بحر الظلمات

أحبابنا استجاب الربُ للدعاءِ أن نفوز نحن الكادحين بالنجاةِ من غوائلِ الرياحِ والكواسرِ التي تجوب الماء لاصطياد التعساءِ الغارقين. الليلُ صافٍ والنجومُ باسماتٌ والمحيطُ حالمٌ يهدهدُ السفين. وسوف يأتي الصبحُ بالبشائر. وراءكم صارت همومُكم، دياركم صارت على مرمى البصر ماذا لو احتفلنا الآنَ باقترابنا من شاطئ الأمان سالمين، ومن عناقِ الأهلِ والسكنى إلى صدرٍ حنونِ؟ […]

بحر الظلمات

[wpcc-script type=”a2083ede21c37f16c62ec7ef-text/javascript”]

أحبابنا استجاب الربُ للدعاءِ
أن نفوز نحن الكادحين بالنجاةِ
من غوائلِ الرياحِ
والكواسرِ التي تجوب الماء
لاصطياد التعساءِ الغارقين.
الليلُ صافٍ والنجومُ باسماتٌ
والمحيطُ حالمٌ يهدهدُ السفين.
وسوف يأتي الصبحُ بالبشائر.
وراءكم صارت همومُكم،
دياركم صارت على مرمى البصر
ماذا لو احتفلنا الآنَ باقترابنا
من شاطئ الأمان سالمين،
ومن عناقِ الأهلِ والسكنى
إلى صدرٍ حنونِ؟
مدوا إذن موائد الشواءِ
وارتووا، زال الخطر.

وقفتُ في الميناءِ وحدي
أرقبُ الحُطامَ قادمًا بالنبأِ اليقين:
البحرُ غاضبٌ ما زال جائعًا
زئيرُه يُصمّ، أسدٌ مجنون
لم يكفه عشاؤهُ المُشين.
لم يدرك البحارةُ السُكارى
أن من ورائهم قوىً تشدهم
إلى شباكِ الموتِ منتشين،
قوىً خفيةٌ خبرتها استفزها
اقترابهم من اقتطافِ الثمرة،
يسوؤها فوزُ الشقيّ بالصيدِ الثمين.
فأطلقت عليهم العواصفَ المدمرة.
وحدى مقيدٌ هنا
بلا حراكِ في حدادي المقيم.
محاربٌ قديمٌ شلّه أساهُ
وانكسارُهِ
فى وجهِ خصمٍ كاسرٍ
ساقته ظلمةٌ بلا قرار.
وها هو الرصيفُ قد خلا
وانفضّ جمعُ الأمهاتِ
الباكياتِ والصغارِ المعْولين.
حذرتهم بالأمس: لا يغرنكم
نورُ النهار أو تلألؤُ النجوم.
فمن وراءِ ما ترون هوةٌ
عميقةٌ تخفي مكائد المجهول
يا هولَ ما يحيكُ الغادرُ الخؤون.
توقعوا انقضاضه
في لحظةِ الشعور بالأمان.
فقيل: شاعرٌ مجنون.
رباهُ ليس لي في الغارقين ابنٌ
ولا أخٌ، لكن أحزان الثكالى
واليتامى لم تغادر المكان.
ظلت هنا معي،
حُمّلتُها أنا الرهينةُ السجين.

٭ شاعر مصري

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *