أندريس زورن وقصة الفن والثروة والوطنية

ولد أندريس ليونارد زورن في مزرعة أجداده وتربي بها في يافرادن وهي قرية صغيرة تقع بالقرب من أونميلاند في أبرشية، مورا، دالارنا في 18 فبراير/شباط عام 1860، درس حتى سن الثانية عشرة في مدرسة مورا استراند قبل أن يتقدم عام 1872 إلى مدرسة ثانوية حديثة وبعد ثلاث سنوات من الدراسة تعلم زورن اللغة السويدية والألمانية […]

أندريس زورن وقصة الفن والثروة والوطنية

[wpcc-script type=”35a563be40981553a1abb328-text/javascript”]

ولد أندريس ليونارد زورن في مزرعة أجداده وتربي بها في يافرادن وهي قرية صغيرة تقع بالقرب من أونميلاند في أبرشية، مورا، دالارنا في 18 فبراير/شباط عام 1860، درس حتى سن الثانية عشرة في مدرسة مورا استراند قبل أن يتقدم عام 1872 إلى مدرسة ثانوية حديثة وبعد ثلاث سنوات من الدراسة تعلم زورن اللغة السويدية والألمانية والتاريخ والجغرافيا والرياضيات والعلوم الطبيعية والخط واللاتينية، ولم يكن زورن طالبا متفوقا، لكن درجاته كانت مقبولة وبشكل عام مرضية، وقد اكتشف معلموه أنه يتمتع بقدرات فنية عالية، وفي تلك الأثناء توفي والده في هلسنكي فورّث زورن بعض الأموال القليلة التي ساعدته على تلقي المزيد من الدراسة المنتظمة.
وفي 3 يناير/كانون الثاني 1874 وبعد أقل من عام على وفاة والده تزوجت أمه من سكري أندريس أندرسون وانتقلت معه إلى مورا، وخلال فصل الشتاء أتيحت لزورن الفرصة لكي ينجز منحوتاته الخشبية: «الحطاب في أوبالا» وفي الثامن والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه ولدت أخته الصغرى كارين. وفي الفترة من 1875 حتى 1880، درس زورن في ستوكهولم في مدرسة الحرف اليدوية، ثم في المدرسة التحضيرية للأكاديمية السويدية للفنون الجميلة، وهي ما تسمى بالمدرسة الابتدائية بداية من 18 سبتمبر/أيلول 1875، ودرس أيضا الرسم والتصوير والنحت وسرعان اكتسب سمعة طيبة كرسام ومصور بالألوان المائية.


في تلك الفترة عاش زورن حياة سيئة وكان عليه أن يناضل ضد الفقر، كما عاش زورن في الوقت ذاته حياة مزدوجة، واحدة في ستوكهولم شتاء بين السادة المحترمين الأثرياء، وحياة أخرى في فصل الشتاء بين الفلاحين في داليكيارليا.
في عام 1876 قضى زورن شهور الصيف كلها في مورا يرسم مجموعة من اللوحات مستخدما الألوان المائية، وفي هذا العام أيضا مات جده في مستشفى أوبال الأكاديمي. في عام 1879 اجتاز زورن دراسته الأكاديمية للفنون الجميلة، حيث حصل على درجة الدبلوم في الفنون، في الثامن والعشرين من يونيو/حزيران من ذلك العام . وفي ربيع 1880 اكتسب زورن عن جدارة صفة رسام، وقد أقامت الأكاديمية السويدية للفنون معرضها السنوي للطلاب، حيث تقدم روزن بلوحة «الحداد» وحصل بعد ذلك على هذه اللوحة التي أشاد بها ناقد الجريدة الرسمية السويدية الشهير كارل روبرت بهذه اللوحة. في خريف 1880 انتقل إلى استوكهولم وهنا اقترب من أعضاء مجتمع استوكهولم فأغرقوه بالمكاسب، وبذلك قابل زوجته إيما لام في أوائل 1881، وكانت إيما لام ذات خلفية مختلفة عن زورن، حيث كانت قادمة من عائلة تجارية يهودية، وكانت مهتمة بالفن والثقافة، سافر زورن إلى لندن وباريس والبلقان وإسبانيا وإيطاليا وأمريكا، ليحقق بذلك نجاحاً عالمياً كواحد من أكثر الرسامين المشهود لهم في عصره. كانت مهارته في المقام الأول كرسام بورتريه، فاكتسب في هذا النوع من الفن شهرة دولية من خلال قدرته على تصوير الشخصية الفردية للموديل أو الشخص الذي يقوم برسمه. وقد شملت أبرز صوره ثلاثة رؤساء أمريكان، جروفر كليفلاند بالإضافة إلى زوجته، ووليام تافت وثيودر روزفلت، وفي التاسع والعشرين من عمره حصل زورن على لقب فارس شرف في معرض باريس الدولي 1889.


لقد جعل الفن أندريس زورن رجلاً ثرياً ومن ثم أصبح قادراً على جمع وشراء مجموعة كبيرة من اللوحات والمقتنيات الفنية. أما لوحاته هو فقد بيعت في بلاده وفي بلاد العالم الأخرى أثناء الرحلات الجديدة، التي قام بها بصحبة زوجته، وكانت ذات عقلية تجارية بالوراثة، وذات حس فني عال تقدر قيمة الفن، وقد تبرع أندريس زورن وإيما زورن بكل ممتلكاتها للدولة السويدية في ما بعد.

لوحات المجد

من أبرز أعمال أندريس زورن الموجودة في المتحف الوطني للفنون الجميلة في استوكهولم: لوحة (رقصة منتصف الليل 1897 ) حيث يصور الراقصين في ضوء المساء في احتفال ريفي في منتصف ليل الصيف. ولوحات زورن موجودة في متاحف أخرى شهيرة في العالم، لعل أبرز هذه المتاحف التي ضم لوحاته:
1 متحف دورسيه في باريس
2 متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك
3 متحف الفنون الجمية في بوسطن
جائزة بلتمان جائزة أدبية لشاعر سويدي بازر تمنحها كل سنة الأكاديمية السويدية، وقد تأسست هذه الجائزة عام 1920 بواسطة اندريس زورن وزوجته إيما لام (1860 ـ 1920)

أندريس زورن وأيما لام ولقاء الفن والثروة

قابلت إيما لام أندريس زورن أثناء رسم الأخير لوحة لابن أختها عام 1881، حيث كانت تنتمي إلى عائلة يهودية ثرية من الطبقة المتوسطة العليا في ستوكهولم، كما اشرنا آنفا. أعجبت لام بزون وبلوحاته أيضا، ولعل زورن كان في مسيس الحاجة لهذا الإعجاب، ولأنه كان فقيرا ومجهولا أيضا، اشترطت عائلة لام أن تظل خطبتهما سراً حتى يحقق الزوج نجاحاً ملموسا في حياته المادية والفنية، وقد كان للخطيبة إيما لام وعائلتها وأقاربها وأصدقاء العائلة دور مهم في تحقيق هذا النجاح، من خلال شراء لوحات زورن، وبذلك تم إعلان الزواج في عام 1885 في احتفال مدني في قاعة مدينة ستوكهولم، بعد أن عاد زورن من رحلة ناجحة إلى لندن إلى السويد بتشجيع ودعم من خطيبته. ومنذ بداية زواجها لعبت إيما لام دوراً فاعلاً في حياة زوجها الفنية، كانت مثقفة وناقدة ومسؤولة عن تنظم المعارض وشحن اللوحات، كما لعبت كذلك دور الموديل في كثير من لوحات زوجها. وعلى الرغم من الاختلاف في المستوى والدين صارت إيما لام مولعة بأسرة زورن الفقيرة. فكانت على علاقة جيدة مع أهل زوجها وأهل مورا أيضا، خاصة بعد انتقال الزوجين إلى مورا عام 1896، وقد شجعها زوجها على الانخراط في الأنشطة العامة مثل، الإشراف على المكتبة العامة وجمعية الحرف اليدوية. وإلى جانب ذلك أقامت مدينة زورن للأطفال، حيث لم يرزق الزوجان بالأطفال، وإنشاء أول مدرسة عامة للكبار في مورا. وبصفة عامة كان الاقتران بإيما لام بالنسبة لزورن صفقة العمر، حيث استفاد جيدا من علاقات أقاربها في الداخل والخارج معاً.
بقيت إلى إيما لام عقدين من الزمن بعد وفاة زوجها، حيث حافظت على تراثه حتى وفاتها عام 1942 وكان مبادرتها وما قدمته من دعم مادي ومعنوي الدور الأكبر في إنشاء متحف أندريس زورن في السويد منذ سنوات. لقد جعل الفن ـ كما اشرنا من قبل – أندريس زورن ثرياً للغاية، فعلى مدى عدة سنوات اشترى فن معاصريه وحشد مجموعات كبيرة منها في منزله، ثم تبرع وزجته بكل ذلك وكل ما يملكانه من مقتنيات إلى مملكة السويد.

نهاية غير متوقعة

خلال صيف 1920 قضى زورن الكثير من الوقت في الإبحار حول أرخبيل ستوكهولم ومع ذلك لم تكن حالة زورن الصحية على مايرام، فقد كان يتألم باستمرار ومن ثم لم يتمكن من الرسم خلال هذه الصيف، وبعد انتهاء الصيف عاد إلى مورا وهو متعب ومريض، ثم انتقل إلى المستشفى في أغسطس/آب 1920 للعلاج بسبب آلام في البطن، ولكن الرجل أصيب بتسمم وتوفي في 22 أغسطس 1920 وعمره 60 سنة.

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *