الحروفي العماني سلمان الحجري يخطط الأصالة والعصرنة

إن لأصالة الخطاط سلمان الحجري دور في توجيه مساره الفني، نحو الانصهار روحا في قلب التراث الحضاري العربي الإسلامي، حيث تتبدى تجربته الغنية بالفن الأصيل، من خلال اعتماد الحروفيات وفن الخط العربي، ومن خلال طبعه مجال الفن الحروفي بإيقاع الحروفيات، في أشكال جمالية متنوعة ذات جذور عربية أصيلة. وإن امتزاج الخطوط العربية بأساليب الفن المعاصر، […]

الحروفي العماني سلمان الحجري يخطط الأصالة والعصرنة

[wpcc-script type=”c96e8e2ce5c044b59b43e265-text/javascript”]

إن لأصالة الخطاط سلمان الحجري دور في توجيه مساره الفني، نحو الانصهار روحا في قلب التراث الحضاري العربي الإسلامي، حيث تتبدى تجربته الغنية بالفن الأصيل، من خلال اعتماد الحروفيات وفن الخط العربي، ومن خلال طبعه مجال الفن الحروفي بإيقاع الحروفيات، في أشكال جمالية متنوعة ذات جذور عربية أصيلة. وإن امتزاج الخطوط العربية بأساليب الفن المعاصر، من خلال تشكيل بؤر لونية ممزوجة بالحروفيات الموزونة والمقيدة بالضبط؛ تجعل المبدع يركز على إنشاء علامات لونية وأشكال متنوعة، وفق طبقات حروفية تزيد حدة اللون فيها، وتنقص بحسب رغبات الحروفي سلمان الحجري، الذي يعتمد لذلك ثنائيات متتالية، تبدأ من عملية البناء الفضائي وتفضي إلى مسلك إبداعي بديع. وهو يرصد لذلك كتلا من الحروف، يجعلها تغوص في المثل والقيم التي يكشف عنها المنحى الدلالي، وبذلك تتبدى أعماله في مجملها محكومة بالدقة في الوضع، والاعتناء بقيم السطح، والحفاظ على ضبط أشكال الحروف، ثم إطلاقها في الفضاء لتتكتل في حرية تامة، إنها ضوابط خطية منتعشة بحرية حروفية. تفصح عن ذلك عمليات التركيب الحروفي المتنوع، والتركيب اللوني المدمج في الحروفيات وفق طبقات، والتوظيف المحكم لخط الثلث، وفق خاصيات حروفية أكثر تحررا. وهو ما يؤشر إلى أن المبدع – وإن كان لا يزال يركن إلى التقييدات الحرفية ويلتزم بالضوابط الكلاسيكية للخط العربي – فإنه في الوقت نفسه لا يحد من حرية الحرف داخل الفضاء، بل يشكله وفق خاصيات الضبط، ويطلقه بحرية في الفضاء اللوني بتطويع محكم وتناسق دقيق لخدمة المجال الحروفي في بعده الفني المعاصر.

وتشكل معظم التوليفات بين الأشكال المتنوعة والخط العربي المتمثل غالبا في خط الثلث، والألوان مادة فنية معاصرة قائمة بذاتها، خاصة لما يطرح المجال الحروفي في فضاء غير محدود، فيدججه بالحركة والنعومة اللونية وجماليات قيم السطح، وبذلك يجعل من أعماله الحروفية فنا جماليا يتأثث في سياق التعبير بالثنائيات، التي تتشكل من الخط العربي في إطاره الكلاسيكي، والمجال الحروفي المحافظ على ضبط قواعد الخط؛ ثم المجال الحروفي المتجدد، والمجال التشكيلي المفعم بالألوان الذي يضع الحروفية في سياق حر، فيضع المادة الفنية عموما في نطاقها المعاصر.
إن تجربة الفنان الحروفي سلمان الحجري قادته إلى اقتناص عدد من الجماليات التي جعلت من عالمه الحروفي فنا مدججا بأشكال وحروف وألوان وخطوط، طفت بأعماله في نطاق تعدد الرؤى الفنية نحو ارتياد مسار التجديد. وهو الذي يبني الأشكال والألوان والعلامات والحروفيات داخل الفضاء، وفق مباهج فنية متعددة الدلالات، وهو إنجاز يمتح من التعبير بالثنائيات، وينم عن تجربة عالمة من حيث عمليات التوظيف الضوئي، وتشكيل الخط بمرجعياته التراثية، والحروفيات بنهج مسلك جمالي معاصر. كما أن تدبير المجال الجمالي لديه يخضع لرؤية فنية تشكيلية تهتم بقيم السطح، ولذلك يسعى إلى تناسق الألوان والاعتناء بها، خاصة أنها تشكل بمعية الحروف طبقات متتالية تروم التجاور والتمازج والتوليف، في إطار وحدة عمل فني منظم، خاضع للتوازن بين كل العناصر البنائية الشكلية. إنه مسلك حروفي يتخطى الجاهز ويروم أسلوبا حروفيا أكثر جمالية.

٭ كاتب مغربي

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *