أصبح التغير المناخي قضية من قضايا العصر، إذ تسعى البلاد إلى معالجة مشكلة التغير المناخي؛ لما لها من آثار سيئة على البيئة ومن يعيشون بها من الكائنات الحية، فتأثير التغير المناخي على كل ما في الأرض لا يظهر بصورة مباشرة، بينما يحدث تدريجيًا، الأمر الذي قد يلاحظه الإنسان على مدى البعيد، ولعل الخوف من تأثير التغير المناخي على الإنتاج الغذائي، وارتفاع منسوب البحر، وتأثر الكائنات البحرية بصورة سلبية، جميعها آثار تأتي في مقدمة قائمة لا حصر لها من التأثيرات السلبية للمناخ على حياة الإنسان.
عناصر المناخ
يتألف المناخ من مجموعة عناصر، تلك التي تؤثر على طقس كل منطقة من مناطق العالم، إذ يتكون المناخ من العناصر الآتية:
- درجة الحرارة: هي كمية الطاقة الحرارية التي تتواجد بالهواء، فالحرارة هي الطاقة المنبعثة من الشمس إلى الأرض على شكل ضوء، يتم قياس درجة الحرارة باستخدام وحدة قياس فهرنهايت أو الدرجة المئوية، وتتميز درجة الحرارة بالتنوع على مدار اليوم الواحد؛ وذلك بسبب دوران الأرض، كما يتغير خلال المواسم السنوية بسبب الحركة الانتقالية للأرض حول الشمس.
- التكثف: تأتي عملية التكثف ضمن عناصر المناخ، إذ تنتهي هذه العملية بسقوط الأمطار، في شكل سائل أو صلب، فالشكل السائل يتمثل في الأمطار العادية، والشكل الصلب فيتمثل في تساقط الثلوج، إذ تصب نسبة كبيرة من الأمطار في البحار والأنهار والبحيرات، بينما يتبخر الباقي على سطح الأرض، أو يمر من خلال النباتات، وهذه العملية تعرف باسم التبخر.
- الرطوبة: تتمثل الرطوبة في بخار الماء الذي يحمله الهواء، إذ تختلف نسبة الرطوبة باختلاف كمية الأمطار وأشعة الشمس، وقد نجد أن الرطوبة تتواجد بأي منطقة في العالم، حتى في أشد المناطق سخونة.
- الضغط الجوي: هو القوة التي تضغط على سطح ما بسبب الوزن الكُلي للغلاف الجوي، وتنخفض قيمة الضغط كلما تم الارتفاع عن سطح الأرض.
- الرياح: تمثل الرياح الهواء المتحرك على سطح الأرض بصورة مستوى.
- أشعة الشمس: على الرغم من كون هذا العنصر غير مرئي؛ إلا أنه يؤثر بشكل كبير على المناخ، نظرًا لنقل الحرارة إلى الأرض بدرجات مختلفة. [1]
مفهوم التغير المناخي
التغير المناخي (بالإنجليزية: Climate change) هو تحول طويل المدى في متوسط الأحوال الجوية بمنطقة ما، مثل حدوث تغير تدريجي في درجات الحرارة، أو نسبة هطول الأمطار، أو في كمية الرياح التي تتواجد بمنطقة ما، أي أن التغير المناخي ما هو إلا التغيرات الطارئة بطبقات الغلاف الجوي.
يتم قياس التغير المناخي على مدار العقود، لذا فهو يصنف ضمن العناصر طويلة الأمد، تلك التي لا يشعر بها الإنسان بصورة مفاجئة، بل يشعر بها على مر الوقت، إذ تظهر مجموعة من الأنماط المناخية الجديدة، تلك الأنماط التي تظل متواجدة لمدة عقود، أو ربما قد يصل الأمر إلى أن تظل في حالة من التغير لملايين السنين.
الجدير بالذكر أن الكثير من الأشخاص يخلطون بين مفهوم التغير المناخي ومفهوم الاحتباس الحراري، على الرغم من اختلاف المفهومين عن بعضهما البعض، فالاحتباس الحراري ما هو إلى ارتفاع بمتوسط درجات الحرارة على سطح الأرض، وهذا يختلف بشكل جذري عن مفهوم التغير المناخي. [2]
أسباب التغير المناخي
لقد تغير المناخ منذ أن تشكل على الأرض من ما يقارب 4.5 مليار سنة، فحتى وقت قريب كانت العوامل الطبيعية هي السبب في التغيرات المناخية التي يعيشها سطح الأرض، إذ تشمل التأثيرات الطبيعية على المناخ كلًا من الانفجارات البركانية، والتغيرات التي تحدث على مدار الأرض، فضلًا عن التحولات التي تشهدها قشرة الأرض، تلك التي تسمى بالصفائح التكتونية.
إذ مرت الأرض بمجموعة من العصور الجليدية، من بعدها بدأت الأرض في العصور الأكثر دفئًا، والفرق بين تلك العصور آلاف السنين، بينما التغير المناخي الكبير الذي تشهده الأرض خلال السنوات الأخيرة فقد حدث نتيجة للثورة الصناعية، تلك الثورة التي قام بها الإنسان لزيادة الاعتماد على الآلات، ما أعقبه حرق كميات كبيرة من الوقود الأحفوري، باختصار فالنشاط البشري المتزايد بالاعتماد على عناصر مضرة بالمناخ، كان السبب الحقيقي وراء تسارع التغير المناخي خلال السنوات الماضية.
تتمثل أسباب التغير المناخي التي سببها الإنسان في الآتي:
- حرق الوقود الأحفوري: يحتوي الوقود الأحفوري مثل النفط والغاز والفحم على ثاني أكسيد الكربون، ذلك العنصر الذي تحبسه الأرض منذ آلاف السنين، فعندما يتم إخراج ثاني أكسيد الكربون نتيجة حرق الوقود؛ هذا يعني إطلاق مخزون الأرض في الهواء.
- إزالة الغابات: تقوم الغابات بتخزين كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، لذا فإزالة الغابات تؤثر بصورة سلبية على المناخ، لأنها تعمل على تراكم ثاني أكسيد الكربون بشكل أسرع في الغلاف الجوي.
- الزراعة: نعم فزراعة المحاصيل الزراعية بكميات كبيرة وتربية الحيوانات التي تتغذى عليها، يؤدي إلى تكون غاز الميثان الدفيء، الذي يعتبر أقوى 30 مرة من ثاني أكسيد الكربون، كما أن أكسيد النيتروز المستخدم في تصنيع الأسمدة الزراعية؛ يتسبب في زيادة الأمر سوءًا، فهو أقوى من ثاني أكسيد الكربون بثلاثمائة مرة.
- الأسمنت: إنتاج الأسمنت هو مساهم آخر في عملية التغير المناخي، إذ تتسبب عملية إنتاج الأسمنت في تكوين 2% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بالكامل. [3]
تأثيرات التغير المناخي على البيئة
تؤثر التغيرات المناخية على البيئة بصورة مباشرة، إذ تتمثل آثار التغير المناخي على البيئة في الآتي:
- ارتفاع درجات الحرارة العليا والصغرى للأرض.
- ارتفاع منسوب مياه البحر.
- ارتفاع درجة حرارة المحيطات على مستوى العالم.
- زيادة هطول الأمطار الغزيرة.
- تقلص مساحة الأنهار الجليدية.
- ذوبان الجليد بالمناطق الجليدية.
- زيادة انتشار الآفات والحشرات.
- فقدان التنوع البيولوجي بسبب محدودية التكيف للنباتات والحيوانات المختلفة.
الجدير بالذكر أن ذوبان جليد القطب الشمالي هو أحد أكثر أمثلة تأثر البيئة بالتغير المناخي، الأمر الذي قد يؤثر على منسوب مياه البحار في العالم، كما يؤثر على الكائنات الحية بشكل كبير. [4]
مخاطر تغير المناخ على البيئة
تتمثل مخاطر تغير المناخ على البيئة في الآتي:
- استمرار التغير المناخي: أكدت وكالة ناسا على استمرار التغير المناخي خلال هذا القرن وما بعده، إذ يعتمد حجم التغير المناخي بعد العقود القادمة بشكل أساسي على كمية الغازات التي تنبعث من الحرارة على مستوى العالم، ومدى حساسية مناخ الأرض تجاه تلك الانبعاثات.
- استمرار الارتفاع في درجات الحرارة: تستمر درجات الحرارة في الارتفاع نظرًا لاستمرار أسباب التغيرات المناخية.
- يتزايد طول الموسم الخالي من الصقيع، الأمر الذي يؤثر على النظم البيئية المختلفة، كما يؤثر على الزراعة، وذلك يؤثر في النهاية على حياة الكائنات الحية بطريقة مباشرة.
- تشير توقعات المناخ المستقبلية إلى زيادة هطول الأمطار الغزيرة نتيجة للتغيرات المناخية التي تعيشها الأرض.
- حرائق الغابات المتكررة ما هي إلا نتيجة من النتائج السلبية لتغير المناخ على مستوى العالم.
- زيادة فترات الجفاف بمناطق متفرقة حول العالم.
- تقلص الأنهار الجليدية على مستوى العالم، وارتفاع مستوى سطح البحر بصورة سريعة، فمن المتوقع ارتفاع مستوى البحر بمعدل 1 إلى 8 أقدام بحلول عام 2100.
- ازدياد شدة الأعاصير التي يشهدها العالم.
- من المتوقع أن تصبح منطقة القطب لشمالي خالية من الجليد، فقد أكدت وكالة ناسا أنه بحلول نصف القرن الجاري سيصبح المحيط المتجمد الشمالي خاليًا من الجليد في فصل الصيف. [5]