من هم الأعراب

من هم الأعراب

بواسطة:
محمد شودب
– آخر تحديث:
٠٨:٣٩ ، ٢٨ مارس ٢٠١٩
من هم الأعراب

‘);
}

الأعراب

يمكنُ تعريف الأعراب على أنّهم قوم سكنوا البوادي والبراري في بلاد العرب في العصور السابقة، وهم قوم يسكنون حيث توجد منابع الماء الكلأ، وقيلَ في تعريفهم أنّهم سكان البوادي بالأصالة، وقد وردَ ذكرُ الأعراب في الكتاب السَّنة كثيرًا، وجدير بالذكر أنّهم قوم اشتهروا بالفصاحة والبلاغة، فكانَ العرب يرسلون أولادهم للبوادي ليتعلموا الفصاحة من لغة الأعراب القدامى، وهذا المقال مخصّص للحديث عن الأعراب بشكلٍ تفصيليّ وسبب وصف القرآن الكريم لهم بأنّهم أشدّ كفرًا ونفاقًا.

أسوأ صفة في الأعراب

اشتُهرَ الأعراب منذ القدم بأنّهم قوم في طبعهم غلظة وجفاء، وأنّهم أكثر الناس كفرًا ونفاقًا، فلم تُعرَفْ عنهم الأمانة ولا المروءة ولا اللين، وقدَ وردتْ قصصٌ كثيرةٌ تبيّن هذه الصفة السيئة التي حملها الأعراب في تلك الأيام، ولعلَّ أبرز هذه القصص هي القصة التي جاءت في صحيح الإمام مسلم، والتي رواها أنس بن مالك -رضي الله عنه- حيث قال: “كنتُ أمشي مع رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، وعليه رِداءٌ نَجرانيٌّ غليظُ الحاشيةِ، فأدركه أعرابيٌّ، فجبَذَه برِدائِه جبْذةً شديدةً، نظرتُ إلى صفحةِ عُنُقِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- وقد أثَّرتْ بها حاشيةُ الرِّداءِ، من شدِّةِ جبْذَتِهِ، ثم قال: يا محمّدُ! مُرْ لي من مالِ اللهِ الذي عندك، فالتفتَ إليه رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فضحِكَ، ثم أمر له بعَطاءٍ، وفي حديثِ عكرمةَ بنِ عمارٍ من الزِّيادةِ، قال: ثم جبذَهُ إليه جبْذَةً، رجع نبيُّ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- في نحرِ الأعرابيِّ، وفي حديث همامٍ: فجاذَبَه حتى انشقَّ البُرْدُ، وحتى بقيتْ حاشيتُه في عُنُقِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-” [١]، وقد وردَ عن النَّبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- قولُهُ عن سكّان البادية: ” منْ سكنَ الباديةَ جَفَا، و مَنْ اتبعَ الصيدَ غفلَ، و منْ أتَى السلطانَ افتتنَ” [٢] [٣].

‘);
}

مواضع ذكر الأعراب في القرآن والسنة

وردَ ذكر الأعراب في القرآن الكريم بشكل متكرر، ووردَ ذكرهم في السنة النبوية الشريفة، مع اختلاف المعنى المُراد من ذكرهم في كلِّ مرّة، ومن مواضع ذكرِهم في القرآن الكريم ما يأتي:

  • ووردَ ذكرهم في قولِ تعالى: “قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” [٤] [٥].
  • ووردَ ذكر الأعراب في كتاب الله عزَ وجل في سورة الفتح أيضًا، في قولِه تعالى: “سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ۚ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ۚ بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا” [٦] [٧].
  • وردَ ذكرهم في قولِهِ تعالى: “وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” [٨].
  • وردَ ذكر الأعراب أيضًا في قولِ الله تعالى: “الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ ۚ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ ۚ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” [٩] [١٠].

وقد وردَ ذكر الأعراب في السنة النبوية عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في كثير من الأحاديث، من هذه الأحاديث التي حملت ذكر الأعراب:

  • وردَ عن النَّبي -عليه الصّلاة السّلام- فيما رواه عبد الله بن سنان المزني، أنَّ رسول الله قال: “لا تَغلِبَنَّكُمُ الأعْرابُ علَى اسمِ صلاتِكُمُ المغْرِبِ، قال: وتقولُ الأعْرابُ: هي العِشاءُ” [١١] [١٢].
  • ووردَ ذكرهم أيضًا في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: “أنَّ رجلًا من الأعرابِ لقِيَه بطريقِ مكةَ، فسلَّم عليه عبدُ اللهِ، وحمله على حمارٍ كان يركبُه، وأعطاه عمامةً كانت على رأسِه، فقال ابنُ دينارٍ: فقلنا له: أصلحَك اللهُ! إنهم الأعرابُ وإنهم يرضَون باليسيرِ، فقال عبدُ اللهِ: إنَّ أبا هذا كان وُدًّا لعمرَ بنِ الخطابِ، وإني سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول: إنَّ أبَرَّ البِرِّ صلةُ الولدِ أهلَ وُدِّ أبيه” [١٣] [١٤].
  • ووردَ ذكر الأعراب في سنة رسول الله أيضًا، في الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- حين قال: “أنَّ رجلًا من الأعرابِ جاء إلى النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- وهو جالسٌ فقال: يا رسولَ اللهِ، اقض بكتابِ اللهِ، فقام خصمُه فقال: صَدَقَ، اقضِ لهُ يا رسولَ اللهِ بكتابِ اللهِ، إنَّ ابني كان عسيفًا على هذا فزنى بامرأتِه، فأخبروني أنَّ على ابني الرجمُ، فافتديتُ بمائةٍ من الغنمِ ووليدةٍ، ثم سألتُ أهلَ العلمِ، فزعموا أنَّ ما على ابني جلدُ مائةٍ وتغريبُ عامٍ، فقال رسول الله -صلّى الله عليهِ وسلّم-: والذي نفسي بيدهِ، لأقضينَّ بينكما بكتاب اللهِ، أما الغنمُ والوليدةُ فردٌّ عليك، وعلى ابنِكَ جلدُ مائةٍ وتغريبُ عامٍ، وأما أنت يا أُنيسُ، فاغدُ على امرأةِ هذا فارجُمها، فغدا أُنيسٌ فرجمَها” [١٥] [١٦].

تفسير آية الأعراب أشد كفرا ونفاقا

قال تعالى في سورة التوبة: “الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” [١٧]، وفيما يتعلّق بشرح وتفسير هذه الآية الكريمة، فإنّ الله تعالى يصف الأعراب بأنَّهم أشدُّ جحودًا بالله وأشدُّ نفاقًا من الأقوام الأخرى، والمقصود بالأقوام الأخرى هم أهل الحضر في الأمصار والقُرى، وترجع هذه القسوة إلى شدّة جفائهم وغلظتهم التي وردتْ عنها قصصٌ كثيرة في الكتاب والسّنة، وقد دفعهتم غلظتهم إلى قلّةِ المعرفة بالخير والعلم بحقوق الله العلي العظيم، وقد قال أبو جعفر في تفسير هذه الآية الكريمة: “يقول تعالى ذكره: الأعراب أشدُّ جحودًا لتوحيد الله، وأشدّ نفاقًا، من أهل الحضر في القرى والأمصار، وإنما وصفهم جل ثناؤه بذلك، لجفائهم، وقسوة قلوبهم، وقلة مشاهدتهم لأهل الخير، فهم لذلك أقسى قلوبًا، وأقلُّ علمًا بحقوق الله” [١٨].

المراجع[+]

  1. الراوي: أنس بن مالك، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1057، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  2. الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: السيوطي، المصدر: الجامع الصغير، الصفحة أو الرقم: 8734، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  3. مواقف جفوية عن جفاء الأعراب, ، “www.islamweb.net”، اطُّلِع عليه بتاريخ 10-11-2018، بتصرُّف
  4. {الحجرات: الآية 14}
  5. تفسير الطبري: سورة الحجرات, ، “www.quran.ksu.edu.sa”، اطُّلِع عليه بتاريخ 10-11-2018، بتصرُّف
  6. {الفتح: الآية 11}
  7. تفسير الطبري, : سورة الفتح، “www.islamweb.net”، اطُّلِع عليه بتاريخ 10-11-2018، بتصرُّف
  8. {التوبة: الآية 90}
  9. {التوبة: الآية 97-98-99}
  10. تفسير قوله تعالى: “وَمِنْ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ”, ، “www.islamqa.info”، اطُّلِع عليه بتاريخ 10-11-2018، بتصرُّف
  11. الراوي: عبدالله بن سنان المزني، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 563، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  12. مواقيت الصلاة, ، “www.islamweb.net”، اطُّلِع عليه بتاريخ 10-11-2018، بتصرُّف
  13. الراوي: عبدالله بن عمر، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2552، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  14. باب فضل بر أصدقاء الأب, ، “www.kalemtayeb.com”، اطُّلِع عليه بتاريخ 10-11-2018، بتصرُّف
  15. الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6835، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  16. حصون العفيفات, ، “www.saaid.net”، اطُّلِع عليه بتاريخ 10-11-2018، بتصرُّف
  17. {التوبة: الآية 97}
  18. تفسير سورة التوبة, ، “www.quran.ksu.edu.sa”، اطُّلِع عليه بتاريخ 10-11-2018، بتصرُّف
Source: sotor.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *