التشكيلي جان نوما كو يعرض «الفوضى الخلاّقة» في الرباط

«الفوضى الخلاقة»، هو عنوان المعرض الذي سيقيمه الفنان الفرنسي من جذور وأصول مغربية وهو كريم المسمى بـ(جان نوما كو)، في رواق ضفاف ابتداء من يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني إلى غاية 20 ديسمبر/كانون الأول 2019 في الرباط، حيث يعتبر هذا الفنان، حسبما جاء في كاتالوغ المعرض في كلمة للتشكيلي والناقد المغربي شفيق الزكاري: «بأنه مرتحل بين […]

التشكيلي جان نوما كو يعرض «الفوضى الخلاّقة» في الرباط

[wpcc-script type=”2f359d9ae6a0fe096190a318-text/javascript”]

«الفوضى الخلاقة»، هو عنوان المعرض الذي سيقيمه الفنان الفرنسي من جذور وأصول مغربية وهو كريم المسمى بـ(جان نوما كو)، في رواق ضفاف ابتداء من يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني إلى غاية 20 ديسمبر/كانون الأول 2019 في الرباط، حيث يعتبر هذا الفنان، حسبما جاء في كاتالوغ المعرض في كلمة للتشكيلي والناقد المغربي شفيق الزكاري: «بأنه مرتحل بين أرخبيلات ثقافات متعددة تغرف من الماضي والحاضر معا، لينتج عملا لا يمكن تفكيكه إلا بالأحاسيس النابعة من رؤية الزاهد والمتأمل في ملكوت الحرف أو الحركة.

إن تجربة الفنان جان نوما كو تشبه في طرحها إلى حد ما، فكرة الفنان التشكيلي الألماني جيرار ريشتر، التي يقول عنها «إنني أمتح من كل الأساليب والاتجاهات لأخلص إلى أسلوبي الخاص»، بمعنى أن التقاطعات بين التجربتين واردة مع اختلاف في معالجة الأسلوبين، غير أن الاختلاف الواسع يكمن في مرجعية كل واحد منهما، ويظهر هذا الاختلاف جليا في طريقة الممارسة والاشتغال، الذي تولد عند جان نوما كو، من رماد الفينق ومن لهيب النار الذي سرقه بروميثيوس في مملكة الألومب من هيفاستوس المكلف بالحدادة ومن إله الآلهة في الأساطير اليونانية زيوس.
ألوان بيكرومية (bichromie) تحولت إلى سند لتعدد الألوان بمشتقاتها وتدرجاتها اللامتناهية، بانسيابات تذروها الفرشاة وفعل الحركة الغنائية، لتلتحف بشطحات الأسود، كظل يحجب حرارة الألوان الساخنة، المنبعثة من خلفية شقوق الأشكال العمودية، التي خلفتها تعرية اللطخات السميكة والمتناثرة بطريقة حسابية لتأثيث التكوين الإجمالي للعمل.
هي تجربة، استقصت حيويتها من أسلوب تجريدي منفتح على فضاءات متعددة بعشوائية منتظمة، كما هو عليه شبه الحال عند الفنان الفرنسي (بيير سولاج)، لكن بخطوط مستقيمة أفقية وعمودية وأخرى مائلة بسمك رقيق تتوسطها دوائر بتكرارية متعمدة كأيقونات كلها تسبح في فلك غير محدود، لا في الزمان ولا في المكان، وكحجاب لباطن صوفي لا يبوح إلا بالأحاسيس، استنادا إلى مرآة (ابن عربي) التي توسل من خلالها لطرح مسألة مستعصية وهي «الحقيقة»، إذ قال في (تجلي المعية) «الإنسان نسخة جامعة للموجودات، وفيه من كل موجود حقيقة».
ولهذا تعتبر تجربة الفنان جان نوما كو، من تلك التجارب التي تبحث عن حقيقة هاربة متخفية في التضاريس الجمالية الممكنة، التي تساهم في الاقتراب من الحقيقة ومن قدرة الخالق وجمالية خلقه.
ما يميز تجربة هذا الفنان أيضا، هو ذلك التسلسل التصاعدي (Transcendal) في اتجاه متحول اتخذ من الحركة والشكل وسيلة انتقالية لأسلوب تنقيطي بواجهة شبه تشخيصية، بنفس احتفالي يقترب من الأسلوب الانطباعي، وكأنه مقطع من مقاطع موسيقى (نهاوند)، أو نسمة من الروائح والعطور المنبعثة من الحدائق الخيالية (هسبريس)، بضبابية وشفافية معا، تستدعيان المتلقي للبحث عن مكامن الجمال، بأسئلة مرجعية لها امتدادات وجودية. فإذا كانت هذه الازدواجية الإبداعية في مسيرة الفنان جان نوما كو، تدعو لإعادة النظر في تعدد الأساليب وتقاطعها في الأسلوب الواحد (Unique)، فإن حرية تمثل هذا الأسلوب، هي التي فرضت طبيعة اختيار الأشكال والألوان والأبعاد والظلال، بشكل يتجاوز حدود معرفة المبدع بذاته المبدعة، لتنتقل لفضاءات برزخية لا يمكن للذات أن تتحكم في دواليبها، لأنها متحررة من قيد وشرط المادة بهلامية بصرية مسيرة وليست مخيرة، وهذا ما يتجلى مرئيا في السفر بين أرخبيلات الأساليب، بحثا عن مصداقية منفلتة من بين ثنايا الفعل الإبداعي، وهذا ما أشرنا إليه في بداية هذا النص ووسمناه بـ«الفوضى الخلاقة»، بمعنى آخر، أن عمل الفنان يحتوي ويضمر «نظاما في اللانظام»، بجمالية يصعب القبض عليها لأول وهلة، أو الكتابة عنها بأريحية الضوابط الأكاديمية المتداولة، لتبقى هذه التجربة باحتمالاتها تدخل نطاق السهل الممتنع، نظرا لانسيابها كما ذكرت سالفا، ونسبة إلى تنوع زوايا الرؤى والمرجعيات في تحليلها، لأنها مفتوحة ومشرعة أبوابها على كل التأويلات الممكنة».

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *