق للوتر, وكان يقصد ان ضربة الريشة على وتر العود او غيره من الالات الوترية لابد ان تجد اثرا في النفس الطيبة. وبالفعل عندما تستمع الى موسيقي البيانو تشعر وكأنك تحلق في سماوات طاهرة وتبتعد كثيرا عن طينة الارض وماديتها الثقيلة.
كيف اتعلم العزف على البيانو ؟
اذا كنت من الموهوبيين في الموسيقى وتحب العزف على البيانو وتعشق حركاته ونغماته لماذا لا تفكر في دراسة العزف على البيانو في احد معاهد الموسيقي الموجودة في بعض بلادنا العربية. هناك اقسام للتعليم الحر وقد عرفت عنها وقرأت عنها وتتواجد في اكثر من مكان سواء كليات التربية الموسيقية, او في معهد الفنون “الكونسير فاتوار” , او في دار الاوبرا وغيرها من المراكز الفنية والثقافية وهناك ايضا عدد من المراكز التعليمية الخاصة تنتشر في اكثر من مدينة عربية مثل القاهرة والاسكندرية ودبي وبيروت وتونس والرباط والدار البيضاء. نتعلم في هذه الدورات كيفية العزف على البيانو عبر قراءة النوتة الموسيقية بشكل مبدئي ثم بشكل احترافي, ونتعرف على الايقاعات ورسم النغمات ونطبق ذلك عمليا في اكثر من مقطوعة موسيقية بسيطة ثم الاصعب والاصعب حتى يتطور المستوى.
العزف على البيانو
بالاضافة طبعا الى التدريب العملي ويبدأ بالتعرف على ألة البيانو وتاريخ صنعها لأول مرة وما هي طريقة صناعته, والمواد التي يصنع منها والاماكن الشهيرة في صناعته. ثم نتعرف على طريقة العزف على البيانو وطريقة الجلوس السليمة التي تسمح للعازف بالتمكن من العزف وهو مستريح وظهره لا يتعبه ويؤلمه. ويبدأ المتدرب على حفظ النغمات الرئيسية والسلم الموسيقي الهابط والصاعد, وبعض المقطوعات الموسيقية البسيطة والتدرب كثيرا على عزفها واتقانها سواء بقراءة النوتة او بغيرها, حتى يتعود المتدرب على حفظ اماكن النغمات بدون النظر الدائم على المفاتيح, وهكذا يظهر النبوغ والعبقرية من موهبة وليدة.
بعد اجتياز فترة البداية والتي تتعرف فيها على الاساسيات الاولي للبيانو والسلم الموسيقي وغيرها من المفاهيم المهمة في الموسيقي, ستبدأ في مرحلة التدرب على عزف مقطوعات موسيقية اطول نسبيا, وفيها بعض الحركات والالحان الاكثر صعوبة, ولا تمل فالتدريب الجيد على عزف اللحن سيمكنك مع الوقت ان تجيد العزف, وسيدفعك حب البيانو لتفعل ذلك. ومن الممكن ان تبدأ في هذه المرحلة بالاستماع الي بعض الالحان البسيطة لعازفي البيانو العالميين وهناك عدد من المقطوعات الشهيرة التي يمكنك التدريب عليها سماعا وعزفا اشهرها مقطوعة “Love story” ومقطوعة “God father” ومقطوعة “My heart will go on”. تتميز هذه المقطوعات بسهولة تتابعتها اللحنية وجمال وقعها على الاذن والنفس. وبعد نهاية هذه الفترة والتي لا تقل مع البيانو عن ستة اشهر, تبدأ في التدرب والاشتراك مع اوركسترا صغير العدد في عزف مقطوعات موسيقية مختلفة وهذه المرحلة من اجمل المراحل في تعلم العزف على البيانو حيث ترى في نفسك الموهبة وقد اثقلها التعلم والتدريب, وستسعد بالمشاركة مع اصدقاء يعزفون الات مختلفة وتتناغم الالحان في تناسق بديع.