في معرض استعادي لأعمال المصري صالح رضا: التجريد والرؤية المغايرة للتراث

القاهرة ـ «القدس العربي»: «قد يظن البعض أن الفن هو انعكاس لهذا الواقع الذي نعيشه، ولكنه في الحقيقة ليس هو هذا الواقع نفسه، حيث إن الفن في صورته الحقيقية هو ما بعد الواقع … وإن لم يكن الفن هو حلم المستقبل، فكيف يعيش الإنسان بدون هذا الحلم في تغيير واقعه الذي يعيشه؟ إن حلم الإنسان […]

في معرض استعادي لأعمال المصري صالح رضا: التجريد والرؤية المغايرة للتراث

[wpcc-script type=”af59719f6e2318d23fa56216-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: «قد يظن البعض أن الفن هو انعكاس لهذا الواقع الذي نعيشه، ولكنه في الحقيقة ليس هو هذا الواقع نفسه، حيث إن الفن في صورته الحقيقية هو ما بعد الواقع … وإن لم يكن الفن هو حلم المستقبل، فكيف يعيش الإنسان بدون هذا الحلم في تغيير واقعه الذي يعيشه؟ إن حلم الإنسان هو تجسيد لهذا الواقع إلى واقع جديد يختبئ فيه حلم الإنسان القديم، ويدفعه إلى حلم جديد غير معلوم». (الفنان صالح رضا). هذه بعض العبارات التي تجسد رؤية الفنان الراحل صالح رضا (28 فبراير/شباط 1932 ــ 8 أبريل/نيسان 2018)، الذي يفتتح غاليري الزمالك للفن في القاهرة موسمه الجديد بمعرض استعادي لأعماله، كمحاولة لمعرفة مسيرة الرجل من خلال لوحات ومنحوتات، تؤكد كيف كان يفكر في الانفلات من القوالب المعهودة لفن النحت بشكل خاص، حتى أنه في مراحله الفنية حاول أن يختلق أسلوباً يبتغي الحركة في المنحوتات، ويدمج ما بين النحت والتصوير. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى حاول رضا أن ينظر بشكل مغاير إلى الموروث الشعبي، الذي طالما تم استغلاله وتم اختصاره في أيقونات متكررة لا جديد فيها ولا فن، اللهم إلا محاولات لجذب العين الغربية للاعتراف بهذا الفنان أو ذاك.

هاجس الحركة

اللافت في أعمال صالح رضا النحتية، والتجريدية منها بشكل خاص، هو محاولة تجسيد الحركة، فمن خلال شكل يغلب عليه الطابع الهندسي، والمنتمي أكثره إلى بعض التشكيلات الإسلامية، ذلك من خلال تجزيء الشكل، وخلق تكرارات وكأنها ظلال له ــ فكرة دمج التصوير مع النحت ــ وبالتالي يمكن الإحساس بالحركة من خلال العمل الفني في النهاية. الأمر ليس بالسهولة المعهودة، ولكن خيال الفنان هنا هو الذي يحدد هذا الأسلوب وهذه التقنية، فلا يوجد شكل واقعي يحاول الفنان تجسيده، بل تجاوز للواقع كما كان يؤمن الرجل.

لم يسر صالح رضا في ركب مدمني الترويج والمتاجرة بالتراث، بل حاول أن تمتد الحالة ما بين الشكل التراثي والوجود الإنساني، كالاحتفاء بالفلاحات والنساء الشعبيات، في ما فعلنه وقدسنه.

من ملاحظة أنه تناول العديد من الخامات، رغم تباين صعوبة العمل من خلالها، بداية من الخشب، مروراً بالبرونز والنحاس. عمل رضا أيضاً من خلال لوحاته على فكرة الكولاج كتقنية، وحاول ألا تكون مُستَهلَكة، أو ضرباً من الاستسهال، بل أيضاً اختلق منها الحركة، فتجاوزت اللوحة إطارها المحكوم، وأوحت بحالة من التفاعل خارج اللوحة/النص إن جاز التعبير.

التراث الحي

لم يسر صالح رضا في ركب مدمني الترويج والمتاجرة بالتراث، بل حاول أن تمتد الحالة ما بين الشكل التراثي والوجود الإنساني، كالاحتفاء بالفلاحات والنساء الشعبيات، في ما فعلنه وقدسنه، وحتى في تسليات أطفالهن، كعروس المولد التي تشبه امرأة من ريف مصر. هكذا يتم توظيف التراث من وجهة نظره، ليس سلعة للتباهي أو التباكي على ما كان، بل حياة ممتدة من جيل لآخر، بحيث يمكن عقد مقارنة بسيطة بين وجه منحوت تراه في معرض ووجه حقيقي تقابله أثناء سيرك في الطريق. أما فكرة تجاوز ما هو واقعي أو ما يوحي بالواقع، فقد كانت دوماً هي الفكرة المسيطرة على إنتاج صالح رضا، ورغم ذلك ــ أيضاً للمفارقة ــ لم يلجأ إلى الاغتراب عن الواقعي، بل اختار الأصعب، وهو التجاوز من خلال مفردات الواقعي، ولكن من خلال الخيال الجامح للفنان، وهو يقينه الأبقى.

بيبلوغرافيا

الفنان صالح رضا من مواليد القاهرة 1932. التحق بالدارسات الحرة في كلية الفنون الجميلة قسم تصوير منذ 1946 إلى 1951، ثم حصل على دبلوم كلية الفنون التطبيقية قسم الخزف 1957، وحصل على درجة الكانديدات في الخزف عام 1961 المعادلة لدرجة الدكتواره المصرية، من تشيكوسلوفاكيا.
شغل منصب نقيب الفنانين التشكيليين من عام 1978 حتى عام 1987. كذلك عمل أستاذا في كلية الفنون التطبيقية قسم الخزف جامعة حلوان عام 1992. أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية في مصر والخارج. إضافة إلى كتابة عدة مؤلفات منها.. «ملامح وقضايا في الحركة التشكيلية المعاصرة»، و»اللغة التشكيلية في القرن العشرين وعلاقاتها باللغات الأخرى».
الجوائز.. جائزة صالون القاهرة فى النحت (الجائزة الأولى) في الحفر 1966، والجائزة الأولى لبينالي الإسكندرية في الحفر، في العام نفسه، الجائزة الأولى لبينالي الإسكندرية لحوض البحر المتوسط 1968 في النحت، جائزة مهرجان الفنون التشكيلية في بغداد 1987 عن تمثال الشهيد، جائزة لجنة التحكيم من بينالي القاهرة الدولي 1992، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون التشكيلية عام 2004.

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *