«معرض قوافل الذهب»: افريقيا تستعيد ذاكرتها المفقودة وتحاور العالم
[wpcc-script type=”6cfb7e76a5aece27e2cb9489-text/javascript”]

تتواتر دوماً الصور المعهودة للقارة السمراء في المخيلة ــ التي أكدها المستعمر الأوروبي ــ بغابات شاسعة وحيوانات مفترسة وبشر لا يزالون يرتدون قطعا من الجلود ويحملون الحِراب. الوجه الآخر للدول الافريقية يأتي من خلال نشرات الأخبار، فرق عسكرية متحاربة، وانقلابات مستمرة، قتلى وجياع ونازحون. بينما تتجلى القارة وسكانها في شكل مختلف تماماً، خاصة في العصور الوسطى، قبل أن تتلوث باستعمار أو فرض دين معيّن يستتر باستعمار ونهب ثروات هذه البلاد بشكل آخر. فكيف كانت وعاشت هذه البلاد؟ وما مدى تأثيرها على العالم وقتها؟
قوافل الذهب
«يثير المعرض قصة مهمة في تاريخ العالم عن الإسلام في افريقيا خلال مرحلة القرون الوسطى. كما يسلط الضوء على الطرق التي تجمع فيها اللغة العربية بين أناس متنوعين، مما يسهل التجارة ويجعل غرب إفريقيا قلباً قوياً لعالم مترابط. إنها قصة نادراً ما يتم سردها، ومع ذلك فقد شكلت العالم الذي نعرفه اليوم». (هنري كيم. مدير متحف الآغا خان في تورنتو).
يأتي معرض «قوافل الذهب .. شظايا الزمن»، الذي افتتح مؤخراً في متحف آغاخان في مدينة تورنتو الكندية ــ وتم تنظيمه من قبل متحف بلوك للفنون في جامعة نورث ويسترن ــ ليستعرض قوة وثقافة القارة الافريقية، ومدى تأثير دولها على ما حولها من دول العالم. هذه الحضارة التي تم تشويهها واختصارها في ألاعيب السحر والخرافة. يتضمن المعرض نماذج فنية افريقية مصنوعة من قطع الليغو، ويجمع بين مجموعة من القادة والفنانين ذوي الأفكار والمهارات العالمية ممن قدموا أبعاداً جديدة لهذه القارة الواسعة. ويعود المعرض بزائره إلى فترة العصور الوسطى، عندما كان غرب افريقيا يقدم الدعم لاقتصاد ثلاث قارات مختلفة من خلال الأفكار التي غيرت الثقافات، والبضائع النفيسة كالملح والعاج والذهب. كما يتميز المعرض بأسلوب فني متطور، حديث تم وضع الروائع المذهلة إلى جانب الأجزاء الأثرية المكتشفة حديثاً، ويحتوي على العديد من القطع المستعارة من مالي، نيجيريا، والمغرب. هذا التشكيل المتجاور يكشف مدى عمق الترابط بين افريقيا خلال فترة العصور الوسطى مع رقعة واسعة من العالم، ومدى تأثير ذلك على الفن والثقافة عبر أوروبا، والشرق الأوسط، وآسيا.
مانزا موزا
يسلط المعرض الضوء أيضاً على تمثال الشخصية الأسطورية من العصور الوسطى، مانزا موزا (مانسا موسى)، الذي حكم امبراطورية مالي في غرب افريقيا في القرن الرابع عشر، والذي يعتقد أنه كان أحد أغنى الأشخاص عبر العصور. اشتهرت ثروات مانزا الذهبية المذهلة، حيث تشير الروايات إلى أن قيمة الذهب انخفضت بسبب إنفاقه الباهظ أثناء رحلته للحج إلى مكة المكرمة.
نحو المستقبل
في الحديث عن المستقبل، يعرض المتحف «البناء الأسود: الحضارات»، وهو عبارة عن تركيب فني مزخرف تم صنعه حصرياً من قطع الليغو الأسود من قبل الفنان المعاصر الغاني – الكندي إيكو نيماكو. وتربط سلسلة منحوتاته السيريالية، من خلال قطعة فنية بارتفاع 6 أقدام، بين الحضارات الافريقية المتقدمة التي تعود إلى العصور الوسطى مع رؤية لمستقبل القارة القوي.
موسيقى القارة
يركز هذا المعرض أيضاً على الفنون الموسيقية ويمنح التقدير لدور الموسيقى في الربط بين المجتمعات، والحفاظ على الثقافة، وتحفيز التغيير الاجتماعي. يبدأ الموسم مع توكو تيلو، وهي فرقة مؤلفة من ثلاثة من أشهر نجوم الموسيقى في مدغشقر، لاستكشاف عناصر جديدة من لون الموسيقي الشعبي للبلد. كما يقدم أيضاً «مشروع المغرب»، وهي فرقة متعددة الجنسيات تجمع بين الموسيقيين في الصحراء الكبرى، وأوركسترا أوكافانكو الافريقية، التي خلقت لغة موسيقية جديدة عن طريق جمعها للموسيقيين من الدول الافريقية (بوروندي، إريتريا، الصومال، مدغشقر، السنغال، زيمبابوي، وغانا) والذين كان في ما بينهم القليل من التفاعل في الماضي.
برامج وندوات
ثم تأتي مجموعة من البرامج التعليمية والندوات التي تسلط الضوء على مظاهر القارة الافريقية، متحدية بذلك ما نعرفه عن العالم. وتشمل قائمة المتحدثين كل من كاثلين بيكفورد ، المدير المساعد للشؤون الفنية في متحف بلوك للفنون، حيث تلقي الضوء على الشراكة بين مالي، والمغرب، ونيجيريا والتي نتج عنها هذا المعرض؛ غاس كاسلي هايفورد، مدير المتحف الوطني السميثسوني للفن الافريقي، الذي سوف يناقش العصور الذهبية العديدة للفن الافريقي؛ وأمين متحف فيكتوريا وألبرت، مريم روسر أوين، التي سوف تتحدث عن سياسات القرون الوسطى حول الذهب والعاج. كما تشمل المحطات البارزة الأخرى ضمن المعرض دورة تدريبية مدتها عدة أسابيع حول التأثير البعيد المدى للتجارة الافريقية قبل العصور الوسطى، إضافة إلى حوار فني وجولة من قبل إيكو نيماكو.