‘);
}

معجزات الأنبياء ناقة صالح أنموذجاً

ميَّز الله سبحانه وتعالى كلَّ نبيٍّ من الأنبياء والرسل بمعجزةٍ خاصةٍ عن غيره من الأنبياء والرُّسل، وذلك حسب ما يقتضيه حال قومه – إيمانهم وكفرهم – وكذلك حسب ما تميَّز به النبيّ المبعوث إليهم، فإنّ معجزة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- التي تميَّز بها عن باقي الأنبياء والرسل هي القرآن الكريم ومن إعجاز القرآن أنّه جاء إلى قومٍ يشتهرون بالفصاحة والبلاغة، إلا أنهم عجزوا عن الإتيان بشيءٍ يُشبه كلام الله من حيث الإيجاز والبلاغة والمضمون، أما نبي الله موسى فمن أبرز معجزاته تكليم الله له في مواضع عدة، ومما تميَّز به عيسى عليه السلام من المعجزات إحياء الموتى بإذن الله وإشفاء المرضى بإذن الله، وكذلك الأمر مع باقي الأنبياء والرسل، أما سيدنا صالح -عليه السلام- فقد كانت معجزته التي امتاز بها عن باقي الأنبياء والرسل تلك الناقة التي طلبها منه قومه كدليلٍ على صدق نبوته وقد تحقق لهم ما طلبوا بشكلٍ تعجز العقول عن إدراكه، فما هي ناقة الله؟ وما هي قصتها مع قوم صالح عليه السلام؟ هذه الأمور وغيرها ستكون موضع بحث هذه المقالة بعد توفيق الله.

التعريف بناقة الله

ناقة الله هي الناقة التي طلبها قوم ثمود من نبيهم صالح -عليه السلام- ليصدقوه بما أتاهم به من النبوة، وأنه مرسلٌ من الله سبحانه وتعالى، حيث طلبوا منه آيةً كدليلٍ على صدقه وقد حدد قوم صالح نوع المعجزة بأنفسهم وصفتها، فقد طلبوا من نبيهم صالح -عليه السلام- أن يُخرج لهم من الجبل أو من الصخر ناقةً لونها أحمر عشراء، ثم تضع حملها وهم ينظرون إليها، كما أنها ترد الماء الذي كانوا يردون منه فتشرب منه وتغدو عليه وتروح، ثم تأتيهم بلبنٍ مثل ما شربت من الماء، فما كان من صالح -عليه السلام- إلا أن دعا الله ليرزقه تلك المعجزة حتى يُصدقه قومه ويؤمنوا به وبرسالته، ولما جاء أمر الله طلب سيدنا صالح من قومه أن يخرجوا إلى هضبة أو جهةٍ معينةٍ من الأرض ففعلوا كما طلب منهم، فإذا بتلك الهضبة تتمخض تماماً كما تتمخض الحامل، ثم انفرجت بأمر الله فخرجت الناقة من وسطها، فقال لهم نبي الله صالح -عليه السلام – إن هذه هي الناقة التي طلبتموها كآية فاتركوها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء، قال تعالى: (قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآَيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ * فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)،[١] وقد كانت تلك الناقة مُعجزةً بجميع تفاصيلها؛ نشأتها، وطبيعتها ومشربها، ولبنها، فقد كانت تشرب يوماً من ماء قوم ثمود وتترك لهم شرب يوم، وكانت في يوم شربها من الماء تُعطيهم لبناً يكفيهم، حتى عقروها فعذبهم الله لفعلتهم تلك.[٢]