من منا لم يتذكر موقف منذ صغره شعر بالظلم لأنه لم يحصل على شئ مثل باقي إخوته؟ بالتأكيد يوجد لدي الكثيرين هذه الذكريات التي تحوي مواقف ظلموا فيها و البعض للأسف كان يظلم من أبويه أو من أحد أفراد الأسرة , و الأسوأ من ذلك أن الأسرة التي ظلمت أحد أطفالها في شئ معين من الممكن أن تكون معتقده أنها كانت تعدل بين أبنائها و لكن الذي نوضحه اليوم مهم جدا لكل أسرة و لكل أبوين , فليس دائما يكون العدل مساواة.
هل العدل = المساواة؟
المساواة أن تعطي كل طفل من أولادك مثلا ثمرة تفاح واحدة و لكن العدل أن تختار للطفل الكبير تفاحة كبيرة لأن معدته أكبر من باقي الأخواه , فلابد من العدل بين الأطفال و بالتأكيد تختلف المواقف , فمثلا لو أحد الأبناء دخل الجامعة و الأخر مازال في المرحلة الإعدادية , فلو أراد الأب أن يساوي بينهم سيعطي كل منهم نفس المصروف الشهري , لكن هذا ليس عدل لأن الأول يحتاج لمبلغ أكبر حتى يستطيع أن يكفي معظم إحتياجاته و التي هي بالتأكيد أكثر من إحتياجات الأخ الذي في المرحلة الإعدادية , فالعدل أن تعطي كل منهم الذي يكفيه ليعيش في مستوى معين , و هذا لا يعني أن نعطي الأول مثلا أربعة أضعاف مصروف الأخ الثاني بل نحدد المستوى الذي نريد لهما أن يكونا عليه طوال الشهر و نعطي كل منهم ما يناسب مصروفاته و إحتياجاته.
المساواة في الظلم ……
قديما قالوا إن المساواة في الظلم عدل , لكننا سنصحح هذا فالظلم ظلم و حتى إن ساوينا بين أبناءنا في ظلمهم فهو مازال ظلم , و بالتالي نقول إن المساواة في الظلم ظلم , فعلى الوالدين عدم الوصول لهذا مع أطفالهم و عليهم بذل أقصى جهد للعدل بينهم في كل شئ حتى في الإبتسامة أو الكلمة الطيبة أو الحضن و القبلة , و هذا سيقلل الغيرة بينهم و الحقد , فكثيرا نسمع شكاوى من الأبوين عن الغيرة بين الأبناء و نقول لهم أنتم بيدكم القضاء على هذه الغيرة في المهد من خلال العدل بين الأبناء و ليس فقط المساواة , فالمساواة كما ذكرنا ليست عدل.
الفائدة التربوية من العدل:
و العدل لا شك له فوائد عديدة أولها راحة الأولاد و صحتهم النفسية المستقرة , فبالتأكيد الظلم ينشئ أطفال غير مستقريين نفسيا , و ثانيا راحة ضمير المربي فالأب أو الأم يشعرون براحة الضمير و السلام الداخلي بعد أن يعاملوا أولادهم بالعدل , أما الفائدة الغير مباشرة للتعامل مع الأطفال بالعدل هي تعليمهم العدل , فالوالدين قدوة و ما يفعلوه الآن سيفعله أطفالهم غدا , فلو رأي الأطفال والديهم يعاملوهم بالعدل سيتعلموه من سلوك الوالدين و لن يتعب الأباء و الأمهات في تعليم أطفالهم العدل , فتصرف الوالدين بعدل أمام الأبناء أبلغ من ألف خطبة عن العدل , فالوالدين – رضوا أم لا – قدوة لأطفالهم و هم يقلدوا كل ما يفعلوه أمامهم.
و أخيرا أدعوا كل رب و ربة أسرة أن يتعاملوا بالعدل و لا يركزوا فقط على المساواة , فالمساواة في بعض الأحيان لا تعني العدل أبدا , و تذكروا أن ما تعلموه لأطفالكم يكون في ميزانكم طوال عمرهم , فلو عاملتوهم بالعدل و تعاملوا هم طوال عمرهم بالعدل سيوضع ذلك في ميزان حسناتكم و العكس أيضا صحيح أليس كذلك؟ , نتمنى أن تكونوا استفدتم من هذه النصائح و للمزيد تابعونا في قسم تربية الأبناء , و نسعد دائما بمشاركتكم تجاربكم و أسئلتكم و أيضا تعليقاتكم.