لا تقتصر حالات حدوث الجفاف على نوع من المناخ دون غيره بل تتم في كافة أنواع المناخ تقريباً، وهو واحدة من بين جميع الظواهر الطبيعية التابعة للطقس والمتعلقة به والتي يمكن أن يترتب عليها آثاراً اقتصادية بالغة في الدولة التي تصاب به، حيث إنه يحتل المرتبة الثانية من حيث الخطر البيئي بعد الأعاصير، وفقاً لما ورد عن المركز الوطني للبيانات المناخية، ولكن وعلى خلاف الأعاصير التي يمكن مباشرة تصنيفها وتحديدها من حيث سرعة الرياح فإن درجات الجفاف وحالاته يعد من الصعب تحديدها.
فترة الجفاف
يعتقد الغالبية العظمى من الناس أن الجفاف هو تلك الفترة التي يسود بها الطقس الجاف على غير المعتاد والذي يمتد إلى فترات طويلة بما يكفي لحدوث مشكلات عظيمة منها نقص إمدادات الماء، وتلف المحاصيل، ولكن نتيجة الأسباب المختلفة المتعلقة بتطور ظروف الجفاف والذي تم وضع الكثير من التعريفات حوله.
ووفقاً لـ(ديفيد مسكوس) أخصائي الأرصاد الجوية وخبير الجفاف بمركز التنبؤات المناخية التابع للإدارة الوطنية للغلاف الجوي والمحيطات (NOAA): “إن الجفاف ليس بسبب نقص الأمطار وارتفاع درجات الحرارة فحسب ، بل بسبب الإفراط في الاستخدام والاكتظاظ السكاني“.
وفي عام (1980م) قام باحثان في ذلك المجال باكتشاف ووضع أكثر من مائة وخمسون تعريف مختلف تم نشره بمجلة (Water International)، في محاولة منهم لتحقيق بعض الترتيب لقياس الجفاف، كما عكف العلماء على تجميع كافة تلك التعريفات إلى فئات أربع أساسية وهي (الاقتصاد الاجتماعي، الزراعة، الهيدرولوجيا، والأرصاد الجوية)، حيث تتناول الفئة الأولى الجفاف كمشكلة عرض وطلب فيما يتعلق بآثار نقص الماء، بينما الثلاث الأخيرة تعتبر الجفاف ظاهرة مادية.[1]
تحليل الجفاف
تعمل تلك التعريفات على تحديد بدايات الجفاف ونهاياته وكذلك درجة شدتها عن طريق مقارنة هطول الأمطار أثناء فترة زمنية معينة، وقد اعتمد العلماء علة الثلوج والأمطار كقياسات لهطول الأمطار وسوف نوضح فيما يلي وصفاً مفصلاً لفئات الجفاف الأربع:
- جفاف الأرصاد الجوية: يتحدد الجفاف في المناطق المختلفة وفقاً لكمية الأمطار السنوية بالمتوسط في تلك المنطقة، وعلى سبيل المثال بلغ متوسط سقوط الأمطار بالجزء الجنوبي الغربي من الولايات المتحدة الأمريكية ما يقل عن ثلاث بوصات أي ما يعادل (7.6 سم) سنويًا، بينما الشمال الغربي قد حصل على ما يزيد عن مائة وخمسون بوصة أي (381 سم) بالعام، ووفقاً لوزارة الداخلية بالولايات المتحدة فإن انخفاض هطول الأمطار عند المقارنو بالمعدل الوسطي التاريخي لتلك المنطقة يعد جفاف للأرصاد الجوية.
- الجفاف الزراعي: يتمثل في الاحتياج المائي للمحاصيل الزراعية أثناء مراحل النماء المختلفة وفي مثال لذلك نذكر أنه قد تصبح الرطوبة الكافية عائقاً وقت الزراعة مما يترتب عليه انخفاض بمعدلات النبات ونقص المحاصيل.
- الجفاف الهيدرولوجي: يشير ذلك النوع من الجفاف إلى انخفاض كميات المياه بشكل مستمر بالأنهار والجداول والخزانات، فضلاً عن أن النشاط البشري مثل سحب الخزانات يترتب عليه تفاقم حالات الجفاف الهيدرولوجي وفي الغالب يرتبط الجفاف الهيدرولوجي مع موجات الجفاف الجوي.
- الجفاف الاقتصادي والاجتماعي: حينما يتعدى الطلب على الماء العرض تتضمن أمثلة ذلك النوع الري بشكل كبير أو حينما يجبر نقص تدفق الأنهار مشغلي محطات الطاقة الكهرومائية على تخفيض إنتاج الطاقة وبالتالي يقل مخزون الماء ويترتب عليه الجفاف.[1]
الجفاف والتصحر
يحدث كثيراً أن يتم الخلط لدى البعض حول مفهوم الجفاف ومفهوم التصحر وعلى الرغم من التشابه والتقارب فيما بينهما إلا أنهما ليسا متطابقين ولكن يوجد بينهما خلاف وفيما يلي سوف نوضح التعريف الخاص بكلاً منهما والذي من خلاله سوف يتم التعرف على الفرق ما بين كلاً منهم:
تعريف الجفاف
الجفاف هو فترة زمنية تعاني بها منطقة معينة من هطول الأمطار أقل من المستوى الطبيعي والذي يمكن أن ينتج عن نقص الترسيب المطلوب سواء تعلق ذلك بالثلوج أو الأمطار انخفاض نسبة المياه الجوفية أو رطوبة التربة ونقص تدفق التيار مما يترتب عليه تلف المحاصيل ونقص المياه بشكل عام.
وكما يعد تحديد موعد بدأ الجفاف من الأمور الصعبة كذلك فإن التعرف على مدى ما قد تبلغه الآثار الناتجة عنه لا يمكن توقعه فضلاً عن توقع الوقت الذي يمكن أن ينتهي به الأمر الذي قد يستغرق أسابيع أو أشهر والذي قد يستمر لأعوام عديدة حيث قد تتضمن منطقة معينة أسباب حدوث الجفاف لعقد من الزمن أو أكثر والتي كلما طالت مدته ازداد أثر ضرره على المجتمعات.
آثار الجفاف
يترتب على الجفاف الكثير من التأثيرات على المجتمعات ومن يعيش بها بالعديد من الطرق والتي تتمثل فيما يلي:
- ضعف فرص الحصول على مياه الشرب النقية الضرورية واللازمة لكافة أشكال الحياة ومن يعيش بها من كائنات حية والتي تتضائل كمياتها في فترات الجفاف.
- يؤثر الجفاف على كميات الماء اللازمة للزراعة والمحاصيل، إذ أنه حينما تتوقف الأمطار عن الهطول بالكميات الكافية تقل المحاصيل الزراعية وتنخفض كميتها مما يترتب عليه صعوبة الحصول على الغذاء لكل من الإنسان وكذلك الحيوان وهو ما يؤثر سلباً على الثروة الحيوانية.[2]
تعريف التصحر
التصحر هو تلك العملية التي تنتج عن أسباب مختلفة إما طبيعية أو بشرية والتي يترتب عليها انخفاض الإنتاج البيولوجي للأراضي مما يجعلها تصبح قاحلة أو شبه جافة، وتعود أسباب التصحر إلى أمور عديدة إذ أنه قد ينتج (إزالة النباتات، تغير المناخ، الفقر، الرعي الجائر، ممارسات الري الغير منتظمة أو مستدامة، انعدام الاستقرار السياسي أو مزيج من تلك الأسباب جميعها)
ولا يشير ذلك المفهوم إلى التوسع المادي للصحاري المتواجدة حالياً ولكنه يشير إلى مختلف العمليات التي تهدد كافة النظم الإيكولوجية للجاف من الأراضي بما في ذلك المراعي والصحاري وكذلك الأراضي الزراعية، وفيما يتعلق بنطاق التصحر بأسلوب علمي فهو أقل بعض الشيء من نصف مساحة سطح الكرة الأرضية الخالي من الجليد، أي حوالي 52 مليون كيلو متر مربع من مساحة الأرض.
وعلى ذلك فإن التصحر الأراضي الجافة التي تغطي غالباً المناطق الفقيرة من العالم والدول النامية، وقد أشار برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ) إلى مدى تأثير التصحر على مساحة من الأرض قد بلغت ستة وثلاثون كيلو متراً مربعاً أي ما يعادل أربعة عشر مليون ميل مربع مما جعل التصحر مصدر قلق كبير من الناحية الدولية.
آثار التصحر
وفقاً لما ذكرته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر أن التأثير الناتج عنه على حياة الأشخاص بما يزيد عن مائتي وخمسون شخص، وقد أشارت التوقعات إلى أن التصحر سوف يؤثر على الحياة البشرية بشكل كبير للدرجة التي قد يصل المتضررين منه مائة خمسة وثلاثون مليون شخص في جميع أنحاء العالم بحلول عام (2045م)، وهو ما جعله واحدة من أخطر التحديات البيئية التي تواجهها البشرية.[3]
الجدير بالذكر أن قارة أفريقيا هي القارة الأكثر تضرراً نتائج التصحر إذ أنها تعد واحدة من أكثر الحدود الطبيعية على مساحة اليابسة بالحافة الجنوبية للصحراء وعلى ذلك فإن البلدان الواقعة على حدود الصحراء تكون في الغالب هي الأكثر فقراً من بين جميع البلدان كما أنها معرضة لموجات الجفاف التي قد تدمر اقتصادها والحياة الطبيعية لشعوبها.