عمان-الغد- افتتح رئيس الجامعة الأردنية الدكتور عبدالكريم القضاة، يوم الخميس الماضي، في مدرج وادي رم بكلية اللغات بالجامعة، المؤتمر الفلسفي العاشر بعنوان “تحولات السلطة عالميا وإشكالية المفاهيم” بتنظيم من قسم الفلسفة في كلية الآداب بالجامعة وبالتعاون مع الجمعية الفلسفية الأردنية بعمان.
وألقى رئيس الجامعة الذي رعى حفل الافتتاح كلمة قال فيها “يقع موضوع المجتمع المدني في صلب النقاشات حول التحولات الديمقراطية وحكم القانون وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، فالمجتمع المدني ركيزة أساسية لترسيخ النظام الديمقراطي وإن وجود دولة قوية غير سلطوية ومجتمع مدني قوي يشكل الضامن الحقيقي للشرعية والاستقرار السياسي”.
وأشار الى أن هناك صراعا دائرا منذ عقود حول صورتنا وحاضرنا ومستقبلنا عربا ومسلمين، لافتا الى أن الإشكالية الحضارية الناجمة عن العلاقة مع الغرب تتركز في أمور ثلاثة هي؛ الإحساس بالاضطرار الى مواجهة الحاضر الغربي العملاق بماضينا الذي ولى وانقضى، واستعمال تراثنا الماضي وكذلك الحاضر من أجل الدفاع عن الذات والموقع الذي تحتله والدور الذي تنهض به، وتبني مقولة التقدم الغربية المقرونة بالخوف من احتمال تأثيرها سلبا على الهوية والذاتية بما يتضمنه ذلك من حيرة بين الحداثة والتحديث.
وقال “إن الأوراق النقاشية التي قدمها جلالة الملك عبدالله الثاني سعى من خلالها الى تحفيز حوار وطني حول مسيرة الإصلاح وعملية التحول الديمقراطي التي يمر فيها الأردن بهدف بناء التوافق وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار وإدامة الزخم البناء حول عملية الإصلاح”، لافتا الى الورقة النقاشية السابعة التي تناولت التعليم والمعنونة بـ”بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة”.
وفي هذا الإطار، بين أنه بات من الصعب اليوم قراءة الواقع الراهن بدون الأخذ بعين الاعتبار مركزية منطق التربية والتعليم ضمن خرائط ذلك الواقع لما لهما من أهمية في تشكيل العقل الناقد، وتحديد مسارات المعرفة وطرق إنشاء الدرس العملي وصناعة الأسلوب التعليمي المتبع في تأسيس مناهج هذه المعرفة، لافتا الى دور الجامعة الأردنية المحوري في تحقيق النهضة المنشودة، لاسيما أنها حلت في المركز الأول محليا والعاشر عربيا ضمن تصنيف QS للعام 2020، وحققت نتائج متميزة في معظم معايير التصنيف.
وألقى عميد كلية الآداب الدكتور محمد القضاة كلمة بعنوان “الفلسفة والتسامح”، قال فيها “إن الفلسفة والحكمة والتسامح والجامعة عناوين مهمة في عالم اليوم، الذي تحكمه أنماط من الفوضى والمفاهيم العجيبة، وما نقصده يؤطر فهما عميقا لحكمة الفلسفة في بناء فكر تنويري تحتاج إليه الحياة بمعطياتها ومتطلباتها ومعارفها وحقائقها، فضلاً عن دورها في اكتساب المعرفة التي تعد ضرورة لإنسان هذا العصر”.
وأضاف “إن الفلسفة تعلّم القيم والمثل العليا التي تضبط السلوك الإنساني، وترتبط باللغة، وهي وسيلتها في التواصل والتفاهم مع البشر، وتحمل معارفها وقيمها وجدلها ومنتجاتها إلى العقل الإنساني، والعقل صنْوها، ومصدر القدرة والإدراك واتخاذ القرار، ومنْ غيره لا قيمة للإنسان؛ فهو منتج الفكر والنقد والجدل وعلم الكلام”.
ولفت إلى أنه حين تذكر الفلسفة تذكر مهارات التفكير الناقد والافتراضات والاستدلال والاستناج والتفسير وتقويم الحجج والتساؤل والمناقشة النقدية والجدال بالمنطق وتقديم الحجج في نسقٍ منظم، وهي كلها ضرورية لطلبة الجامعة والمدرسة وأساسية في تعليم لغة الحوار الحر وثقافة التسامح، مشيرا إلى إقرار الجامعة الأردنية مادة إجبارية وسمت بـ”مقدمة في الفلسفة والتفكير الناقد”؛ انطلاقا من حرصها على تعزيز الدرس الفلسفي وبناء منهجيات التفكير والمهارات التواصلية والحوارية عند الطلبة؛ بغية الوصول إلى نشر ثقافة التسامح.
وألقى الدكتور عامر شطارة، في حفل الافتتاح الذي أداره الدكتور عبدالله المانع، كلمة قسم الفلسفة بالجامعة، لفت فيها الى أن اليونسكو أقرت الثالث من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام يوما عالميا للفلسفة يتم من خلاله تأكيد قيمة الفلسفة والتفكير الناقد.
كما ألقى رئيس الجمعية الدكتور ماهر الصراف كلمة الجمعية، لفت فيها الى أن المشتغلين بالساحة الفلسفية يدركون استفحال إشكالية المفاهيم في الفكر العربي المعاصر، مشيرا الى أن هذا الفكر يعاني من ارتباك واضح في توظيف المفاهيم وتطلق المسميات والمصطلحات على عواهنها من دون تحديد أو تقنين.
وتحدث في الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور سلمان البدور، الدكتور هشام غصيب في ورقة حملت عنوان “المثقف والسلطة في الوطن العربي” (محور السلطة)، والدكتور وليد عبد الحي في ورقة بعنوان “فلسفة الدراسات المستقبلية وإشكالياتها العربية” (محور الواقع العربي)، والدكتور فريد العليبي من تونس في ورقة بعنوان “السلطة السياسية عند ابن رشد” (محور التراث).
وفي الجلسة الثانية التي حمل محورها عنوان “السلطة” وترأسها الدكتور أحمد العجارمة، تحدث كل من الدكتورة هناء القلال من ليبيا في ورقة بعنوان “مفهوم السلطة والعقد الاجتماعي”، وتطرقت فيها إلى دولة المواطنة، والدكتور ماهر الصراف في ورقة بعنوان “السلطة والبيولوجيا”، والدكتورة لينا الجزراوي في ورقة بعنوان “السلطة والجسد”.
أما الجلسة الثالثة والختامية لليوم الأول فحملت عنوان “الواقع العربي” وترأسها الدكتور حامد دبابسة، وتحدث فيها كل من الدكتور مختار عبدلاوي من المغرب بورقة حملت عنوان “من التنوير الى المواطنة”، والباحث كمال ميرزا بورقة عنوانها “الربيع العربي والخريف الكوكبي وإعادة تعريف الدولة”، والباحث مجدي ممدوح بورقة عنوانها “السلطة من السياسة الى الاقتصاد”.-(بترا)