الشاعرة المصرية حنان شاهين: الكتابة بالنسبة لي مشروع حياة ولا أعول على الجوائز
[wpcc-script type=”694d5de780785d67e4da1840-text/javascript”]

حنان شاهين شاعرة وروائية مصرية، تخرجت في كلية دار العلوم في القاهرة، نشرت قصائدها في العديد من الصحف المصرية والعربية، إضافة إلى ترجمتها إلى عدة لغات أوروبية. صدر لها شعرًا «باب الرضا»، «أبين زين»، «باليرينا» ــ حاز جائزة المسابقة المركزية في الهيئة العامة لقصور الثقافة 2018 ــ «باب خلفي للسما»، رواية «نصف حياة» 2013، ولها تحت الطبع رواية «حين تصعد مريم». حول تجربتها الإبداعية كان معها هذا اللقاء:
■ كيف بدأت رحلتك مع الكتابة؟ وما أهم ملامح تلك البدايات؟
□ لا اتذكر على وجـــه الدقة متى بدأت الكتابة، فقد كان عندي ميل للكتابة ربما قبل أن اتعـــلم حروف الهجاء، ولا يمكنني أن أســمي ما كنت أرتجلــه في البـــداية من كلمات بسيطة شعرًا، بقدر ما كان شعورًا بسيطًا أحاول من خلاله التعبير عمـــا في داخلــي، خصوصًا أني ولدت ونشات في قرية صغيرة في شمال الدلتا، حيث تفتحت روحي على مفردات الجمال والسماء الصافية، شكلت هذه الطبيعــة الخلابة نفسي، وأثرت فيَّ، وما زال هذا التأثير مستمرًا وواضحًا في بعض كتاباتي.
■ شاركت في العــــديد من الفعالـــــيات الثقافية – مصريا وعربيا – ما أثر مشاركتك فيها على تجربتك الإبداعية؟
□ من خلال هذه المشاركات تعرفت على تجارب إبداعية وثقافات مختلفة، ساهمت في تعميق رؤيتي للحياة بشكل عام وللإبداع بشكل خاص، والانفتاح على عوالم جديدة، حيث كانت بداية هذه الجولات في المملكة المغربية، ومن هناك كانت الانطلاقة الثانية إلى إسبانيا، التي اعتبرها تجربة في غاية الثراء، فأنت حين تسمع أو تقرأ عن بلد ليس كما تشاهده بعينيك، هناك تواصلت مع العديد من الأصدقاء من مختلف الدول الأوروبية وأمريكا الجنوبية وكندا، ثم كانت الانطلاقة الثانية لي في باريس. بالطبع كل هذا أثر فيَّ على المستويين الإبداعي والإنساني وانعكس هذا التأثير على شكل القصيدة، فشعرت بأنني صرت أميل إلى الخروج من الذات الضيقة إلى آفاق كونية أكثر رحابة.
■ وماذا عن مساهمتك في إقامة صالون أحمد ماضي الثقافي؟
□ كانت مشاركتي في إقامة صالون القرضا الثقافي من أهم الأحداث التي أثرت في مسيرتي الإبداعية والإنسانية، فمن خلال هذا الصرح الثقافي ومسيرته الطويلة، وسجله الحافل، كان انفتاحي على الوسط الأدبي في مصر والعالم العربي، هذا الصالون الذي حفل سجله على مدار سنواته التسع عشرة، ربما لا أبالغ إن قلت بآلاف من المبدعين شيوخًا وشبابًا، فاستضاف أحمد عفيفي مطر، حجازي، حسن طلب، نجم، الفنانة سهير المرشدي، أمين الديب، عزت الطيري، يسري العزب، ومن الشباب حاتم الأطير، محمد المتيم، أحمد جمال مدني، سلمى فايد، محمد هشام، وعمرو عامر وغيرهم من المئات التي لا يتسع المقام لذكرهم، ولا تسعفني الذاكرة، وعلى رأسهم شيخ الشعراء الذي يعد عمادًا من أعمدة الصالون محمد الشهاوي، هذا الصالون الذى أسسه الروائي أحمد ماضي، وظل حريصًا على إقامته كل شهر في منزله بالقرضا وأحيانًا في القاهرة، ليتخطى بتأثيره حدود المكان ويستضيف شعراء من مختلف الدول العربية، من سوريا والجزائر والمغرب واليمن وليبيا وتونس والإمارات العربية، فكان بحق حضنًا كبيرًا لكل صاحب إبداع، ومما يتوجب عليَّ ذكره أن هذا الصالون تميز باستمراريته طوال تلك السنوات، وأنه لم يكن بدعوات خاصة، فكان بابه مفتوحًا لكل صاحب إبداع، كما أنه يتميز بأنه يقام في البيت وليس قاعة مستأجرة، ما أكسبه بعض الدفء والحميمية وجعله يترك أثرًا طيبًا في نفوس رواده.
■ ترجمت بعض نصوصك إلى الفرنسية والإسبانية، وهذا يجعلنا نسأل عن أثر حركة الترجمة على الإبداع بشكل عام؟ وهل استطاعت الترجمة أن تصل بأفكارك ورؤاك إلى الآخر؟
□ ترجمت بعض قصائدي للإسبانية، وطبعت في ثلاثة كتب مشتركة مع مجموعة من مختلف الدول الأجنبية، كما ترجمت كلاريسا برت بعض القصائد للإنكليزية، وقررت بعضا منها على طلبتها في الأكاديمية البحرية في مدينة أنابوليس في ولاية ميرلاند الأمريكية، كما ضمنت قصيدتي نبوءة إحدى مؤلفاتها عن زرقاء اليمامة في الشعر العربي، كذلك ترجم محمد العريبي أستاذ الفلسفة في جامعة بيروت ديواني «باب خلفي للسما» كاملًا إلى اللغة الفرنسية، ودرّس إحدى قصائدي لطلبة الصف لديه وهي قصيدة «كون» التي تتناول فرضيات الحياة بعد الموت، فاجأني في ترجمة نصوصي، أنه لا فرق في كون النص المترجم فصيحًا أو باللهجة الدارجة، وأن ما يبقى من أي نص هو الروح والأفكار والصور، أما جماليات اللغة فتعود إلى مهارة المترجم وقد كنت محظوظة جدًا، بأن أساتذة كبارًا مثل كلاريسا برت ومحمد العريبي تحمسوا لترجمة أعمالي متطوعين إيمانًا منهم أن فيها ما يستحق أن يقرأه الآخر بلغته.
■ بدأت روائية بروايتك «نصف حياة»، ثم اتجهت للشعر، كيف تستطيعين الموازنة بين تجربتيك الشعرية والروائية؟
□ في البدء كان الشعر ثم بعد ذلك جاءت الرواية في مرحلة متأخرة، فقد كتبت رواية «نصف حياة» عام 2011 ثم رواية «حين تصعد مريم» 2013، ولكن لم تطبع حتى الآن، أما بخصوص الموازنة بين كتابة الشعر والرواية، فلا أجد تعارضًا بينهما، الشعر حالة مختلفة ربما تختطفك القصيدة بين الفينة والأخرى، ربما وأنت تمشي في الشارع، ربما أيقظتك الفكرة من نومك، وبعض الشعراء إن لم يكن معظمهم على هذه الحال، أما الرواية فلك فيها متسع كبير من الوقت.
■ حاز ديوانك «باليرينا» جائزة مسابقة قصور الثقافة 2018، فما تأثير الجائزة على المبدع؟
□ الحقيقة أن خبر فوزي جاء مفاجأة لي لأني لم أكن على علم بتقديم ديواني للمسابقة المركزية لهيئة قصور الثقافة، لأن من قام بتقديمه كان زوجي الروائي أحمد ماضي، ولم يخبرني مسبقًا بما انتوى، لأنه يعلم مدي عزوفي عن التقديم في أي مسابقة، وحين علمت بالخبر من أحد الأصدقاء دهشت جدًا ولكن لم أُخفِ سعادتي من تصرف زوجي، الذي لم يكن له مبرر سوى إيمانه بما أكتب، وحرصه على مؤازرتي أدبيًا وإنسانيًا، أما عن تأثير الجوائز على المبدع فهي تختلف من مبدع لآخر، وبالنسبة لي فأنا لا أعول كثيرًا عليها لأنها في بعض الأحيان تربك الكاتب، خاصة لو كان يكتب وعينه على الجوائز وآليات وتقنيات السرد التي من شأنها أن تضمن له الفوز، ولكن رغم هذا لا أنكر أنها قد تكون حافزًا، أو مؤشرًا للتحقق والنجاح، خصوصًا لو كانت جائزة عالمية كبرى تخلو من الحسابات الخاصة.
■ ثلاث مجموعات شعرية ورواية حتى الآن، أين النقد من تجربتك الإبداعية؟
□ النقد هو الحاضر الغائب في تجربتي الشعرية، فقد نوقش ديوان «أبين زين» لمرة واحدة بقلم حسام عقل ومختار عيسى، ثم كتب عن بعض القصائد في ديوان «باب خلفي للسما» محمد الدسوقي، ثم شاهر خضرة وهو شاعر سوري يعيش في ألمانيا، هذا ما أتذكره من حصيلة القراءات النقدية، لكن لم يتم رصد التجربة بشكل كلي، إلا أن الناقد محمد رمصيص وعد مؤخرًا بتخصيص كتاب يتناول فيه تجربتي الشعرية بشكل مستفيض بعدما قرأ ديواني الأخير «باب خلفي للسما» الذي يشتبك في كثير من قصائده مع قضايا فلسفية وأسئلة وجودية وهذا ما ذكر أنه استرعى حسه النقدي للكتابة.
■ ما الجديد لديك خلال الفترة المقبلة؟
□ أعمل الآن على تجميع ديواني الرابع «صوت كمنجة» وتقديمه لإحدى المؤسسات الثقافية التابعة لوزارة الثقافة، ولا شيء لديّ سوى الشعر ثم الشعر ثم الرواية، فالكتابة بالنسبة لي هي مشروع حياة بها أحيا وعليها أموت.