معرض «سكون الجسد» للفنانين أشرف رضا وأيمن لطفي: الخروج عن المألوف في التشكيل المصري
[wpcc-script type=”e1d18c742debab45b15f558d-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي» محمد عبد الرحيم: القليل من التجارب في مجال الفن التشكيلي التي نجد فيها اشتراكاً بين فنانين أو أكثر تتضافر جهودهم ورؤيتهم في إنتاج عمل فني، حتى في ما يخص الغرب وأساليبه الفنية والمعرفية. وجود مثل هذه الفكرة تكاد تكون نادرة في مصر. من ناحية أخرى أن يمتزج التصوير والفوتوغرافيا من قِبل فنانين مختلفين من حيث احترافهما للوسيط الذي تتم من خلاله معالجة الموضوع، فهو أمر جديد ــ بخلاف الفوتوغرافيا والرسم من خلالها عن طريق الفنان نفسه ــ والأمر الثالث هو الجمع بين تناقض الجسد الأنثوي والتجريد، ومحاولة الخروج عن أنماط معروفة سلفاً في الفن التشكيلي. هذه بعض سمات معرض «سكون الجسد» للفنانين أشرف رضا وأيمن لطفي، الذي أقيم مؤخراً في غاليري بيكاسو في القاهرة.
سكون الجسد
من خلال اللوحات العديدة في المعرض، التي تتناول إعادة تعريف جماليات الجسد ــ الأنثوي ــ وفق رؤى كل من الفنانين، فالعنوان نفسه يأتي مراوغاً إلى حدٍ كبير، فهل هذه الأجساد ساكنة فعلاً؟ أم أن هذا السكون يحمل قدراً كبيراً من القدرة على استعراض الحكايات وتفاصيلها؟ قد يوحي السكون بحالة التأمل التي تفرضها اللوحات، بداية من تكوين الجسد في اللقطة الفوتوغرافية، وصولاً إلى لغة لتشكيل مفردات الخط العربي والأشكال الهندسية التجريدية التي تتفاعل ومساحة الجسد في أدق تفاصيله إيحاء للمخيلة ــ مخيلة المتلقي ــ هذا السكون أيضاً تنفيه بعض وضعيات الجسد المختلفة، الذي صار مسرحاً لحالات متعددة من الخوف وحتى التباهي.
اللقطة والخط
التقابل الآخر في اللوحات يأتي من خلال عنصري اللقطة الفوتوغرافية، وتشكيل الخط فوق الأجساد. المسألة هنا تخلق تقابلاً بين زمنين.. زمن يتوقف محتفظاً بلحظة التقاط الصورة، وزمن آخر ممتد ما بين الماضي والمستقبل، يتحدد من خلال الخط والشكل واللون الممنوح لكل لوحة، كذلك قد نجد عنصراً يتغلب على الآخر في بعض اللوحات، فقد يصبح الجسد بالكامل مجالاً للتشكيل، وقد يبدو التشكيل في الخلفية قليلاً لتصبح الفوتوغرافيا حاكمة إيقاع اللوحة، خاصة في بعض اللقطات المُعالجة رقمياً، كاستنساخ الجسد وتكرار حركته، أو إضافة قطعة من الأكسسوار في اللقطة ــ مقعد على سبيل المثال ــ وهو ما كسر وحدة وإيقاع اللوحات إلى حدٍ كبير.
التجسيد والتجريد
ومن ناحية أخرى تبدو مدى أهمية تجربة «سكون الجسد»، ففعل التجسيد والاحتفاء بالجسد، خاصة الأنثوي وقت الرّدة التي نحياها، وأن يتم التشكيل من خلال التجريد ــ الخط واللون ــ وهو ما يظهر دوماً بعيداً عن الجسد وعالمه، خاصة في الشرق، بعدما حرّم حرّاس الإسلام فكرة التجسيد عموماً، فتحايل الفنان وقتها من خلال الخط وفنونه، وتكرار الشكل نفسه بطريقة محددة، لكن الأمر لا يخلو من إيروتيكا صاخبة، رغم الهدوء والجلال في المشهد، ولنا في المآذن المرتفعة والقباب الضخمة دليلاً على ذلك.
الاحتفاء
الخلفية السوداء للوحات/اللقطات وإن كانت توحي للوهلة الأولى بالعزلة، إلا أنها تجسد حالة من القِدَم، حالة حضارية تماثل أجساد قدماء المصريين ومدى احتفاء تصاويرهم بالجسد الأنثوي ــ يظهر هذا في بعض وضعيات اللوحات ــ إضافة إلى خلق حالة من حالات التواصل الحضاري ــ الشعبي بالأخص ــ من خلال الحروف والأشكال والرموز المعروفة شعبياً للذاكرة البصرية للمصريين، ذلك من حيث الشكل واللون، حالة مستمرة احتفاءً بالموروث الشعبي، وقد انتقل من المعابد والجداريات وتماثيل الملوك إلى أجساد تتلون بمخزون بصري يتشاركه أغلبية الشعب المصري.