الميكسد والكولاج في أعمال المغربية سعاد ثقيف

■ يمثل الميكسد والكولاج الكُلَّ الفني في أعمال الفنانة سعاد ثقيف، فهي تسوغ من مواد مختلطة الوسائط، مادة فنية تنتج منها موضوعات بنائية متصلة أحيانا بالثقافة الأصيلة، ومرتبطة أحيانا أخرى بالمظهرية المعاصرة، وترتكز على أشكال متنوعة، إنها تنحت بذلك مسلكا لولوج المادة التشكيلية وفق تصوراتها في هذا الاتجاه. وترصد لذلك خزانا من المواد التي تستعمل […]

الميكسد والكولاج في أعمال المغربية سعاد ثقيف

[wpcc-script type=”b76077865f8c5823123f6dfe-text/javascript”]

■ يمثل الميكسد والكولاج الكُلَّ الفني في أعمال الفنانة سعاد ثقيف، فهي تسوغ من مواد مختلطة الوسائط، مادة فنية تنتج منها موضوعات بنائية متصلة أحيانا بالثقافة الأصيلة، ومرتبطة أحيانا أخرى بالمظهرية المعاصرة، وترتكز على أشكال متنوعة، إنها تنحت بذلك مسلكا لولوج المادة التشكيلية وفق تصوراتها في هذا الاتجاه. وترصد لذلك خزانا من المواد التي تستعمل في الألبسة التقليدية، من خيوط ومرصعات وأنواع الحلي المختلفة، لتدججه بتعبير صريح يتلاءم مع الأشكال الشخوصية التي تدججها بهذه المواد، لتُحيل القارئ على مناح كثيرة من الدلالات والمعاني. كما أن اشتغالها في هذا النطاق هو اشتغال بالأساس على الموروث الحضاري، بكل ما يزخر به المغرب من أشكال ومواد تضرب بجذورها في عمق التاريخ، وهو اشتغال كذلك على المنحى التعبيري وفق رسوم ومواد تمتح مقوماتها الأساسية من الواقع.


والفنانة تسعى في منجزها الفني إلى العناية الدقيقة بالقيم الجمالية والقيم الأصيلة، ما يمنحها مجالا واسعا لمقاربة المضامين المركزية بالمنحى التعبيري، وفق الشكل الفني. لذلك تُسخر مختلف الوسائل والمواد المنتقاة بعناية فائقة وذوق رفيع لتبسطها بكميات خفيفة في فضاءات أعمالها، لتُعبّر بها كمفردات فنية تستقي من الأصالة مادتها الخصبة، بتغيير في اللون، وتنويع في المواد التي تشتغل بها لإعادة تركيبها وفق المواضيع ذات الصلة بالتراث الحضاري، وذات المعنى الأصيل، تنسجها وفق بناء فضائي مركب من عناصر متنوعة منها الجديدة وغيرها بقدر ما تحمله تقنياتها من توليف بين المواد والعناصر والمفردات التي تشكل العمل في مجمله. وتجعل منها أشكالا فنية منظمة في تواشج عميقة الدلالات، عن طريق التعبير بها في نطاق مجموعة من المؤثرات الشكلية التي تجذب عين القارئ. والتي تعتبر ذات قيمة في أعمالها الميكسيدية. فاستخداماتها الكولاجية هي لربط الصلة بين الفن التشكيلي والمواد الأصيلة، وإنتاج حيز دلالي وثيق الصلة بمختلف المضامين التي تشتغل عليها المبدعة. كما أن مختلف الوسائط التي تنتقيها بعناية تقوم بتثبيتها على نحو من الإبداع تبعا لنسق المادة التشكيلية.
فتجسيد المادة الكلية يمر عبر مسلك تركيبي، تتخلله بعض الموتيفات الناتجة عن بعض الحركات الشكلية الناتجة بدورها عن طرق الصياغة الفنية والجمالية، التي تتلاءم مع تقنياتها وطرائق التركيب الدقيقة التي تولف بين اللون والوسائط الكولاجية، لبعث المنحى الجمالي والتعبيري وفق مسلك فني معاصر. فيتجلى حسها الفني في مختلف التقاطعات، والوصل بين مختلف المفردات، التي تشكل العمل الإبداعي لديها. فيتحقق في أعمالها التجاور بين مختلف المفردات الفنية، والتنوع في العناصر الشكلية. فسعيها في تشكيل المساحة بكل قطعة هو تحقيق شكل آخر في صلب المادة التشكيلية ومنح الجديد برمزية فنية تأخذ بعين الاعتبار وحدة الشكل والبناء والرؤية والأسلوب. وبذلك فإن أعمال ثقيف تتبدى فيها اجتهادات خاصة ومسلك فني ممنهج. ويعبّر ذلك عن تصوراتها الفنية والجمالية، بقدر ما أنتجته مخيلتها من أعمال ذات جماليات رائقة، وهو ما تؤكده الإشارات التي ترسلها أعمالها الفنية، ويعضده المنحى الثقافي الذي في حوزتها.
إن الأشكال الكولاجية التي تشتغل عليها تتأسس على صورة متعددة الدلالات، تتحقق فيها المادة التشكيلية وفق ما تسوقه من أشكال تعبيرية وشخوصات ومضامين ذات أبعاد اجتماعية وثقافية وفنية عن طريق تداخل مجموعة من الأشياء المنفصلة في الشكل الواحد، وفق تركيب محكم ينفتح على تعدد القراءات، ويوحي بأن المبدعة لها من المؤهلات ما خول لمنجزها التشكيلي أن يكون ضمن الصفوة الفنية.

٭ كاتب مغربي

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *