ثقافة الفن الواقعي في أعمال المغربية سكينة النظيفي
[wpcc-script type=”b122c8d8471d4c831469785c-text/javascript”]
تتأسس الرؤى الفنية للتشكيلية سكينة النظيفي على العمق الفني والثقافي والمعرفي. وهو مسلك تشكيلي يروم البعد الجمالي المستبطن للقيم، ولمجموعة من المضامين المستمدة من الواقع. وهي بهذا المنجز تحاول إرساء التخصص المبني على الأسس الواقعية المثقلة بحمولة من العوالم المتنوعة، وبالإيحاءات والإشارات والمعاني، التي تستهدف العناصر الفنية الجديدة والمفردات التشكيلية المعاصرة، التي تؤطر المنحى الجمالي والتعبيري المكنون في كنف العملية الإبداعية ككل، وفي التوجه الثقافي. إنه مسلك في التشكيل تؤطره الرؤية البصرية والترسبات الثقافية التي تستهدف السمات الجمالية في العمل الفني الواقعي. وبذلك تهدف الفنانة التشكيلية سكينة النظيفي إلى التعبير العميق وفق منهج ثقافي شكلي بصري.
ووفق اشتغالها، تأخذ بعين الاعتبار الهواجس الداخلية والأحاسيس التي تؤطر المضامين التي تشتغل عليها، تبعثها بشكل غير مباشر إلى القارئ، لا تحدها أمكنة ولا أزمنة، لأنها ترسم لها الاستمرارية من خلال مسلك التعبير بالأشكال الواقعية بأسلوب معاصر. ولا شك أن التقنيات العالية التي توظفها المبدعة تلعب دورا محوريا في توجيه أعمالها نحو ما ترغب توصيله. كما أن مؤهلاتها الثقافية والمعرفية الكبيرة وقدراتها الفائقة تجعلها تنحت أسلوبها التشكيلي الواقعي الفريد بثبات ووفق رؤيتها الخاصة، التي تعتمد فيها طرائق متنوعة في مادتها ومختلفة المضامين والصيغ الجمالية، لتخضع لسلطة التصور التشكيلي الممنهج، حيث تتحكم في منجزاتها التشكيلية لتنتج من خلال عمليات التوظيف المتقنة للألوان والأشكال مادة فنية مليئة بالمغازي والدلالات، فتكون موفقة في ربط مجموعة من العلاقات التشكيلية بالمضامين الباطنية، والحد من مجموعة من التباينات داخل الأنساق اللونية في علاقاتها بالأشكال المختلفة والألوان المتنوعة.
الشيء الذي يمكنها من توطيد أسلوبها التحاوري بمواد معرفية وثقافية وسيطة تؤلف بينها وبين المجالات الفنية التحولية، والأشكال التعبيرية والمضامين الداخلية. لذلك تسعى من خلال الألوان لتكثيف التداخلات العلاماتية والأشكال الزخرفية والأشكال الواقعية، وبسط نوع من الانسجام بين هذه المواد والكتل التي تتراءى في أعمالها بصيغ جمالية، لتتخطى المجال التشكيلي الجاهز وتقفز إلى مجال تشكيلي مبني على أبعاد ذاتية وحسية ورؤى جمالية، تنهل من القضايا الثقافية والمعرفية والفلسفية مادتها الخصبة، التي تيسر لها جهازا لونيا، وأدوات متنوعة تشكل وسيلة دون قيد حتى تستجيب لرغباتها الحسية بشكل مطلق. وهو ما ينتج فضولا لما وراء ستار الأشكال والألوان، على مستوى المضمون وعلى مستوى المادة الجمالية، ويجعل القارئ يضع أكثر من تساؤل عن الصيغ الجمالية التي تتلاءم مع هذا التوجه المميز في التعبير بأدوات مختلفة، وبمضامين تمتح مقوماتها من الحس الثقافي والمعرفي، عبر إطار مادي إلى أبعاد فنية عميقة الدلالات.
وإذا كانت أعمال سكينة النظيفي تعج بالحركة والسمفونية المنسجمة مع كل مكونات العمل الشكلية ومع مضامينه، فإنها أيضا تحقق انسجاما في أعمالها الواقعية، التي تشكل نسقا فنيا يعكس ما تحمله ثقافتها، بكل تجلياتها وامتداداتها في عالمها التشكيلي المعاصر.
٭ ناقد تشكيلي مغربي
محمد البندوري