‘);
}

البيعة

اختُصّت الحضارة الإسلاميّة بنظام البيعة؛ فلم تكن الحضارات السابقة تعلم بنظام البيعة أبداً، والبيعة تتعلّق بالطّاعة والولاء للحاكم؛ إلا أنّها تدلّ أيضاً على إشراك الرعيّة في الأمور السياسيّة وعدم حصرها في كبار شّخصيات الدّولة، وذلك من مظاهر التقدّم في التاريخ الإسلاميّ، والبيعة في الشّرع هي العهد لوليّ الأمر والرّاعي للمسلمين من قِبَل رعيته بطاعته وامتثال أوامره فيما يرضي الله تعالى، وإعطائه الحقّ في سياستهم وتطبيق شرع الله -تعالى- فيهم فيما يتعلّق بأمور الدّين والدّنيا على أكمل وجه، وليس في البيعة تفريق بين الرجل والمرأة، أو بين الكبير والصغير؛ لحرص الإسلام على بثّ روح المسؤوليّة في نفوس جميع المسلمين، وإشعارهم بأهميّة التشاركيّة لتحقيق الخير للمجتمع والأمّة.[١]

اهتمّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- منذ بداية الدّعوة الإسلاميّة بتأكيد مبدأ البيعة وترسيخه في الإسلام وفي نفوس المسلمين، فبايع الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- صحابته -رضي الله عنهم- عدّة بيعات؛ منها: بيعة العقبة الأولى، وبيعة العقبة الثانية، وبيعة الرضوان، والبيعة تكون بالمصافحة أو بالكلام؛ وذلك بأن يتحادث طرفا البيعة في مقتضيات البيعة، ثمّ يتلفّظ الرعيّة بالعهد والبيعة والطّاعة لوليّ الأمر، ويُتبعون ذلك بالمصافحة، وبيعة النّساء كانت بالكلام وحده، فيتحدّث ولي الأمر في مقتضيات البيعة مع المبايعين ويتلفّظ المبايعون بالبيعة والطّاعة لوليّ الأمر دون المصافحة، وتكون المبايعة أيضاً بالمكاتبة إذا كان المُباع بعيداً عن وليّ الأمر، كالنجاشيّ عندما أرسل بيعته مكتوبةً إلى الرّسول صلّى الله عليه وسلّم.[٢]

ولا بدّ من توفّر شروط في البيعة حتى تتحقّق على الوجه الشرعيّ، وبيانها على النحو الآتي:[١]