السوداني عوض أبو صلاح يغير في الملمس التشكيلي
[wpcc-script type=”b4ce520977dd75c0c78f3905-text/javascript”]

تتسم أعمال التشكيلي السوداني عوض أبو صلاح بجمالية التعبير الناتج عن حسن الأداء وقوة التمكن من المادة التشكيلية. وهو ما يتيح له الانزياح عن المألوف، حيث إن التعبير هو حتمية مصيرية في الفن التشكيلي. لذلك فالعمل الإبداعي لدى عوض أبو صلاح تعبير لا ينقطع، ينفّذه بأسلوب سلس وبطريقة تُدخل القارئ مباشرة في صلب الموضوع، وهو يوفر لذلك كل ما يجعل الرؤية تتكامل من حيث كون أعماله التشكيلية تحمل طابعا تعبيريا فنيا معاصرا، فهو يُنشئ الفضاء على أنقاض الأبعاد الأربعة للفراغ، بدءا من تسجيل الواقع، ومرورا بمتغيرات تشكيلية تروم حد المبهم ووصولا إلى مسلك تعبيري يحمل رزمة من المضامين المتنوعة.
وللموسيقى بُعد حقيقي في تراسيمه التشكيلية، وتشكل الحركة أحد الأسس الفنية التي تسري سمفونيتها في جوهر أعماله. كما أن مختلف عمليات بناء فضاءات أعماله تسمح بخروج المادة التشكيلية إلى حيز الوجود الحسي البصري بكثير من المهارة والتقنيات العالية، وهو ما يتوفر عليه الفنان عوض أبو صلاح، حيث تلعب تقنياته المتجددة دورا محوريا في تغيير المسالك، وتوجيه الخطاب الفني نحو وجهة تجديدية عن طريق تغيير سمات الواقعية بأسلوب متفرد يروم التعبير عن مضامين تحمل في طيها معاني ودلالات، وهو ما تسمح به تجربته الرائدة في الحركة التشكيلية المعاصرة، بل يبدو أنه يحسب حسابا دقيقا لإنتاج دور فعال لعمله الواضح في الابتكار.
ففي هذا الدور يكمن سر المعاصرة وحداثة الأسلوب، وهو ما يتيح للقارئ التأمل بعمق في أعماله التشكيلية لاكتشاف عوالم كثيرة تتسم بالجدة، وتحمل الجديد الفني، وتساعد على فهم عالمه الإبداعي. فهو يتواصل مع مادته الفنية بوجدانية وتفاعل كبيرين، ليبلغ نتيجة ناضجة تتعلق بقيمة الفضاء أولا، ثم يوجه مسار التعبير على مستوى التشكيل الصرف للمكان وللشخوصات التجريدية التي يدخلها في حيز التحوير ثم التعبير، حيث يظهر بوضوح التكامل في التأليف بين مختلف العناصر الواقعية والكتل والأشكال المليئة بالضربات اللونية، وبين الفراغات وما يحمله الملمس التشكيلي من عُدّة فنية وجمالية. وهو يحقق ذلك بأشكال تباينية يستطيع من خلالها بمهارته الكبيرة أن يمنح أعماله التشكيلية توازنا تقنيا وانسجاما فنيا وقدرة تعبيرية، وبذلك يظهر أسلوب الفنان عوض أبو صلاح مليئا بالمغازي والدلالات، وممتلئا بالمشاهد التعبيرية من خلال بسط طريقة التحوير في شكله المتكامل بعد مروره بمختلف مراحل التطوير والتغيير، قصد إخضاعه للزوميات الرؤية الشخصية والتصور الذاتي. وهو ما يجعل بعض الأعمال التجريدية تتبدى مثقلة بالألوان، ويتمظهر فيها الفضاء مغلق المنافذ، وتبدو الطبقات الصباغية ذات صيغ تعبيرية تروم بعض الأشكال الإنسانية التي تكون قد أخذت بُعدها الجمالي النهائي، بحيث إن كل جديد في رؤية الفنان عوض أبو صلاح يتخذ مسارا نوعيا تنبني عليه الرؤى الإنسانية، وهو ما يعني أن المبدع يتقيد أحيانا كثيرة بألوان معينة وبطقوس فنية خاصة، وبتكثيف الفضاء استجابة لضرورة استمرار إنسانية أعماله بأسلوب شاعري يطرب بنوع من الموسيقى الشجية، وأيضا لكي يتفاعل القارئ مع كل الأشكال الغامضة التي يلفها السر. إنه بعد صريح في فلسفة الفنان وهو ينم عن ثقافته الفنية، وإنه كذلك تفاعل مباشر مع الملمس التشكيلي بنوع من الجدة والقوة التعبيرية المتجددة ليساهم باللون في البروز، ويدعم القوة الفنية التعبيرية المعاصرة. وهذا يعطي انطباعا بأن الفنان عوض يمر في نسيج أعماله من طرق مركزية، ثم يوزع المفردات التشكيلية المشتركة بنوع من التوازي الذي تستطيع تقنياته الهائلة أن تكسبه رهان التجديد، وتدعم أسلوبه الإبداعي الرائق المعاصر.
٭ ناقد مغربي
