الروائي المصري منير عتيبة: المبدع الحقيقي لا يكتب من أجل جائزة

أديب وكاتب سيناريو ورئيس وعضو العديد من المنتديات التي تهتم بالشأن الثقافي في مصر.. له في كل جنس أدبي جولة.. أصدر ثلاث روايات وثماني مجموعات قصصية، منها متواليتان قصصيتان، وخمسة كتب في الدراسات والنقد، وسلسلة كتب للأطفال بعنوان «نوجا في المعمل» ستصدر عن دار المعارف هذا العام أيضا. عن سيرته الدبية كان الحوار التالي: ■ […]

الروائي المصري منير عتيبة: المبدع الحقيقي لا يكتب من أجل جائزة

[wpcc-script type=”de35baf060bb934b384fba72-text/javascript”]

أديب وكاتب سيناريو ورئيس وعضو العديد من المنتديات التي تهتم بالشأن الثقافي في مصر.. له في كل جنس أدبي جولة.. أصدر ثلاث روايات وثماني مجموعات قصصية، منها متواليتان قصصيتان، وخمسة كتب في الدراسات والنقد، وسلسلة كتب للأطفال بعنوان «نوجا في المعمل» ستصدر عن دار المعارف هذا العام أيضا. عن سيرته الدبية كان الحوار التالي:

■ كيف بدات العلاقة مع الكتابة؟
□ البداية الحقيقية كانت مع القراءة، لم يكن في بيتنا مكتبة، ولم يكن في عائلتي قارئ سوى أبي، الذى كان يقرأ القرآن، كنت أعيش في قرية لا تصلها الصحف ولا الكتب، لكنني مشغوف بالقراءة، فأقرأ كتب النصوص والتاريخ والقص المقررة على السنوات الدراسية الأكبر مني، عندما تقرأ تحب أن تكتب، ثم تجرب الكتابة، ثم تجرب أشكالا مختلفة من الكتابة حتى تجد نفسك في أحدها أو بعضها، فتستمر.
■ حتى مطلع الألفية الجديدة لم يكن مصطلح السرد شائعا.. فكانت القصة وكانت الرواية.. هل دمج المصطلحين على أنهما سرد يصب في صالح الإنتاج والمنتج؟ أم أنها أحدثت خلخلة وأثرت على أهمية القصة أمام الرواية؟
□ السرد أعطى غنى كبيرًا، إذ وسّع الأفق أمام الكاتب والقارئ معا، فلم يعد الإنتاج قاصرا على شكل أدبي بعينه، فوجدنا القصة القصيرة جدا، والقصة الومضة، وبدأنا نتعامل مع النص السردي المفتوح العصي على التجنيس، والتعامل مع بعض الأشكال الدرامية، بصفتها سردا كالمسرح والسيناريو والدراما الإذاعية.
■ في عالم القصص التي تكتبها ثمة جنوح إلى الواقعية مثلما في عالمك الروائي ثم جنوح نحو الفلسفة كما يشير البعض.. هل هناك تأثير الواقع على القص وتأثير المخيلة على الرواية؟ أم أنك كما صرحت تعيش زمن السرد بكل أنواعه؟
□ كتبت روايتي الأولى «حكايات آل الغنيمي» في إطار واقعي إلى حد كبير، لكن معظم أعمالي تتعامل مع واقعية مفارقة، فأعتقد أن الواقعية في قصصي ليست هي واقعية ما نراه ونسمعه ونعيشه فقط، لكنها واقعية تؤمن بوجود عوالم أخرى متوازية وماورائية ليــــس على سبيل التخــــيل، ولكن على سبيل اليقين، ومن هنا تصبح للشجــرة شخصية في إحدى قصصي، وتصبح النداهة أو جنية الماء فتاة مسكينة تحتاج إلى المساعدة، ويصبح الرواة في القصص متعددون حتى إن الراوي أحيانا يكون ميتا أصلا ويروى قصته من داخل قبره وهكذا.
■ يعاب على الكثيرين التنقل بين الأجناس الأدبية، أي أن الروائي لا تجوز له الكتابة الشعرية والعكس صحيح، فكيف وأن هناك تنوعا كتابيا لديك؟ هل يعد ما يعتقده البعض حقيقة تؤثر على النتاج الإبداعي؟ أم أن الأمر يعد مثلبة على قائليها لأنهم لا يدركون الكتابة المتنوعة؟
□ لا أظن أنه يمكن أو يجب وضع قاعدة، البعض ينتج جيدا جدا في أشكال كثيرة، والبعض ينتج أعمالا متوسطة مع التخصص، والعكس صحيح أصلا، الأمر يخص الكاتب بالأساس، وبدلا من أن نقول له أكتب كذا أو في المجال الفلاني، نقيم ما يكتبه فقط.

هناك معضلة في الكتابة للطفل، فالمتلقي وهو الطفل لا ينتج العمل، لكن ينتجه شخص تجاوز تلك المرحلة، وجل ما أحاوله أن أستعيد روح طفولتي، أن أعود طفلا وأنا أكتب للأطفال.

■ كيف تقيم الأدب الذي تزامن والربيع العربي؟
□ أعتقد أن كل كتابة مفيدة، بصرف النظر عن مستواها الأدبي، على الأقل قد تفيد الباحث الاجتماعي أو الأنثــــروبولوجي أو المـــؤرخ، فلست ضد أن يكتب الجميع، والزمن سيغربل، ولا تظن أن ما سيبقى هو ما سنحكم عليه الآن بأن الأفضل، ولك في شكسبير مثل واضح، فلم يكن الأفضل في زمنه، ونجيب محفوظ عندما سئل ماذا يتبقى من الثلاثية؟ أجاب: يتبقى ما يفيد الباحث الاجتماعي.
■ هذا يقودنا إلى سؤال.. النقد ومسؤوليته والنقاد الحقيقيون وتأخرهم، أو غيابهم جعل النقد والنقاد الجدد يميلون إلى الأمزجة والعلاقات؟
□ الإبداع شخصي، والنقد إبداع على الإبداع، ورغم كل القواعد فإن الجانب الشخصي لا يمكن إغفاله، كان دائما موجودا، وليس وليد عصرنا، ستجد دائما من يجامل بلا وجه حق، ومن ينتقد بلا وجه حق، لكنك ستجد من يكتبون بتجرد ومحبة، لا أميل إلى التشاؤم لأنني لا أؤمن بأن الماضي كان أفضل والحاضر أسوأ، لكن علينا أن نرى نقاط الضعف والقوة، ونقلل من الأولى ونزيد الثانية، لعل المقبل يكون الأجمل.
■ ألا تعتقد أن الكتابة عن الطفل بعقل الكبير وعينه لم نصل فيها إلى عملية نشر ثقافة الطفل لوجود هذه الهوة بين التفكيرين؟
□ هناك معضلة في الكتابة للطفل، فالمتلقي وهو الطفل لا ينتج العمل، لكن ينتجه شخص تجاوز تلك المرحلة، وجل ما أحاوله أن أستعيد روح طفولتي، أن أعود طفلا وأنا أكتب للأطفال، مع التأكيد على أن الأطفال الآن أكثر نضجا مما كنا عليه، ونحن في أعمارهم وإن لم نكن نعترف بذلك.
■ في القرن الماضي ومع غياب كل وسائل الاتصال كان المبدع في المشرق العربي يصل صوته إلى المغرب والعكس صحيح، وكانت مصر تعد مركز الانطلاق.. ما هي الأسباب التي جعلت مثل هذا لا يتوفر مع كل الثورة التقنية في العالم؟
□ ربما الكم الكبير من الإنتاج جعل البعض لا يعرفون حتى الكثير عن موطنهم نفسه ومن فيه من مبدعين، لذلك لابد أن توضع هذه القضية نصب الأعين، وأن يتم التعامل معها بشكل مؤسساتي، لأن تجمع وتعارف المبدعين أو العكس يقدم صورة لما عليه الأمة ذاتها.
■ من يحاورك لابد أن يمر على مختبر السرديات.. ما هي أسباب الديمومة.. وهل تخاف عليه من التوقف؟
□ استمرار مختبر السرديات في مكتبة الإسكندرية يمكن أن تكون وراءه أسباب عديدة منها اهتمام إدارة المكتبة بالمختبر، وجمهور المختبر والإسكندرية بما لديه من وعي وقدرة إيجابية على التفاعل، والمبدعون والنقاد الذين يتعاونون مع المختبر. نعمل في المختبر من أجل الأفضل، ولا نصادر على المستقبل فهو في علم الله.
■ قلت إن الجوائز ليست دافعاً للإبداع والتفكير بالأساس لعبة ولكنك فزت في العديد منها.. فكيف التوصيف بين أنها لعبة والسعي للفوز؟
□ لا أرى تعارضًا، فالمبدع لا يكتب بداية من أجل جائزة أو من أجل شخص وإلا خرج إبداعه ناقصًا بلا روح، المبدع يكتب لأنه لا مفر له من الكتابة، كما قال ماركيز: إذا كنت تستطيع فعل شيء آخر فلا تكتب، الكتابة هي البديل الأساس للتواصل مع العالم وفهمه، وهي لعبة بالمعنى الإيجابي، فيها الحماس والغموض والمكسب والخسارة والإثارة وعدم ضمان النتيجة النهائية، أما الجوائز فهي أمر جيد يسعى إليه المبدع ليحصل على تقدير يستحقه، او انتشار يريده، أو مال يعينه على تكاليف الحياة، وكلها أهداف مشروعة.

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *