‘);
}

الطباعة

تبيّن الدراسات التاريخيّة بأنّ الحضاراتِ الإنسانيّة القديمة كانت تتطلّع إلى نقلِ الأحداثِ والأشياءِ التي تواجهها عن طريقِ نسخها وطباعتها، فمنذ العصر الحجريّ كانَ الإنسانُ قادراً على نقلِ صورِ الحيواناتِ التي يصطادها عن طريقِ رسمها على جدرانِ كهفه، وذلك باستخدامِ عظمٍ مجوّفٍ لنفثِ الألوانِ على تلكَ الجدران، كما أنّه كانَ يتركُ أثراً على الجدرانِ بطباعةِ يده الملوثة بدماءِ الحيواناتِ التي يصطادها، ويعتقد المؤرخونَ بأنَّ بدايةَ اهتمامِ الإنسانِ بنقلِ الأشكالِ على الجدرانِ كانت بسبب رؤيته لآثارِ مخالبِ الحيواناتِ عليها، وانتباهه للأثرِ الذي تتركه الأقدامُ على الأرضِ، ممّا جعله يسعى لتقليدِ هذه الآثارِ، ومع تطوّر الحضارة الإنسانيّة ظهرَت الأختام في منطقةِ بلادِ الرافدين، وقد أطلقَ عليها آنذاك اسم “الأختام السومريّة المنبسطة” التي كانت عبارة عن نقوش محفورة على سطح الحجارة، بحيث يتم ضغطها على الطين لتعطي شكلاً متكرراً، ثمّ تطوّرت هذه الأختام في القرن السادس الميلادي، إذ اتخذت أشكالاً اسطوانيّة من الطين المشويّ بهدفِ ختمِ الوثائقِ أو للتعريفِ بالأشخاصِ والمناطقِ، فكانَ هذا الاختراع بداية فكرةِ الحصولِ على شكلٍ متكررٍ من قالبٍ واحدٍ لعمل نسخٍ متعددة.[١]

ظهور المطبعة

كان أوّل ظهور للطباعة بشكلٍ أكثر حرفيّة في الصينِ، إذ اتبعَ الرهبان الصينيون طريقة “الطباعة بالكتل”، وذلك عن طريقِ جلب كتلٍ خشبيةٍ وتغليفها بالحبر ثمّ ضغطها على الأوراق، وقد طُبعَ كتاب “The Diamond Sutra” باستخدام هذه الطريقة في عام 868م، وهو أحد أقدم الكتب المطبوعة بطريقة الكتل، وفي بداية القرن الثامن الميلادي استخدمت اليابان وكوريا قطعاً خشبيّةً منحوتةً للطباعة، حتى حصلَ ثورة في مجال الطباعة على الخشب في القرن الحادي عشر للميلاد، إذ عملَ فلّاح صينيّ يدعى بي شنغ على تطويرِ الطباعة، فاخترعَ أوّل آلة طباعة متحركة، وأنتجَ مئات الحروف الفرديّة المصنوعة من الفخّار، واستخدمَ حبراً مكوّناً من مزيجٍ يحتوي على راتنج الصنوبر، والشمع، ورماد الورق، وقد تسبب هذا الاختراع بطباعة آلاف النسخ من المستندات بسرعة كبيرة، وقبل القرن الثامن عشر استخدمت الصين أيضا نوعاً من المعدن المصنوع من البرونز أو القصدير لطباعة الكتب والعملات الورقية، وطوّرَت لاحقاً نوعاً من الآلات الطابعة المتحركة المعدنيّة في كوريا عام 1377م، أمّا في أوروبا فقد استعانَ الأوروبيون بآلات الطباعة المعدنيّة المتحركة، وبينَ عام 1440م وعام 1450م أستخدمت طريقة النقش على الخشب لطباعة النصوص.[٢]