(الحيُّ السّوريُّ)
[wpcc-script type=”ead2d8959fbfb4ec3c5bb9c0-text/javascript”]
خوناف أيوب٭
السوريون الذين غرقوا في طريقهم نحو النجاة
لم يموتوا،
البحر لا يقوى على ابتلاع أحلامهم
بلد كامل تحت الماء يتنفس
قد عمروا حاراتهم وقراهم المنسية بجانب أسماك السردين
يبيعون الدخان المهرب
والشاي الأسود
والزعتر البري،
لا بحر يبلل أمنياتهم.
أحدهم يواعد حبيبته عند بيت الحيتان البيضاء،
يلتقيان خلسة
يضحكان على كل ما كان
يتبادلان القبل… يتعانقان
يوصلها لبيتها الأبد
ويمضي لبيته،
حتى وهو يغرق يخاف على حبيبته من أولاد الحي.
عائلة أخرى دعت أقرباءها للعشاء
يأخذون صورا فوتوغرافية للذكرى
أطفالهم يتشاجرون
الضيفة تبدي ازدراءها من طفلهم المشاكس
وصاحبة البيت تتوعده بضرب مبرح بعد قليل.
لا يغرقون أبدا…
صبية من الشارع الخلفي تفتح خزانتها
تفكر ماذا سترتدي غدا في الجامعة؟
تصنع فوضى… تطوف الصدف على بيتها
لا تعجبها كل خزانتها
تصرخ على أمها: «ثيابي لا تكفيني
الأيام كثيرة وأنا لي فقط مئة معطف»
جارها العجوز يسمعها
يقول لنفسه في أيامنا كنا نرتدي معطفا
ورثناه من ثلاثة أجيال،
جيل مسرف في الحياة»
في آخر بيت من الحي السوري تحت إيجه،
شاب اشترى زجاجة نبيذ
يخفيها عن أمه
يذهب للسطح
في زاوية الحظ العاثر
يدعو نفسه لحفلة شواء
يضع كأسين من النبيذ على طاولته
ليقول لنفسه: «لستُ وحيدا»
يعدّ رفاقه
يثمل نخب الغياب
يحلم بأن ترجع الحياة للوراء
بضعة أعوامٍ
يخلع عنه نفسه
يلبس رجلا آخر
لم يعد يعرف أي الرجال هو
أهو الذي يثمل الآن
أم هو ذاك الجالس في الغياب؟
يشرب نخب الأمواج
ويبصق على كل بحار العالم.
٭ شاعرة سورية