بين الحرية والعزلة : أعمال تشكيلية تقترب من روح المرأة المصرية

القاهرة ــ «القدس العربي» من محمد عبد الرحيم: الكثير من التشكيليين المصريين تناولوا المرأة كموضوع لأعمالهم، وبعيداً عن الصورة المعهودة لحضورها، التي في معظم الأحيان تتوافق والنظرة السلبية لها، مهما ادّعت بعض هذه الأعمال غير ذلك، سواء قام بها فنانون أو فنانات، فادعاء التحرر من عدمه في مجتمع مضروب بحداثة رجعية في أساسها، سيجعل المرأة في مثل هذه الأعمال ليست سوى سلعة لا أكثر ولا أقل. إلا أن البعض من الفنانين يحاول تجاوز ذلك، بأن يجعل من المرأة موضوعاً فنياً وقضية وجود بالأساس، ورغم التباين الحاد في وجهة النظر، للوهلة الأولى بين الحرية والعزلة، إلا أن الفنان حاول تحقيق مثل هذا الوجود من خلالهما، عبر أعمال كل من الفنانة هبة حسين، في معرضها المعنون بـ«العزل الأكبر»، ومعرض «هي حرّة» للفنان أحمد عبد التواب.

بين الحرية والعزلة : أعمال تشكيلية تقترب من روح المرأة المصرية

[wpcc-script type=”f0735befc2bc438b91d6f4e4-text/javascript”]

القاهرة ــ «القدس العربي» من محمد عبد الرحيم: الكثير من التشكيليين المصريين تناولوا المرأة كموضوع لأعمالهم، وبعيداً عن الصورة المعهودة لحضورها، التي في معظم الأحيان تتوافق والنظرة السلبية لها، مهما ادّعت بعض هذه الأعمال غير ذلك، سواء قام بها فنانون أو فنانات، فادعاء التحرر من عدمه في مجتمع مضروب بحداثة رجعية في أساسها، سيجعل المرأة في مثل هذه الأعمال ليست سوى سلعة لا أكثر ولا أقل. إلا أن البعض من الفنانين يحاول تجاوز ذلك، بأن يجعل من المرأة موضوعاً فنياً وقضية وجود بالأساس، ورغم التباين الحاد في وجهة النظر، للوهلة الأولى بين الحرية والعزلة، إلا أن الفنان حاول تحقيق مثل هذا الوجود من خلالهما، عبر أعمال كل من الفنانة هبة حسين، في معرضها المعنون بـ«العزل الأكبر»، ومعرض «هي حرّة» للفنان أحمد عبد التواب.

العزل الأكبر

تحت هذا العنوان يأتي معرض الفنانة هبة حسين، الذي أقيم في غاليري مصر، ويبدو من العنوان أن حالة العزل هذه جاءت بعد العديد من التجارب والمحاولات، أو بمعنى آخر تدريبات العزلة، هذه العزلة التي تكاد تفارق معناها القريب، وتصبح حالة متحققة للوجود، بعيداً عن التشوّش وكل ما ينتقص من وجود وتحقق صاحبات الوجوه/اللوحات، التي حملت أسماءهن.
هذه الشخصيات، التي تتوارى خلفها الفنانة نفسها، بأن جمعتهن في صخب عزلتهن، وحيدات لكنهن أيضاً قادرات على معرفة أنفسهن أكثر، رغم حالات المعاناة والألم، وصولاً إلى هذه الحالة من التوازن.
هناك حكمة ما خلّفها الحزن ــ فكرة أن تفقد حتى تتحرر ــ فالأمر في النهاية يحتفي بالحرية، وإن كان بطريق مختلف غير مباشر. وعبر تقنية التصوير الزيتي، وألوان مختلفة تتفق وحالة كل شخصية، من حيث سيطرة لون معين يوضح حالتها، وحالة ارتضاء العزلة التي تعيشها.
فهناك الفرح والصخب وثقة الاختيار الذي يعكسه اللون الأحمر، إضافة إلى حالة الشك كما في الأزرق البارد، وهل كانت النتيجة بالفعل كما كانت تنتوي الشخصية؟ أم أنها فقدت أكثر مما تحتمل؟ العديد من الأفكار والأسئلة يمكن أن تثار كلما طالعتنا الشخصيات أكثر.
الملحوظة الأخيرة على مجمل اللوحات أنها تحمل سمات وشخوص فئة بعينها، تعايشها وتعرفها الفنانة جيداً، وقد تكون بعيدة ــ معزولة بدورها ــ عن أغلبية المصريات.
أما الفنان أحمد عبد التواب، الذي أقام معرضه في غاليري الزمالك، فهو يتفادى حالة العزلة هذه، وإيقاع السكون الذي يميز أعمال هبة حسين.
فمن خلال منحوتاته تبدو الشخصيات في حالة حركة وفعل دائمين، ما بين الرقص أو العمل، وصولاً إلى التنزه والتأمل. فلا توجد لحظات صامتة، بل إيقاع مشحون بالحركة، بداية من الفعل المتجسد، ومن خلال حركة الجسد، حتى وهو يشرد مع صاحبته في فكرة أو ذكرى ما.
أما أفعال الحرية التي جسدتها الأعمال، فهي مختلفة ومتفاوتة، سواء من حيث الشخصيات وبيئاتها المختلفة، فمن راقصة باليه إلى فلاحة في طريقها إلى الحقل، أو تقوم بتجهيز الخبز، كما هو شائع في قرى الريف المصري، بهذا يتجاوز الفنان بيئة بعينها، ويتماهى مع قضيته ــ هي حرّة ــ مع مصريات كثيرات.
وما بين العزلة والفعل الحياتي ــ العزلة تبدو فعلاً اختيارياً أيضاً ــ يحاول كل من الفنانين تجسيد وجهة النظر ومفهوم الحرية للمرأة، وإن كانت الفنانة هنا أكثر هدوءاً، نظراً لتجارب ومواقف اتخذتها، أو كوّنت من خلالها وجهة نظرها، بخلاف الاحتفاء الذكوري من الفنان في تجسيد حالات الحرية المختلفة.

بين الحرية والعزلة : أعمال تشكيلية تقترب من روح المرأة المصرية
Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *