‘);
}

إبراهيم عليه السلام

إنّ إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- يعدّ من الرسل الذين ابتعثهم الله -تعالى- ليُخرجوا الناس من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد والإيمان، واسمه إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن راغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام، وأمّه نونا بنت كرنبا من بني أرفخشد بن سام بن نوح، ومن الجدير بالذكر أنّ إبراهيم -عليه السلام- وُلد في بابل، التي كانت تُعدّ أرض الكلدانيين، وقد كان الكلدانييون يعبدون الأصنام، وكان كلّ أهل الأرض كافرين، إلّا إبراهيم وامرأته، وابن أخيه لوط، فبدأ إبراهيم دعوته إلى التوحيد بأبيه آزر، الذي كان مشركاً يعبد الأصنام، فدعاه إلى الله -تعالى- وتلطّف معه في الحوار، كما قال الله تعالى: (وَاذكُر فِي الكِتابِ إِبراهيمَ إِنَّهُ كانَ صِدّيقًا نَبِيًّا*إِذ قالَ لِأَبيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعبُدُ ما لا يَسمَعُ وَلا يُبصِرُ وَلا يُغني عَنكَ شَيئًا*يا أَبَتِ إِنّي قَد جاءَني مِنَ العِلمِ ما لَم يَأتِكَ فَاتَّبِعني أَهدِكَ صِراطًا سَوِيًّا)،[١] إلّا أنّ آزر رفض دعوة الحق، وأعرض عن نصيحة إبراهيم عليه السلام، وهدّده وتوعّده، كما قال الله تعالى: (قالَ أَراغِبٌ أَنتَ عَن آلِهَتي يا إِبراهيمُ لَئِن لَم تَنتَهِ لَأَرجُمَنَّكَ وَاهجُرني مَلِيًّا)،[٢] وبعد أن يأس إبراهيم -عليه السلام- من قومه هاجر هو وزوجته سارة إلى أرض الكنعانيين، وهي بلاد بيت المقدس.[٣]

أبناء إبراهيم عليه السلام

إسماعيل عليه السلام

رزق الله -تعالى- إبراهيم -عليه السلام- الولد بعد أن بلغ من العمر ستاً وثمانين عاماً، وذلك بعد أن وهبته زوجته سارة التي كانت عاقراً أمتها هاجر، فتزوّجها فحملت منه بإسماعيل عليه السلام، وولدته بالقرب من بيت المقدس، وبالتحديد في مدينة الخليل، وبعد أن شعرت سارة بحبّ إبراهيم -عليه السلام- لابنه إسماعيل -عليه السلام- غارت، ثمّ طلبت من إبراهيم أن يُسكن هاجر وإسماعيل في مكانٍ بعيدٍ عنها، فأوحى الله -تعالى- لإبراهيم -عليه السلام- بأن يلبّي طلب سارة، وأمره بأن يذهب بإسماعيل وأمّه إلى مكانٍ معينٍ، فسار إبراهيم -عليه السلام- بهاجر وإسماعيل عليه السلام، إلى أن وصل إلى وادٍ قاحلٍ لا ماء فيه، ولا زرعٍ، ولا شجرٍ، ولا ثمرٍ، ثمّ ترك لهما قليلاً من الطعام والماء، وقام ليعود أدراجه، فلحقت به زوجته هاجر، وهي تقول: (يا إبراهيم، لمن تتركنا؟ من يسقينا؟ من يطعمنا؟ من يحمينا؟)، تناديه وتكرّر النداء، وهو لا يلتفت إليها ولا يجيبها، فقالت له: (آلله أمرك بهذا يا إبراهيم؟)، فقال:(اللهم نعم)، فقالت: (إذاً لا يضيّعنا)، وهناك دعا إبراهيم -عليه السلام- ربّه عزّ وجلّ، كما قال الله تعالى: (رَبَّنا إِنّي أَسكَنتُ مِن ذُرِّيَّتي بِوادٍ غَيرِ ذي زَرعٍ عِندَ بَيتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقيمُوا الصَّلاةَ فَاجعَل أَفئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهوي إِلَيهِم وَارزُقهُم مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُم يَشكُرونَ)،[٤] وصدقت أم إسماعيل حين قالت إذاً لا يضيعنا، ففجّر الله لها ولولدها ماء زمزم، واستجاب لدعوة إبراهيم عليه السلام، فيسّر لهما الجراهمة الذين سكنوا حول ماء زمزم، وتأسّست مكة المكرمة، ثمّ كبر إسماعيل عليه السلام، وتعلّم العربية، ولمّا بلغ أشدّه اختبره الله تعالى، واختبر أبيه، حيث أمر الله -تعالى- إبراهيم عليه السلام بأن يذبح ابنه إسماعيل، فلمّا أخبره إبراهيم -عليه السلام- بالأمر، كان ردّه كما قال الله تعالى: (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)،[٥] فاستسلم إسماعيل -عليه السلام- لأمر الله تعالى، وطلب من أبيه أن يشدّد وثاقه، ويحدّ السكين، وأن تكون جبهته إلى الارض، حتى لا تقع عين أبيه عليه، فتأخذه الشفقة والرحمة دون تنفيذ أمر الله تعالى، ففعل إبراهيم -عليه السلام- ذلك، ولمّا عزم على ذبح ابنه فداه الله -تعالى- بذبحٍ عظيمٍ، ثمّ تزوّج إسماعيل -عليه السلام- بامرأتين من الجراهمة، فطلّق الأولى، وأمسك الثانية، فكان العرب من نسله.[٦]