في انتظارِ الربيع

لم يَكَدْ يُبْصِرُ النورَ ذاكَ الربيعُ الذي انتَظَرَتهُ العُروبَةُ في غَفْلَةٍ من عيونِ الطواغيتِ حتى تَداعَتْ إلى وَأْدِهِ في المِهادِ غُلاةُ الفُصولْ: ـ فَانْبَرى الصيفُ يُصْلي عَذارى الربيعِ الصلّى ـ وَاسْتَفاقَتْ رياحُ الخَريفِ منَ النومِ تَعْوي عُواءَ الذئابُ وَقَدْ ذَأَبَتْها رياحُ الفَلا ـ ثم جاءَ الشتاءُ يَهُد وَيَرْعُدُ يُرْغي وَيُزْبِدُ صِنْوَ رَفيقَيْهِ حتى اسْتَكانَتْ جِبالٌ […]

في انتظارِ الربيع

[wpcc-script type=”c74e426ef3f17577d48ee3d0-text/javascript”]

لم يَكَدْ يُبْصِرُ النورَ
ذاكَ الربيعُ الذي
انتَظَرَتهُ العُروبَةُ
في غَفْلَةٍ من عيونِ الطواغيتِ
حتى تَداعَتْ إلى وَأْدِهِ
في المِهادِ غُلاةُ الفُصولْ:
ـ فَانْبَرى الصيفُ يُصْلي
عَذارى الربيعِ الصلّى
ـ وَاسْتَفاقَتْ رياحُ الخَريفِ منَ النومِ
تَعْوي عُواءَ الذئابُ وَقَدْ
ذَأَبَتْها رياحُ الفَلا
ـ ثم جاءَ الشتاءُ
يَهُد وَيَرْعُدُ
يُرْغي وَيُزْبِدُ
صِنْوَ رَفيقَيْهِ حتى
اسْتَكانَتْ جِبالٌ من الذل
وَاسْتَرْسَلَتْ في المَهانةِ
فِيْحُ السهولْ
فَخَبَتْ أنْجُمٌ في رَبيعِ الحَياةِ
وَراحَتْ تُيَممُ شَطْرَ الأفولْ
٭٭٭
حينَ راحَتْ سُنونو الشبابِ
تُرفرِفُ في أُفْقِنا العربي
مُؤْذِنَةً بِقُدومِ الربيعْ
لم تُصَدقْ عيونُ الألى،
في كُهوفِ الزمانِ العَتيقِ،
أقاموا طَويلا
يَغوصونَ في غَيْهَبِ الليلِ
أو يَصْطَلونَ بِجَمْرِ الصقيعْ
لم تُصَدقْ قيامَ السنونو بِشَق العَصا
والتصدي لِحُكْمِ ذئابِ القَطيعْ
غيرَ أن العيونَ التي
أدْمَنَتْ ظُلْمَةَ الكَهْفِ
راوَدَها الضوءُ عن حُلْمِها
فَجَرَتْ أنْهُرًا
وَرَنَتْ للسنونو
وراحَتْ تُلَبي نداءَ الربيعْ.
٭٭٭
في المَيادينِ صَبتْ شَوارِعُ
سالَتْ بِكُل العُيونِ التي
تَتَطَلعُ لِلْفَجْرِ يَبزُغُ
من مُدْلَهِم الظلامْ
فَاسْتَحالَتْ بِحارًا
مَيادينُ آلَتْ على النفسِ
أن تَجْعَلَ الموتَ جِسْرَ الحياهْ
فَإذا ما أرادَتْ قَواصي القُطوفِ
فَلا بد أن يَستَجيبَ الإلهْ
وإذا ضاقَتِ الأرْضُ ذَرْعًا
بِحَق المَيادينِ في «سُدْرَةِ المُنْتَهى»
فَعَلَيْها السلامْ.
٭٭٭
قَلَبَتْ أنْهُرُ الناسِ
وَالأبْحُرُ الهُوجُ
رَأسًا على عَقِبٍ
مُعْطَياتِ الطغاهْ
فَحِسابُ بَيادرِهِمْ لم يُطابِقْ
حِسابَ الحُقولْ
قَلَبَ الشعبُ ظَهْرَ المِجَن لَهُمْ
فَاسْتَفاقَتْ بلادٌ بِكاملِها
منْ كُهوفِ الكَرى
وَمَشَتْ في رِكابِ الجِبالِ السهولْ
وإذا بِعُروشِ الظلامِ تَمِيدُ
على وَقْعِ أحْذِيَةِ الفقراءِ الألى
أقْسَموا أن يَموتوا
لكي تَستقيمَ الحَياهْ
٭٭٭
شَهَرَ المُسْتَبِدونَ أسْلِحَةَ الحِقْدِ
كي يَمْنَعوا النهرَ عن جَرْيِهِ
وَيَئِدوا البَحْرَ في مَهْدِهِ
أضْرَموا نارَهُمْ في هَشيمِ القُرى
وَاسْتَباحوا المَدائنَ كي يَستَمِروا،
إلى أبَدِ الآبِدينَ،
تُرابًا ثَقيلاً
يُدَنسُ طُهْرَ الثرى
وَاسْتَعانوا بِسَقْطِ الأنامِ الألى
أخْرَجوهُمْ من جُحورِ الظلامِ
لكي يُخْمِدوا جَذوةَ النورِ
طَي ليالي الرمادْ
فَأعانوا…
وَصالوا وَجالوا
وَعاثوا فَسادًا
فَزالَتْ طِرافٌ
وَبادَتْ تِلادْ
وَأَبَتْ دُوَلٌ أن يَدولَ الظلامُ
الذي أحْكَمَتْ نَسْجَهُ
من قديمِ الزمانْ
فَانْبَرَتْ تَحْصُدُ الناسَ
جوا وبرا وبحرا
وَتَزْرَعُ قَمْحَ الردى
في حُقولِ المَكانْ.
٭٭٭
هوَ حِلْفُ الطغاةِ الألى
مَلأوا الأرضَ ظُلْمًا وَجَوْرا،
وَسَقْطِ الأنامِ الألى
حَرَثوا القتلَ ثَلْمًا فَثَلْما،
وَعُظْمى الجِهاتِ التي
أطْلَقَتْ لِوحوشِ الطغاةِ
وَسَقْطِ الأنامِ العِنانْ.
٭٭٭
وَأَدَ الحِلْفُ في المَهْدِ طفلَ الربيعْ
قَبْلَ أن يُوقِظَ العِطْرَ
من نومِهِ في القَواريرِ
أو يُطلِقُ اللوْنَ
من أسْرِهِ في الأزاهيرِ
أو يَمْنَحَ اللحْنَ
أجْنِحَةً لِلْعَصافيرِ
أو يَجْعَلَ العِطْرَ واللوْنَ واللحْنَ
خُبْزَ الجَميعْ.
غيرَ أن الربيعَ سَيَنْهَضُ
من وَأدِهِ حَتْمًا
رُغْمَ أنْفِ الطغاةِ
وَسَقْطِ الأنامِ وَعُظْمى الدوَلْ
وَسَيَرْجِعُ يومًا إلى الأرْضِ
يَنْشُرُ فيها عَبيرَ الأمَلْ
وَسَتَهْوي عُروشٌ بَغَتْ
وَتَدورُ عليْها الدوائرُ
شاءَتْ قِوى البَغْيِ مَهْوى الردى
أمْ أَبَتْ
فَلِكُل ظَلامٍ مَدى
وَلِكُل ظَلومٍ أجَلْ.

٭ كاتب من لبنان

كلمات مفتاحية

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *